قد تشكل الاوهام والخيالات عاملا اساسيا في التأثير على حقيقة وواقع الشخصية وسلوكها الاجتماعي، فهى – الاوهام والخيالات – تعد سلوكا للهروب من الحقائق والاحداث الواقعية في حياة الاشخاص مما يدفع هؤلاء الاشخاص أن يكونوا شخصيات مغايرة تماما عما يبدون عليه للآخرين في حياتهم وممارساتهم الاجتماعية.
ويشكل العالم الافتراضي بيئة خصبة لتحقيق هذه الغايات المتخيلة والأوهام المرجوة لدى هؤلاء؛ ويعزز ذلك تأثير الصور الثابتة والفيديوهات بمشاهدها الحقيقية وايضا ما يكون على سبيل الدراما، وتعد مشاهد العنف الجسدي والاباحية الجنسية بتدرج صنوفها من المشاهد الاكثر اثارة للعاطفة الانسانية رفضا او قبولا وبالرغم من المحاذير الاخلاقية والمجتمعية تجاهها فمواقع العالم الافتراضي ادت إلى زعزعة هذه القاعدة الثابتة لدى العديد من الافراد والشرائح في سياقات مختلف المعايير التي تتبعها هذه المواقع وايضاً اعتياد الافراد على هذه المشاهد مما يتسبب في تخطي الحواجز الاخلاقية والاجتماعية في رفض هذه المشاهد او تلك.
وفي هذا التخطي ثمة تحولات نفسية وسلوكية تتبع الاعتياد على هذه المشاهدات وادمانها في كثير من الاحيان وذلك ما تترجمه التحولات الاجتماعية في السلوك لفظا وتعاملا، وتنبئنا بهذا مراكز الرصد والتوثيق يوميا عن ارتفاع معدلات التحرش في الاماكن العامة وبيئة العمل وحوادث العنف والاغتصاب وجرائم الشرف وجرائم القتل من اجل الاتجار بالاعضاء البشرية؛ وما يخفى في هذا الصدد اكثر مما يعلن عنه بطبيعة المجتمعات الشرقية ومحاذيرها واعرافها.
ولكن هناك نوعان من هذه الانماط يمثلان خطورة بالغة؛ النوع الأول هو الشخصية السادية وهى الشخصية التي تتلذذ بتعذيب الاخرين وايقاع الالم على الطرف الاخر، النوع الثاني الشخصية المازوخية وهى الشخصية التي تستمتع وتتلذذ بالألم والاضطهاد الواقع عليها، وقد يكون التعود على هذه المشاهد التي تجسد التعذيب والقتل والاغتصاب او الخضوع والاضطهاد الجسدى او الجنسي تأثيرا في تكوين شخصيات سادية او مازوخية، وقد تتشكل الشخصية بكلتا النقيضين السادومازوخية.
وتتدرج الممارسات السادية من المظاهر السطحية إلى المتوسطة وصولا إلى السادية العنيفة وتمثل الالفاظ الخارجة عن السياق الاخلاقي بما تحمل من عنف واهانة وايماءات جنسية او صريحة نوع من انواع السادية وارتضائها يمثل نوع من الخضوع المازوخي، وأيضا الاستمتاع بمشاهدة افلام الرعب والقتل يجعل عقل الانسان اللاواعي يقع تحت تأثير هذه الميول والدوافع السادية او المازوخية، ويتدرج الاشخاص في هذه الممارسات بحس قد يكون غير ملموس لديهم فنجدهم فجأه يمارسون افعال وردود افعال تتضح في استخدام الايدي والاقدام في التعامل مثل الركل واللكم اثناء ممارساتهم اليومية إلى أن تصل إلى العنف المقصود المسبب للخدوش الجسدية مبدأيا،
وتتطور هذه الحالات في كثير من الانماط لتصل إلى السلوك القهري والذي لا يستطع الشخص منع نفسه عن الايقاع به، اما عن المازوخية فالعبارات والالحان المتضمنة الحزن الشديد والأسى وما تحمل من دلالات تضاعف الالم النفسي والحزن المكتوم والمشاعر المختزنة في اللاوعي هي مرحلة من مستويات المازوخية والتلذذ بالآلام،
وما نستخدمه من عبارات ومسميات مستعارة اكبر دلالة على الخضوع الانساني للألم مثل طائر الاحزان الاسد الجريح الحلم المقهور كلها دلالات اجتماعية ومستويات متدرجة لمظاهر المازوخية والتي تعج بها الاستعارات والكنايات في عالمنا الافتراضي وواقعنا الفعلي، لا تتوقف هذه المظاهر المجتمعية للسادية والمازوخية بل تتخطى ذلك إلى الالعاب الالكترونية ومجالات الترفيه
وقد اثارت هذه المظاهر كثير من الاسر والمدارس وغرف الاطفال والمراهقين مثل لعبة الحوت الازرق وكسار الجمجمة والوشاح الازرق ولعبة مريم وتحدي تشارلي والعديد من الالعاب الالكترونية والتطبيقات الترفيهية على مواقع التواصل الاجتماعي إلى جروح واصابات جسدية بل وصل الامر إلى حد الانتحار والقتل بالعمد والترصد.