بأقلامهم

الخبير الدولى ” علاء خليفة ” يكتب لـ ” المحروسة نيوز ” :  معضلة حرق الأسعار وتأثيرها على التجربة السياحية

في يوم 9 يناير، 2025 | بتوقيت 2:00 مساءً

في عالم السياحة، يُعد التسعير أحد أكثر العناصر حساسية وتعقيدًا. وبينما يسعى الكثير من المقاصد السياحية إلى جذب الزوار بأسعار تنافسية، تظهر مشكلة متزايدة تُعرف بـ”حرق الأسعار”، حيث يتم تخفيض التكاليف إلى أدنى حد دون تقديم قيمة تُذكر للسائح. هذه الاستراتيجية قد تُحقق مكاسب قصيرة الأمد، لكنها تُلحق ضررًا جسيمًا بسمعة المقصد السياحي واستدامة قطاع السياحة فيه.

حرق الأسعار: السعي وراء الربح السريع

تلجأ بعض المنشآت إلى تقليل الأسعار بشكل مبالغ فيه لجذب أكبر عدد ممكن من السياح، مع تجاهل الجودة والخدمات المقدمة. المشكلة هنا أن السائح قد يشعر بالاستياء عندما لا تتطابق التجربة مع توقعاته، مما يؤدي إلى تقييم سلبي وتجربة غير مرضية. الأسوأ من ذلك أن المقصد السياحي نفسه يبدأ بفقدان مكانته كوجهة مميزة ويُصبح معروفًا بـ”الرخيص”، مما يُبعد فئات السياح الباحثين عن الجودة.

لماذا السعر مشكلة إذا غابت القيمة؟

السعر بحد ذاته ليس العائق، بل القيمة التي يحصل عليها السائح مقابل هذا السعر. إذا دفع الزائر مبلغًا كبيرًا لكنه حصل على تجربة ثرية ومميزة، سيشعر بالرضا وربما يعود مجددًا. لكن إذا كان السعر منخفضًا وكانت الخدمات متواضعة أو معدومة، سيشعر بعدم الرضا، حتى لو كانت التكلفة قليلة. القاعدة الذهبية هنا هي: “السعر يصبح مشكلة فقط إذا غابت القيمة”.

الخطط التسويقية السعريّة في السياحة

لضمان تحقيق التوازن بين السعر والقيمة، يجب على المقاصد السياحية تبنّي خطط تسويقية فعالة تركز على تقديم تجربة متكاملة، بدلاً من التركيز على الأسعار فقط. من أبرز هذه الاستراتيجيات:

  1. التسعير القائم على القيمة:

بدلاً من التنافس على الأسعار، ركّز على تسليط الضوء على القيمة التي يحصل عليها السائح. قد تشمل هذه القيمة خدمات إضافية، مثل جولات سياحية، وجبات مميزة، أو تجارب ثقافية لا تُنسى.

  1. التسعير الديناميكي:

تغيير الأسعار بناءً على المواسم والطلب. على سبيل المثال، يمكن تقديم خصومات في المواسم الأقل ازدحامًا مع الحفاظ على الجودة، لجذب شريحة جديدة من السياح.

  1. إضافة القيمة بدلاً من الخصم:

بدلاً من خفض السعر، يمكن تقديم خدمات إضافية مثل ترقية الغرف أو تذاكر مجانية لأنشطة محلية. هذا يجعل السائح يشعر بأنه يحصل على قيمة أكبر دون أن تتأثر الإيرادات.

  1. التسويق للجودة:

استخدم الحملات التسويقية لتسليط الضوء على التجارب المميزة والجودة العالية التي يقدمها المقصد السياحي، لجذب فئات من السياح الذين يقدرون التجربة على التكلفة.

كيف يمكن تجاوز معضلة حرق الأسعار؟

  • تعزيز القيمة المضافة: تقديم تجارب فريدة ومخصصة، مثل الأنشطة الثقافية أو الطبيعة أو الطهي المحلي، لجذب السياح الباحثين عن الجودة.
  • تحسين التدريب والخدمات: الاستثمار في تدريب العاملين لضمان تقديم خدمات احترافية تعكس جودة المقصد السياحي.
  • خلق ولاء السائح: بناء علاقات طويلة الأمد مع الزوار عبر برامج الولاء والعروض الحصرية.
  • التوازن بين التسعير والابتكار: الجمع بين أسعار تنافسية وتجارب مبتكرة تجعل المقصد السياحي متفردًا.

لذلك فان حرق الأسعار في السياحة ليس استراتيجية مستدامة، بل هو مسار عبثي يؤدي إلى تآكل جودة الخدمات وسمعة الوجهة السياحية. ولتحقيق النجاح في هذا المجال، يجب أن يكون التركيز على تقديم قيمة حقيقية للسائح تجعل من السعر عنصرًا ثانويًا له.

لانه عندما يحصل الزائر على تجربة تُثري رحلته وتترك لديه ذكريات لا تُنسى، فإن السؤال عن التكلفة يصبح بلا معنى.

كاتب المقال
علاء خليفة
الخبير السياحي الدولي في مجال التسويق السياحي والفندقي.
محاضر في التحول الرقمي في قطاع السياحة والفنادق.
عضو المجلس السياحي المصري وعضو جمعية السياحة الثقافية.
ورئيس مجلس إدارة شركة خبراء الديجتال لادراه العمليات التسويقية الدولية بمصر والامارات.
رئيس مجلس اداره شركة EGY Trace العالميه
وعلى مدار أكثر من 35 عامًا، تدرج علاء خليفه في العديد من المناصب فى قطاع السياحة والتسويق وتنمية الأعمال في القطاع السياحي والفندقي ، وبفضل هذه الخبرة الطويلة والدراسة المتخصصة يضع خطط تسويقية وحلول استراتيجية لتسويق المقاصد العربيه والدولية و تحسين التجربة السياحية وتنفيذ حملات التسويق المشتركه والعلاقات العامة.

للتعرف وللمزيد من المقالات للكاتب  أدخل على الرابط التالى

الرئيسية

https://elmahrousanews.com/?s=%D8%B9%D9%84%D8%A7%D8%A1+%D8%AE%D9%84%D9%8A%D9%81%D8%A9+