آثار ومصرياتأخبار

“الدكتور عبد الرحيم ريحان ” يكتب لـ ” المحروسة نيوز ” : فى الذكرى 102 على اكتشاف مقبرة توت عنخ أمون ..الملك الشاب أيقونة الاكتشافات المصرية

في يوم 5 نوفمبر، 2024 | بتوقيت 2:28 صباحًا

كانت مقبرة توت عنخ أمون المدفن الملكي الوحيد الذي تم العثور عليه سليمًا في العصر الحديث فساهمت فى تسجيل شكل قبر الملك المصري ومعرفة المزيد عن الحياة فى مصر القديمة والفكر العقائدى الخاص بالبعث والخلود الذى أدى لوضع كل هذه المقتنيات الثمينة فى مقبرة لتكون مجاورة له فى العالم الآخر من أمتعة الحياة اليومية كالدمى واللعب ومجموعة أثاث مكتمل وأدوات ومعدات حربية وبوق توت عنخ آمون الشهير المصنوع من الفضة وأخر من النحاس وأدوات الصيد مما ينم عن حب الملك للصيد وكرسي العرش الوحيد الذي وصل لنا من حضارة المصريين القدماء.

كما عاش توت عنخ آمون في فترة انتقالية في تاريخ مصر القديمة حيث أتى بعد إخناتون الذي حاول توحيد آلهة مصر القديمة في شكل الإله الواحد الأحد. وتم في عهد توت عنخ أمون العودة إلى عبادة آلهة مصر القديمة المتعددة.

وترجع آثار الملك توت إلى الأسرة الثامنة عشرة أزهى عصور الدولة الحديثة حيث انفتحت البلاد على أقاليم الشرق الأدنى القديم بفضل الحملات العسكرية والعلاقات التجارية من تصدير واستيراد للموارد والمنتجات المصنعة ونشاط أهل الحرف والفنانين

مقتنيات وأسرار

شملت المقبرة 5389 قطعة أثرية ضمت 27 كفًا و427 سهمًا و12 كرسيًا صغيًرا و69 صندوقًا و34 عصا معقوفة استخرجت من غرف الدفن الأربع بما فيها قطع أثاث وجرارعطور وكشاشات ذباب وريش نعام

ويعرض بالمتحف المصرى الكبير فى قاعتين كل قاعة 7 آلاف متر مربع قناع توت عنخ آمون أهم وأعظم وأثمن قطعة أثرية فى العالم، وعدد 4 مقاصير ذهبية و 3 أسرة و4 عجلات حربية تعرض لأول مرة فى مكان واحد وتم تجميعها من المتحف المصرى بالتحرير ومتحف الأقصر والمتحف الحربى وستظل قاعة توت عنخ آمون مغلقة حتى الافتتاح الرسمي، مع عروض افتراضية عن قصة الاكتشاف وقت العثور عليها وتوثيق الصور وقت الاكتشاف

وبخصوص أسرار الاكتشاف فالمعروف إعلاميًا أن العالم البريطانى هوارد كارتر هو مكتشف المقبرة عند قيامه بحفائر علمية عند مدخل النفق المؤدى إلى قبر الملك رمسيس الرابع في وادي الملوك، لكن الحقيقة إنى كارتر كلف شاب عمره 12 سنة اسمه حسين عبد الرسول من العيلة اللى اكتشفت خبيئة المومياوات عام 1881.

وكان حسين بيجيب المية للعمال ويحطها فى أوانى فخار تحفرلها حفرة فى الأرض وأثناء الحفر عثر حسين على مدخل المقبرة يوم 4 نوفمبر 1922، وبعد الاكتشاف حط كارتر عقد من المقبرة على صدر حسين وصوره واداله الصورة

ردود فعل عالمية

استغل بعض الكتاب هذا الاكتشاف وبدأوا للترويج لما يسمى بلعنة الفراعنة وهى مجرد وهم وليس لها أي أساس علمي حيث أن الخطأ فى فتح المقبرة دون تنقيتها هي السبب في حدوث الوفيات وليست لعنة فراعنة كما صورها خيال الكتاب خاصة بعد وفاة اللورد كارنارفون ممول الاكتشاف وكان أول شخص يدخل المقبرة وتوفى بعد ذلك بمدة قصيرة متأثرًا بلدغة بعوضة وربطت الصحف آنذاك بين الاكتشاف وموته وبدأت مقولة لعنة الفراعنة وأمام الوسائل التكنولوجية الحديثة وخبرة الآثارى المصرى عبر هذه السنين لم تتكرر هذه الحوادث، وقد فسّر العلماء ما يسمى بلعنة الفراعنة بأن الأشخاص الذين يعملون في كشف المقابر المصرية القديمة يتعرضون لجرعة مكثفة من غاز الرادون وهو أحد الغازات المشعة

