جمال علم الدين
ال المستشار عبد الحكيم محسن الشربيني رئيس هيئة الدائرة الرابعة بمحكمة جنايات أسيوط ، إن الرحمة إذا ما انتزعت من القلوب وتمكنت منها القسوة واستقرت بين حنايها استحالت القلوب إلى حجارة صما بل اشد قسوة واظلم سوادا منها واخذ الظلم والعدوان والآثم والبغي والجشع والطمع يضرب باطلابه بين الناس وقسوة القلب تؤدي إلى الشقاء وقال صل الله عليه وسلم “لا تنزع الرحمة إلا من شقي ” ولقد كرم الله الإنسان وجعله خليفة في الأرض ليعمرها وعصم النفس ولقد بلغ من حرمة النفس المؤمن عند الله تعالى بأنه صل الله عليه وسلم قال ” لزوال الدنيا أهون على الله من قـ.تل المسلم ” كما قال ” لو أن أهلَ السماءِ وأهل الأرضِ اشتَرَكُوا في دمِ مُؤْمِنٍ لأكَبَّهُم اللهُ في النَّارِ “بل إنها اشد وأعظم حرمة عند الله تعالى من الكعبة المشرفة وهي ما لها من مكانة وحرمة في الإسلام وإنها لمن أعظم الذنوب بعد الشرك بالله عز وجل .
وتابع رئيس المحكمة إن القـ.تل جريمة من أبشع الجرائم توجب على مرتكبها لعنة الله وتجرده من رحمته وتودي بمقترفها إلى غضب الله وسخطه بل توعد الله القاتل عمدا وعيدا ترتعد له الفرا وترجف له القلوب وتتصدع له الأفئدة وينزعج منه أول العقول ولم يرد في أنواع الكبائر أعظم من هذا الوعيد بل ولا مثله وقال الله تعالى ” وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا ” ولكن كلا من المتهمين الأول ” حسن أحمد سعد وعادل مصطفى عيسى ” استهانا بهذا الوعد والوعيد من الله عز وجل وانتزعت الرحمة من قلبهما وشقي وهداهما شيطان نفسهما سبيل الضلال وضل وما أتهدي و قد أتاهما الله القوة والقدرة على العمل ولكل منهما حرفة يحترفها الأول يعمل نجارا والثاني يعمل حلاقا وبدلا من أن يسعيا في مناكبها ليأكلا من رزق الله حلال طيبه بما احترفاه من حرفة ويعملان ويتكسبان من كسبهما وعملهما كسبا حلالا أثرا على نفسهما إلا أن يسلكا سوء السبيل باحثين عن الكسب السريع والمال الحرام دون تعب أو كدا أو عناء وضاقت عليهما الأرض بما رحبت واطغيا إلى شيطان نفسيهما الأمارة بالسوء وأخذت بلبهما رغبتهما الجامحة في الحصول على المال بأي طريق وان كان غير مشروع بل لو كان بالاعتداء على مال امرأة عجوز تبلغ من العمر ثمانية وسبعين عاما وبها ما بها من مرض وفقر هي جارتهما في ذات المنطقة والشارع المجني عليها ” صفية محمد جلال حسن ” .
واستكمل رئيس المحكمة : أغشت الرغبة عقلهما فأعمت بصيرتهما وظنا إنها بارتدائها قرط ذهبي فان لديها مالا تحتفظ به في غرفتها بسكنها وإنها تدعي الفقر وتمكن الطمع في مال المجني عليها المسنة المريضة من قلبهما فنزع منهما الرحمة وتمكنت منهما القسوة وباء بالشقاء في الدنيا والآخرة واتبع هاؤهما وشيطان نفسيهما الأمارة بالسوء وفي اليوم السابق على حدوث الواقعة تقابل المتهمان والتقت إرادتهما بمباركة شيطانهما واتفق أن يسرقا المجني عليها سالفة الذكر غير عابئين بشيخوختها أو ضعفها أو إنها جارتهما طمعا فيما ليس لهم بحق وهو مال المجني عليها واعدا العدة لذلك إذ اعد المتهم الأول سلاح ابيض سكـ.ين ليستعمله في السرقة والدفاع عن نفسهما لمنع أي احد بالإمساك بهما أو القبض عليهما إذا انكشف أمرهما وحددا موعدا لارتكاب جريمتهما وكان ذلك في اليوم التالي لاتفاقهما بتاريخ 12 مارس 2018 واتبع خطوات الشيطان .
