أخبارشئون مصرية

” سعيد جمال الدين ”  يكتب : السياحة البيئية.. طريق مصر إلى التنمية المستدامة والاقتصاد الأخضر

في يوم 6 سبتمبر، 2025 | بتوقيت 4:00 مساءً

مع تسارع التحول العالمي نحو الاقتصاد الأخضر والتنمية المستدامة، تبرز السياحة البيئية كأحد أهم المحركات القادرة على دعم الاقتصاد الوطني، وتعزيز صورة مصر كوجهة سياحية مسئولة تحافظ على مواردها الطبيعية وتدعم مجتمعاتها المحلية.

تكامل الجهود بين البيئة والسياحة

ويمثل التعاون بين القطاع البيئي والقطاع السياحي حجر الزاوية لتحقيق تنمية مستدامة حقيقية.

فالسياحة البيئية أصبحت اليوم عنصرًا أساسيًا في جذب الزوار للمحميات الطبيعية، ليس فقط بغرض الاستمتاع بجمالها، بل أيضًا لتقديم تجربة فريدة تراعي البيئة وتدعم الاقتصاد.

لذا من الأهمية والضرورة التنسيق بين وزارة البيئة والجهات السياحية لضمان تطبيق معايير الاستدامة، مثل الحد من التلوث، وترشيد استهلاك الموارد، وتشجيع إعادة التدوير، مما يعزز مكانة مصر كوجهة عالمية للسياحة الخضراء.

جهود وزارة البيئة ورؤية المستقبل

فكما نعلم إنه على مدار السنوات الخمس الماضية، بذلت وزارة البيئة جهودًا كبيرة في ترسيخ معايير السياحة البيئية والسياحة المستدامة، عبر سنّ تشريعات ووضع اشتراطات خاصة بهذا النمط السياحي.

وتعمل الوزارة حاليًا على تحويل هذه الجهود إلى فرص تسويقية وترويجية، تضع السياحة البيئية في صدارة الملفات الاستراتيجية للدولة.

التحديات والحلول

ولا تخلو الطريق إلى تحقيق هذا من تحديات، أبرزها الحاجة إلى توعية شركات السياحة والفنادق بمعايير الاستدامة، بدءًا من تقليل استخدام البلاستيك، وصولًا إلى تطبيق نظم الترشيد في المياه والطاقة.

ومن بين الحلول المطروحة تقديم الدعم الفني للفنادق لتطبيق العلامة الخضراء، إضافة إلى برنامج “الجرين ستار” المخصص لتقييم واستدامة المنشآت السياحية وفقًا لمعايير بيئية محددة.

طاقة نظيفة من أجل سياحة مستدامة

ومن هذا المنطلق فإن الدولة تعمل على استغلال بعض المواقع مثل شرم الشيخ ومرسى علم لإنشاء محطات للطاقة الشمسية، تُستخدم مباشرة في تشغيل الفنادق والمنشآت السياحية.

وهذه الخطوة لا تسهم فقط في تقليل الانبعاثات الكربونية، بل تدعم أيضًا التزامات مصر الدولية في مجال الطاقة المتجددة، وتعزز مناخ الاستثمار الأجنبي في هذا القطاع.

استثمارات في قلب المحميات الطبيعية

ويمكن من خلال المحميات الطبيعية المصرية ، أن نفتح  بابًا واسعًا للاستثمار السياحي البيئي، من خلال إقامة النُزل البيئية والمخيمات وفقًا لضوابط محددة تراعي الحفاظ على الطبيعة.

وبنظرة ثاقبة يمكن  أن تمتد هذه الاستثمارات  إلى محميات جنوب سيناء، وادي الريان، قارون، وادي دجلة، أشتوم الجميل، الصحراء البيضاء وغيرها، مما يجعل من مصر وجهة رائدة في هذا المجال عالميًا.

الفرق بين السياحة البيئية والسياحة المستدامة

ومن المهم توضيح الفارق بين المفهومين:

السياحة البيئية: تركز على زيارة المناطق الطبيعية بطريقة مسئولة تهدف للاستمتاع بالطبيعة والحفاظ عليها مع دعم المجتمعات المحلية.

السياحة المستدامة: مفهوم أشمل يضم جميع أنواع السياحة، شريطة أن تُدار بأنماط تقلل من الأثر البيئي والاجتماعي والاقتصادي السلبي.

وبلاشك فإنه يمكن تطوير المحميات والمشروعات التنموية وفقاً للضوابط البيئية  عبر دمج السكان المحليين في هذه المناطق  كشركاء أساسيين يضمنون الاستدامة الحقيقية.

المجتمعات المحلية.. شركاء النجاح

لقد أثبتت التجربة أن تمكين المجتمعات المحلية من المشاركة في الأنشطة البيئية والسياحية داخل المحميات ساعد كثيراً على تحسين أوضاعهم الاقتصادية، مع الحفاظ على الموارد الطبيعية.

هذا الدمج يعكس فلسفة التنمية المستدامة التي تجعل الإنسان جزءًا من منظومة الحفاظ على البيئة.

نحو مستقبل أخضر للسياحة المصرية

ولقد نجحت وزارة البيئة في إحداث نقلة نوعية في مفاهيم السياحة البيئية بمصر، وأصبح من الضروري تعزيز التنسيق مع القطاع السياحي لضمان استمرار هذا النجاح.

فالسياحة البيئية لم تعد رفاهية، بل باتت توجهًا عالميًا واعدًا يتماشى مع السوق العالمية ومعاييرها المتطورة.

إن تعزيز التعاون بين وزارتي البيئة والسياحة ليس فقط ضرورة لحماية الموارد الطبيعية، بل أيضًا فرصة ذهبية لوضع مصر في صدارة الدول الرائدة في السياحة البيئية والثقافية، بما ينعكس إيجابًا على الاقتصاد الوطني ويدعم رؤية مصر 2030.

دعوة للمستثمرين.. فرص واعدة تنتظر

إن مصر، بما تمتلكه من كنوز طبيعية ومقومات سياحية لا حصر لها، تقف اليوم على أعتاب مرحلة جديدة من الاستثمار الأخضر.

ومن هنا، فإنني أوجه دعوة صريحة إلى المستثمرين المحليين والأجانب للتوسع في مشروعات السياحة البيئية داخل مصر، باعتبارها سوقًا واعدة تتوافق مع التوجهات العالمية نحو الاستدامة والتحول الأخضر.

فالمحميات الطبيعية، والمناطق الساحلية والصحراوية، ليست فقط مواقع سياحية مبهرة، بل أيضًا فرص استثمارية آمنة ومربحة، تحقق عوائد اقتصادية مستدامة، وتضع المستثمر في قلب مشروع وطني يحمي البيئة ويخدم الأجيال القادمة.

إن أريد الإصلاح ما استطعت .. وما توفيقى إلا بالله عليه توكلت وإليه أنيب ، وعلى الله العلى القدير قصد السبيل

كاتب المقال

سعيد جمال الدين سرحان

عضو الجمعية العمومية لنقابة الصحفيين

رئيس مجلس الإدارة ورئيس التحرير لبوابة المحروسة الإخبارية المحروسة نيوز

مؤسس شعبة الصحافة السياحية بنقابة الصحفيين 

عضو جمعية الكتاب السياحيين المصريين

عضو جمعية كتاب البيئة والتنمية