تعد المطارات اليوم واجهة الدول الأولى وأحد أهم العوامل التي تعكس مدى تقدمها وتطورها التكنولوجي. في مصر، شهدت المطارات تطورات كبيرة في السنوات الأخيرة على مستوى البنية التحتية والتكنولوجيا المستخدمة لتلبية متطلبات الركاب وزيادة الكفاءة التشغيلية. هذا التطوير يهدف إلى تحسين تجربة المسافرين ودعم رؤية مصر لتصبح مركزًا إقليميًا للطيران والسياحة. ومع التوسع المستمر في حركة الطيران وزيادة أعداد المسافرين، أصبحت المطارات تواجه تحديات متزايدة في تحسين تجربة السفر وتنظيم العمليات بفعالية. في ظل هذه الظروف، يمكن أن تلعب تقنيات الواقع المعزز (AR) وإنترنت الأشياء (IoT) دورًا محوريًا في تحسين الأداء، زيادة الإيرادات، وتعزيز تسويق الخدمات التي تقدمها المطارات. تستعرض هذه المقالة كيف يمكن لهذه التقنيات المساهمة في تطوير المطارات المزدحمة في مصر وتحسين قدرتها على تلبية احتياجات المسافرين وتحقيق الاستدامة المالية.
الواقع المعزز وتحسين تجربة المسافرين:
تعتبر تقنية الواقع المعزز (AR) واحدة من الأدوات الأكثر ابتكارًا التي يمكن أن تحول تجربة السفر إلى تجربة أكثر تفاعلاً وراحة. في المطارات المزدحمة، يمكن أن يسهم الواقع المعزز في تقليل القلق الذي يشعر به المسافرون بسبب صعوبة التنقل بين المحطات أو العثور على بوابات الصعود. من خلال دمج تطبيقات الواقع المعزز في المطارات، يمكن تقديم توجيهات بصرية تفاعلية للمسافرين عبر هواتفهم الذكية أو من خلال شاشات تفاعلية في المطار.
30% إلى 40% من الرحلات الضائعة تحدث نتيجة لصعوبة العثور على البوابات وأماكن التفتيش . يمكن للواقع المعزز تقديم مسارات واضحة باللغات المختلفة، مما يساعد المسافرين على التنقل بسهولة ويقلل من احتمالات تأخير أو فقدان الرحلات. هذه التقنية لا تعزز فقط تجربة المسافرين، بل تفتح أيضًا أبوابًا جديدة لتحقيق الإيرادات، إذ يمكن تقديم إعلانات مخصصة للمسافرين استنادًا إلى مواقعهم وتفضيلاتهم الشخصية.
دور إنترنت الأشياء في إدارة المطارات بذكاء:
إنترنت الأشياء (IoT) هو مفهوم يتمحور حول توصيل الأجهزة المادية ببعضها البعض عبر الإنترنت لجمع البيانات وتبادلها. في المطارات المزدحمة، يمكن لهذه التقنية أن تحقق تحسينات كبيرة في الكفاءة التشغيلية وإدارة الموارد.
من خلال ربط مختلف الأنظمة في المطار مثل أنظمة الأمتعة، الأمن، والتوجيه، يمكن مراقبة العمليات في الوقت الفعلي واتخاذ قرارات مستنيرة بشكل أسرع. على سبيل المثال، يمكن لأنظمة إنترنت الأشياء المدمجة مع الواقع المعزز تحسين تدفق المسافرين داخل المطار من خلال تقديم تنبيهات وإرشادات في الوقت الفعلي بناءً على البيانات التي يتم جمعها حول حركة الركاب وحالة الطوابير.
إضافةً إلى ذلك، يمكن استخدام إنترنت الأشياء في إدارة الأصول وتحسين كفاءة استهلاك الطاقة في المطارات، مما يسهم في تقليل التكاليف التشغيلية وزيادة الكفاءة.
