أسهل طريقة تمرضنا نفسيا وتبعدنا عن الاستمتاع بحياتنا وعن تحقيق أهدافنا.. هى طريقة تفكيرنا المثالية المتخيلة.. فمنذ الصغر نتعلم كيف نأكل ونشرب ونلبس ولا نتعلم كيف نفكر بطريقة واقعية تبعد عن المثاليات المتخيلة وتتناغم مع الحياة.
فنجد من تعشش فى رأسه مثاليات تعرقل حياته وتصدمه مع المجتمع.. من تلك الأفكار المثالية أنه من الضرورى أن تكون محبوبًا ومؤيدًا من الجميع وتُرضى كل من حولك.. وهذا لن يحدث أبدًا.. وإذا حاولت فلا تلمن إلا نفسك!.
وفكرة أن بعض تصرفات الناس خاطئة أو شريرة، ويجب عقابهم عقابًا شديدًا بدلًا من تخيل أن بعض التصرفات غير الملائمة ربما تصدر عنهم لأنهم أغبياء أو مضطربون انفعاليًا..
وهناك من يتصور أنها كارثة أو مأساة عندما لا تسير الأشياء كما نريد، أو نتوقع لها، وينسى أن علينا المحاولة بكل جهدنا لتغيير الظروف أو ضبطها بحيث تكون الأشياء مقبولة.. ومن يتصور أن شقاءنا بسبب أشياء خارجية عنا أو بفعل آخرين.
مع أن جزءًا كبيرًا من مصيرنا نحكمه نحن بآرائنا وتصرفاتنا.. وفكرة أنه من السهل والأحسن أن نواجه مصاعب الحياة ومسئولياتها بالتجنب والانسحاب متخيلين أن المواجهة السريعة تؤدى إلى آثار سيئة.
وفكرة أنه لابد أن نكون قادرين على التحدى والمنافسة والتفوق والذكاء فى كل الجوانب الممكنة بدلًا من أنه يكون ممتعًا للنفس أن يكون الإنسان متمكنًا من شيء ما يتقنه ويستمد منه الإشباع وتحقيق الذات.. وتصور أننا نتصرف بطريقةٍ معينةٍ بسبب آثار سيئة فى تربيتنا فى الماضى، وإن الماضى قدرٌ لا فكاكا منه..
مع أننا مسئولون عما يصدر منا من تصرفات وأن الماضى يمكن تجنب آثاره السيئة إذا ما عدلنا وجهات نظرنا وتصرفاتنا..
وفكرة أن يشعر الإنسان بالتعاسة وبالحزن عندما يشعر الآخرون بذلك عندما تحيق بهم مشكلة أو كارثة، بدلا من أن يتمالك الإنسان نفسه إزاء مصائب الآخرين لأنه سيكون أكثر فائدة لهم مما كان لو كان كئيبًا أو مهزومًا مثلهم..
وتصور أن السعادة البشرية والنجاح أشياء يمكن الوصول إليها دون جهد بدلا من أنه على الإنسان أن يفعل شيئًا وأن يجاهد نفسه لخلق مصادر خاصة لسعادته وأنه بمقدار الجهد المبذول بمقدار ما تتحدد غاياته..
وتخيل أن هناك مصدرًا واحدًا للسعادة وأنها كارثة إذا ما أغلق هذا المصدر أو فقد بدلا من الفكرة أن الإنسان يستطيع أن يحقق سعادته من مصادر مختلفة وأن يبدل أهدافه بأهدافٍ أخرى إذا ما تطلب الأمر ذلك.
كارثة الأفكار المثالية السابقة أنها تُصبح إحدى سمات رؤيتنا للأشياء دون التفات حقيقى لزيفها ومجافاتها للحقيقة ولطبيعة الحياة.. ونستمر فيها فنقع فى الاختلالات النفسية، وإذا ترسخت فينا فمحال أن ننجو من اعتلال نفسياتنا وتتكدر حياتنا..
فلا سبيل من تغير العالم سوى بتغيير أنفسنا أولا حتى نكسب حياتنا ونتقدم خطوات للأمام ونتمتع بصحة نفسية وبسعادة حقيقية.