عندما بدأ الرئيس بوتين ولايته الخامسة حيث يعني ذلك بقاءه في السلطة حتى عام 2030، بدأ الجميع يتساءل متى ستتوقف الحرب الأوكرانية والا اين تتجه وهل اقتربت روسيا من تحقيق النصر المنشود، وحسم معركة المصير، خاصة بعد أن تمكنت القوات الروسية من تحقيق اختراقات جديدة في منطقة كييف مع بداية هذا العالم وبعد أن أصبحت تحكم السيطرة على المناطق التي سيطرت عليها من قبل وهي لوهانسك ودونتسيك وزابورجيا وخيرسون. علاوة بالطابع على جزيرة القرم التي ضمتها روسيا عام 2014
كذلك يخشى الغرب ان تسعى روسيا على اطالة امد الحرب بهدف السيطرة على خاركيف وميكولايف واوديسا التي زادت الهجمات عليها خلال الفترة الاخيرة. واذا استمر التقدم الروسي في ميادين القتال بنفس المعدل قد تطلب روسيا ضم كل من اجزاء من محافظة نيتروبيتروفسك. بحيث يصبح الشرق الاوكراني كاملا تحت سيطرة روسيا حيث مازالت أرى ان استيلاء روسيا على ميناء اوديسا سوف يحقق لروسيا السيطرة الكاملة على البحر الأسود ويحرم أوكرانيا من ان يكون لها تواجد على البحر الاسود وتصبح دولة مغلقة.
ولقد نشرت صحيفة وول ستريت جورنال الامريكية في مارس الماضي وثيقة تعود لعام عبارة عن اتفاق سلام مقترح اراد الروس فرضه على اوكرانيا. ومن المرجح ان تظل هذه النقاط الرئيسية فيها مطروحة هذا في حالة ان تمكنت روسيا من تحقيق نصر ميداني يتيح لها فرض شروطها.
ولعل ابرز الشروط المعلنة هو ان تكون اوكرانيا دولة محايدة بشكل دائم بعيدا عن التحالفات العسكرية. وهذا يعني انه لن يسمح لها ابدا بالانضمام للناتو. اما الشرط الثاني الذي تضمنته الوثيقة. فهو الاطاحة بالرئيس الاوكراني فلديمير زلينسكي وادارته وتشكيل حكومة تحظى صراحة بدعم الكرملين. مما يجعل اوكرانيا دولة على طراز بلا روسيا. اي تابعة لموسكو كذلك يضمن السلام الروسي المقترح ان عدد القوات المسلحة الاوكرانية بعد الحرب تقدر قوته بخمسة وثمانين الف فقط.
بالإضافة الى342 دبابة و519 قطعة مدفعية. مع منع اوكرانيا من استيراد اي اسلحة اجنبية في الخارج اما التنازل الوحيد الذي قد تقدمه روسيا في المقابل هو السماح لأوكرانيا بالانضمام الى الاتحاد الاوروبي. ولكن بالطبع ليس لحلف شمال الاطلسي. وحاليا تتسابق موسكو لتحقيق اكبر حجم ممكن من المكاسب الميدانية على ارض القتال وكسر جمود خرائط الصراع. وذلك في محاولة لتبديل موازين القوى في الفترة القائمة حتى تصبح في وضع رابح جزئيا كما تتحدث تقارير عسكرية فيما باتت تعرف بحرب الاستنزاف وحاليا فان كل المؤشرات تدل على ان الكرملين يستعد لصيف ساخن في الجولة التالية من الحرب في اوكرانيا. جولة استعدت لها موسكو بزيادة عدد قواتها البرية في الخطوط الامامية للحرب.
وطبقا لتقدير المعهد الملكي للخدمات المتحدة. حيث يخطط بوتين لزيادة عدد قواته في اوكرانيا الى نحو 600 الف جندي. وهو عدد يفوق عدد القوات الامريكية التي كانت موجودة في فيتنام في ذروة الحرب هناك 1996. ليس هذا فحسب فقد حولت روسيا اقتصادها جذريا الى اقتصاد حرب. وخصصت ميزانية عسكرية تتجاوز سبعة في المئة من الناتج المحلي الاجمالي للبلاد في 2024. اي ما يعادل نحو 104 مليار دولار امريكي. وبذلك باتت الميزانية العسكرية الروسية تساوي ميزانية المانيا وفرنسا وايطاليا الدفاعية مجتمعة تقريبا وتسيطر روسيا حاليا على نحو 20% من اراضي اوكرانيا في الشرق والجنوب. وتحقق قواتها مكاسب ملحوظة منذ فشل الهجوم المضاد في ربيع الذي شنته أوكرانيا في 2023 وحاليا امر فلاديمير بوتين القوات الروسية بتوسيع توغلها في اوكرانيا بعد سقوط بلدة افديسكا الشرقية في اقليم دونيتسك.