تنمية الإيرادات من خلال التطبيقات الذكية:
بفضل تقنيات الواقع المعزز وإنترنت الأشياء، يمكن للمطارات في مصر الاستفادة من فرص جديدة لتنمية الإيرادات. أحد الأمثلة البارزة على ذلك هو تطبيقات التسوق الذكية التي تتيح للمسافرين طلب منتجات السوق الحرة عبر هواتفهم الذكية واستلامها مباشرة عند بوابات الصعود. هذا يوفر للمسافرين تجربة تسوق أكثر سلاسة ويزيد من فرص الشراء، مما يسهم في زيادة الإيرادات للمطارات. وفقًا للبيانات المتاحة، تسعى المطارات إلى تحقيق 50% من إيراداتها من مصادر غير متعلقة بالطيران ، مما يجعل هذه الابتكارات ذات أهمية كبيرة لتحقيق هذه الأهداف.
التسويق الذكي وتعزيز التفاعل مع المسافرين:
تتيح تقنيات الواقع المعزز وإنترنت الأشياء للمطارات تقديم خدمات تسويقية مخصصة تعزز من تجربة المسافرين وتزيد من مستوى التفاعل. من خلال تطبيقات الواقع المعزز، يمكن للمسافرين الحصول على توصيات مخصصة حول أفضل الأوقات للتسوق أو تناول الطعام بناءً على تفضيلاتهم وجدول رحلاتهم. كما يمكن توجيه إعلانات مخصصة للعلامات التجارية والمتاجر الموجودة داخل المطار، مما يسهم في زيادة معدلات الشراء وتحقيق إيرادات إضافية.
على سبيل المثال، يمكن دمج تقنيات الذكاء الاصطناعي (AI) في تطبيقات المطار لتقديم اقتراحات مخصصة حول الأنشطة والخدمات المتاحة، مثل الحجوزات الفندقية أو خدمات الاسترخاء مثل جلسات التدليك . هذا النوع من الخدمات لا يعزز فقط من رضا المسافرين، بل يسهم أيضًا في زيادة العائدات من خلال تقديم عروض مخصصة وإعلانات تستهدف فئات معينة من المسافرين.
تقليل التوتر وزيادة الرضا
تُعد المطارات المزدحمة بيئة مليئة بالتحديات للمسافرين، إذ غالبًا ما يشعرون بالقلق من التأخير أو فقدان الرحلات. يمكن لتقنيات الواقع المعزز وإنترنت الأشياء أن تقلل من هذا التوتر من خلال تقديم تجربة أكثر سلاسة وراحة. على سبيل المثال، يمكن للمسافرين استخدام تطبيقات تعتمد على الواقع المعزز للحصول على توجيهات دقيقة إلى بواباتهم، مما يقلل من القلق المتعلق بالتأخير ويزيد من رضاهم العام .
الاستدامة المستقبلية للمطارات المصرية
مع زيادة الطلب على تحسين تجربة المسافرين، وتحقيق إيرادات إضافية، وتحسين الكفاءة التشغيلية، يصبح تبني تقنيات الواقع المعزز وإنترنت الأشياء ضرورة للمطارات المزدحمة في مصر. هذه التقنيات لا تسهم فقط في تحسين الأداء الحالي، بل تمثل أيضًا ركيزة أساسية لاستدامة المطارات على المدى الطويل. فمن خلال تقديم تجربة سفر أكثر سلاسة وجاذبية، وزيادة الإيرادات من خلال التسويق الذكي، وتحسين الكفاءة التشغيلية، يمكن للمطارات المصرية أن تتنافس على المستوى العالمي وتعزز مكانتها كوجهة سفر مفضلة.
يمثل استخدام تقنيات الواقع المعزز وإنترنت الأشياء في المطارات فرصة كبيرة لتحسين تجربة المسافرين وزيادة الإيرادات. في مصر، حيث تشهد المطارات ازدحامًا متزايدًا وتحديات تشغيلية كبيره ، يمكن لهذه التقنيات أن تلعب دورًا محوريًا في تحسين الأداء وتقديم خدمات متميزة. بالإضافة إلى ذلك، تسهم هذه الابتكارات في تعزيز الاستدامة المالية للمطارات من خلال فتح مصادر جديدة للإيرادات وتحسين الكفاءة التشغيلية