أكد خبير الآثار الدكتور عبد الرحيم ريحان عضو المجلس الأعلى للثقافة لجنة التاريخ والآثار أن فرعون هو لقب لملك وليس إسمًا لشخص وقد انتشر هذا اللقب فى عهد رمسيس الثانى من خلال قراءة وتفسير لنص مصرى قديم ضمن معاهدة السلام بين رمسيس الثاني وخاتوسيلي ملك الحيثيين مما يدحض الآراء التى ذكرت بأن فرعون إسمًا لشخص وليس لقبًا لأحد ملوك مصر
وقد قام الدكتور محروس الصناديدى كبير الآثاريين بالمتحف القومي للحضارة المصرية بقراءة وتفسير هذا النص موضحًا الآتى:
الأولى(المربع الأخضر) بالنص وهي ذكر لقب فرعون صراحة “برعا” في صيغة المثني بعدها كلمة “عنخ وجا سنب” التي تعني صاحب القصرين العظيمين معطي الحياة والصحة، وهذه الصيغة لا تعطي إلا لكائن حي وخاصة الملوك وليس مقصود بها جماد أي القصر العظيم
وهنا ذكر قصرين لوجود عاصمتين لرمسيس الثانى “واست” الأقصر حاليًا و”بر رعمسو” قنتير حاليًا، وهذا يشير إلى أن لقب فرعون كان شهير جدًا في عهد رمسيس الثانى.
أمّا النص داخل المربع الأحمر يؤكد فيه رمسيس الثاني أنه معطى الحياة الأبدية والدوام مثل أبوه رع كل يوم، وهو ما يوضح تفسير كلمة “مسو رع” أي ابن رع اي مصرا وتؤكد لنا بدرجة كبيرة معني الآية الكريمة وَنَادَىٰ فِرْعَوْنُ فِي قَوْمِهِ قَالَ يَا قَوْمِ أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ وَهَٰذِهِ الْأَنْهَارُ تَجْرِي مِن تَحْتِي أَفَلَا تُبْصِرُونَ ” الزخرف 51
ويشير الدكتور ريحان إلى أن هذا النص يدحض الآراء التى أشارت إلى عدم وجود فرعون موسى من بين ملوك مصر القديمة، مستندين إلى أن القرآن الكريم لم يذكر فرعون معرّفًا بـ(الـ) مما يدل على أنه اسمًا لشخص وليس لقب، ويدللوا على ذلك بأن المقابر الملكية ومنها 63 مقبرة بوادي الملوك بها خراطيش ملكية ليس عليها لقب فرعون وكان بالأحرى أن يقول فرعون عمل كذا.
ومن هذه الآراء ما ذكره المهندس عاطف عزت فى كتابه ” فرعون موسى من قوم موسى” ومن نقل عنه نظريته ونسبها لنفسه، مستندًا إلى أن اسم فرعون جاء ملازمًا لشخصين من الأعلام مرة قبلهما ومرة بينهما “ولَقَدْ أَرْسَلْنَا مُوسَىٰ بِآيَاتِنَا وَسُلْطَانٍ مُّبِينٍ إِلَىٰ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَقَارُونَ ” سورة غافر آيات 23 – 24، كما جاء مصحوبًا بياء النداء “وَقَالَ مُوسَىٰ يَا فِرْعَوْنُ إِنِّي رَسُولٌ مِّن رَّبِّ الْعَالَمِين” سورة الأعراف آية 104، وهى تأتى مع أسماء الأعلام
وقد فنّد هذا الرأى جيمس هنرى برستيد ذاكرًا أن كلمة فرعون ليست اسمًا أو لقبًا وإنما مشتقة من (بر- عا) ومعناها البيت الكبير أو القصر ويشار به إلى الديوان الملكى، وقد توافق معه علماء الآثار آرثر إيفانز، آلان شورتر، آلان جاردنر
ويشير المهندس عاطف عزت إلى أن اسم فرعون أصبح لقبًا لكل من تجبّر وعلا شأنه، وامتد وشمل حتى من سبقوه، وهو أمر شائع فكثير من أسماء الأعلام مثل كسرى وقيصر والنجاشى تحولت مع مرور الوقت إلى أعلام، وربما يكون فرعون مأخوذ من اسم قبيلة فرعا الموجودة الآن فى وادى عسير غرب الجزيرة العربية كما يؤكد الدكتور كمال الصليبى، وربما يكون مشتق من الفعل فرعن أو كلمة فارع أى عال واستند إلى وصف القرآن لفرعون بالعلو فى سورة يونس آية 83 وسورة الدخان آية 31، ويستخلص المهندس عاطف عزت من ذلك أن فرعون كلمة عربية ولفظ عربى صميم جاء مع الهكسوس عبرانيين أو أعرابًا بشهادة أهل اللغة ورجال الآثار حسب رؤيته.
ويفنّد الدكتور ريحان رأى المهندس عاطف عزت بأن فرعون موسى إسم لشخص لعدم منطقية الأدلة التى اعتمد عليها التى تؤكد عدم قراءته لتاريخ مصر بدقة للتأكد من براعة قدماء المصريين فى البناء بالطوب اللبن وليس بنو إسرائيل والذى لم يكن لهم أى دور فى بناء الحضارة المصرية وتفسير التوراة وفق رؤيته كما تحمل فى طياتها إنكارًا للمعجزات الإلهية التى جاءت فى القرآن الكريم فلم يطلب نبى الله موسى أبدًا زعامة دينية بل جاء برسالة إلهية ودعوة إلى الهداية وطلب خروج بنى إسرائيل، كما أن نبى الله موسى وشعبه لم يبقوا فى سيناء بإرادتهم على حد زعمه ولكن قدّر الله عليهم ذلك نتيجة رفضهم دخول الأرض المقدسة، ولم يحدث أن قدماء المصريين قضوا على بنى إسرائيل وهم فى سيناء بل خرجوا من مصر سالمين وغرق ملك مصر الذى كان فى أثرهم وكل هذا مثبت بنصوص القرآن الكريم.
كما صوّر المهندس عاطف عزت قصة أحد ملوك مصر مع بنى إسرائيل بأنها مجرد مشاكل قبائل لم يرضوا عنها فأرادوا العودة إلى حيث أتوا أجدادهم من فلسطين، وبهذا نغلق كل شئ يخص خروج نبى الله موسى الأول حين قتل أحد المصريين لتقدير إلهى حتى يتعرف على الطريق الذى سيسلكه بعد ذلك مع بنى إسرائيل، والأمر الإلهى لهم بالخروج وتحديد الجهة المقصودة وهى الأرض المقدسة، وإذا كانت رغبتهم من البداية العودة للأرض المقدسة فلماذا رفضوا الدخول إليها وهم على أبوابها؟.