وقد نشرت شبكة سي ان ان تقريرا يشير الى ان روسيا في طريقها لإنتاج ذخائر مدفعية ثلاثة اضعاف ما تنتجه الولايات المتحدة واوروبا مجتمعة. حيث تنتج اليوم نحو 3 ملايين قذيفة مدفعية سنويا. ووفقا لتقديرات استخبارات الناتو حول الانتاج الدفاعي الروسي. فيما لدى الولايات المتحدة واوروبا القدرة على انتاج نحو 1200 مليون قذيفة مدفعية سنويا فقط لإرسالها لكييف. كما تتحدث التقارير عن استيراد روسيا ملايين قذائف المدفعية من كوريا الشمالية والاف المسيرات من ايران مع انتاج مئات اخرى كل شهر حيث ان ذلك أتاح لروسيا التفوق وبالتالي تدهور الوضع الاوكراني باعتراف القائد الاعلى للقوات الاوكرانية الكسندر سيرسكي مما دفع مجلس النواب الامريكي الى اقرار حزمة مساعدات لأوكرانيا بقيمة 61 مليار دولار بعد اشهر من الجمود.
لكن مشكلة المساعدات الامريكية تكمن في ان عملية الشراء والتوصيل تستغرق وقتا طويلا بعد موافقة الكونجرس عليها. وقد استغرقت الولايات المتحدة نحو 22 شهرا لأرسال اول حزمة من الاسلحة بقيمة 24 مليار دولار من مخزوناتها الى اوكرانيا. وحتى لو تم ارسال المساعدات الجديدة بضعف السرعة سيستغرق ايصال مساعدات بقيمة ثلاثة وعشرين مليار دولار عاما كاملا. وقد تستغرق عمليات شراء بعض الاسلحة الجديدة على الاقل سنة او سنتين.
ولقد مارست اوكرانيا كل انواع الضغوطات للحصول على المزيد من المساعدات الخارجية تقيها شر الهزيمة من روسيا. لكن مقالا في صحيفة فورن سيلز الامريكية اشار الى ان المساعدات الامريكية لن تكون وحدها كفيلة في انقاذ اوكرانيا. فحتى تصمد اوكرانيا يتعين على كييف بناء كتائب جديدة لإجبار روسيا على الجلوس الى طاولة المفاوضات وفي رأي اتفق معه مقال اخر في بلومبرج هذه المرة اشار الى ان بوتين لا يخشى المساعدات في اوكرانيا. لأنه يعتقد انه قادر على الصمود لمدة اطول من الفترة السابقة حيث.
تخشى الدول الغربية مجرد التفكير بما قد يجري لو انتصر فلاديمير بوتين في الحرب لدرجة الحديث عن عدم معارضة استهداف العمق الروسي بأسلحة غربية هذه تصريحات احدثت صدى كبيرا في روسيا التي قرأت فيها قرارا بمشاركة قوات غربية في الحرب وهو الامر الذي كان يرفضه الغرب من قبل ان تستخدم أوكرانيا هذه الأسلحة لضرب عمق روسيا الامر الذي يمكن ان يدفع روسيا الي استخدام الأسلحة النووية في هذه الحرب.
ويعزز هذه الآمال تزايد احتمال اعادة انتخاب دونالد ترامب رئيسا في الانتخابات الرئاسية الامريكية القادمة وتراجع دعمه للناتو. فهل تشفع خطى التنمية قدرات الدفع الذاتية بالدول الاوروبية وتقي اوكرانيا من الهزيمة ورغم ان زيارة وزير الخارجية الأمريكي مؤخرا الي أوكرانيا لدعمها معنويا على الأقل الا ان كل الحسابات ترى ان الصيف القادم حاسم لصالح روسيا علي الأرض الأوكرانية.