كما ثبت عدم صحة العبارة الذين زعموا أنها مكتوبة على قناع توت عنخ آمون ” “القوة تفتح أجنحتها لمن يستحقها والموت يفرد جناحيه لكل جبان” بل هناك نقوشًا بالهيروغليفية على القناع من الخلف النص رقم 151 من كتاب “الخروج في النهار” المشهور باسم كتاب الموتى، والقناع مصنوع من الذهب والأحجار الكريمة مثل العقيق والكوارتز واللازورد والزجاج الملون

وألهمت الاكتشافات صنّاع الموضة في عشرينيات القرن الماضي وانتشرت الرموز الفرعونية كالثعابين والطيور وأزهار اللوتس على مختلف تصميمات ملابس المشاهير وغير المشاهير، وحركت صور المقتنيات الفاخرة النزعة الاستهلاكية وظهر مصطلح “الشراء من أجل التباهي بالثراء والقوة” وليس لسد الاحتياجات الأساسية.
.وألهمت الإلهة إيزيس إحدى التماثيل الأربعة التي تحمي ضريح الملك توت عنخ آمون موجة “الفتيات العصريات” التي ظهرت بعد الحرب العالمية الأولى، وألهمت تصفيفة شعرها القصيرة وتصميم فستانها الكثير من الفتيات في عشرينيات القرن الماضي لمحاكاتها

وطبعت صورة إيزيس على الكثير من السلع، من أحمر الشفاه إلى مساحيق الوجه والعطور وكريمات الوجه
وخلدت السينما المومياوات التي تدب فيها الحياة بعد الموت وكتب الصحفى بالدرستون، أول صحفي يرى وجه الفرعون توت عنخ آمون سيناريو فيلم “المومياء” لشركة “يونيفرسال” للإنتاج وصدر الفيلم عام 1932

الولع بالحضارة المصرية

أدى اكتشاف مقبرة توت عنخ آمون إلى زيادة الولع بالحضارة المصرية الذى بدأ حين اكتشف العالم القيمة الحضارية لمصر باكتشاف خبيئة الدير البحري عام 1881 وخبيئة أمنحتب الثاني عام 1898 والتي أنشأت بما يسمى الولع بالحضارة المصرية وبدأ التفكير فى دراسة الآثار المصرية ليخصص علم خاص بمصر يطلق عليه “علم المصريات” والذى أدى بدوره إلى نشأة نمط جديد من السياحة خاص بالسياحة التاريخية يعتمدة بالدرجة الأولى على الحضارة المصرية القديمة سواءً فى زيارة معالمها على أرض مصر أو زيارة المتاحف العالمية لوجود آثار مصرية بها ثم تطور الأمر لطلب الدول المختلفة خروج هذه الأثار فى معارض بها خير سفيرة للدعاية لمصر؛ حيث يقبل على زيارتها عدد كبير من مواطني هذه الدول ومنظمي الرحلات السياحية وكثير من المهتمين بآثار مصر والولع بحضارتها مثل معرض رمسيس وذهب الفراعنة الذى جاب عدة دول ويضمّ 180 قطعة أثرية من مقتنيات المتحف المصري في التحرير من عصر الملك «رمسيس الثاني»، بالإضافة إلى تابوت الملك رمسيس الثاني من المتحف القومي للحضارة المصرية، ومعرض “توت عنخ آمون.. كنوز الفرعون الذهبى” الذى بدأ عام 2018، وزار مدينة لوس أنجلوس الأمريكية، والعاصمة الفرنسية باريس، ثم محطتها الأخيرة لندن

شخصية كارتر

هوارد كارتر، هو ابن رسام اشتهر بصوره التي رسمها للحيوانات ووصل إلى مصر في عام 1891 وعثر على ثلاثة مقابر ملكية أخرى كانت كلها فارغة قبل اكتشاف مقبرة توت عنخ أمون، وكانت له علاقات بأصحاب النفوذ إذ عمل إلى جانب الأثري الأميركي وعالم الآثار الهاوي ثيودور ديفيس، وفي عام 1907 بدأ كارتر سعيه وراء قبر الملك الشاب وهو الاكتشاف الذى ساهم في إعلاء شأن مكتشفه إذ نال كارتر دكتوراه شرفية ودعاه الرئيس الأميركي كالفن كوليدج إلى شرب الشاي معه.

الدكتور عبد الرحيم ريحان ، رئيس حملة الدفاع عن الحضارة المصرية

الدكتور عبد الرحيم ريجان