وتابع : ويوم ارتكاب الجريمة توجها المتهمان في الساعة السادسة صباحا و بعد أن ارتفع الضحى من الغد حيث يكون الشارع شبه خاليا من المارة إلى مسكن المجني عليها الكائن بحارة جلال المتفرع من شارع غرب البلد العمومي بدائرة قسم أول أسيوط حيث تقطن المجني عليها بالمنزل بالطابق الأرضي بإحدى الغرف ويقطن معها بالطابق العلوي نجلها أحمد عطية محمد وكانت المجني عليها معتادة ترك باب غرفتها شبه مفتوح غير مغلق تماما .. فمن يفكر في سرقة امرأة فقيرة عجوز مريضة ! ولكن المتهمان تسللا إلى غرفة المجني عليها محرزا المتهم الأول سلاحا ابيض ” سكـ.ين ” الذي أعده لذلك الغرض .
واستكمل :كانت المجني عليها مستلقية نائمة على اريكه خشبية بالغرفة واخذ المتهمان يبحثان أي مال يسرقانه بغرفتها ولم يجدا ولم يمنعهما ذلك إنهما حاولا الاقتراب منها وسرقة قرطها الذهبي وما أن اقترب منها المتهم الأول انف الذكر وهي نائمة على تلك الاريكه إلا إنها استيقظت مستغيثا بقول ” يا بوي ” فما كان من المتهم الأول إلا أن كم فاها بيده وقام المتهم الثاني دون رحمة باستلال السلاح الأبيض إحراز المتهم الأول ووجه لها 5 طعنات دون رحمة أو شفقه واستقرت بالرقبة والظهر فأحدثت بها الإصابات الثابتة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياتها قاصدين إزهاق روحها خوفا من افتضاح أمرهما أو الإمساك بهما وليتمكنا من إتمام سرقتهما قرطها الذهبي ولم يتركوها إلا بعد أن تيقنا من بلوغ مقصدهما بإزهاق روح المجني عليها ولكنه قد خاب اثر جريمة السرقة ولم يتمكنا من سرقة قرطها الذهبي لسبب لا دخل لإرادتهما فيه وهو ما إنهما سمع صوت نجل المجني عليها ينادي عليها معتقدا بأنها تستغيث لمرضها وتتألم فلاذا المتهمين خوفا بالفرار عقب أزهقهما روح المجني عليها وخوفا من الإمساك بهما ولم يتمكنا من إتمام سرقتهما وبذلك يكون كلا من المتهمين ارتكبا جناية القـ.تل العمد المرتبط بجنحة الشروع في السرقة ويكونا قد اقترفا كبائر الإثم بقـ.تل النفس التي حرم الله إلا بالحق بغيت سرقت مالها بغير الحق فلم يرحما شيخوختها ولم يتشفع لديهما ضعفها ومرضها وإنها جارتهما ومن لا يرحم لا يستحق أن يرحم ولما كان وسيظل القضاء هو الحامل لرسالة العدل والأمين على تحقيق العدالة و تطبيق القانون والقصاص لكل من اعتدي على حقه والحصن الحصين لكل من ظلم إلى أن يرد عنه ظلمه فقد وقر واستقر في يقين المحكمة أن المتهمين ارتكبا أبشع الجرائم وأشدها خطورة فزهق نفسا بغير الحق وسفك دمائها لسرقة مالها ولم يحفظا حرمة الدم والمال لجارتهما المسنة الضعيفة فوجب في حقهما القصاص العادل وهو م يضمن الحياة للمجتمع كله لردع كل من تسول له نفسه الاعتداء على النفس أو المال بغير الحق وحياة يؤمن فيها كل فردا على نفسه بأنه يعلم يقينا بان هناك قصاصا عادلا ينتظر كل من تعدى حدود الله لذلك كان يتعين أن يكون هذا الحكم رادعا وقصاصا عادلا ولتذهب نفسيهما إلى ربها لا آمنة ولا مطمئنة تتخطفها ملائكة العذاب ليصليا نار جهنم خالدين فيها وليبؤ بغضب الله ولعنته مصدقا لقول الله تعالى ” وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا ” وحيث قد استطلعت المحكمة رأي فضيلة المفتي بشان الواقعة الذي دين بها المتهمان فأفاد بأنه لا ليس فيها شبه تضرا القصاص عنهما وان جزائهما الاعـ.دام لقتلهما المجني عليها عمدا وبعد مطالعة الأوراق وسماع المرافعة والمداولة ومطالعة رأي مفتي الديار المصرية حكمت المحكمة حضوريا وبإجماع أراء أعضائها بمعاقبة كلا من ” حسن أحمد سعد و عادل مصطفى عيسى ” بالاعـ.ـدام شنـ.ـقا جزاءا لما نسب إليهما من اتهام وألزمت كلا منهما المصاريف الجنائية .