أخبارمنوعات

“الباحث محمود عبد الباسط “يكتب لـ “المحروسة نيوز” : مقاطعة الأسماك وماذا بعد؟

في يوم 29 أبريل، 2024 | بتوقيت 12:33 مساءً

” انتشرت في الأيام الأخيرة عبر وسائل التواصل الاجتماعي دعوات لمقاطعة شراء الأسماك بمختلف أنواعها بسبب اتهام التجار برفع الأسعار، وهو الأمر الذي أحدث حالةً من الجدل عن جدوى تلك الدعوات.

وهل حقًّا تكمن المشكلة في استغلال التجار؟ أم أن هناك متغيرات أخرى وسيطة هي السبب ولا ذنب للصيادين أو التجار فيها؟..

وكما تشير الإحصاءات الرسمية الصادرة عن وزارة الزراعة في مصر وبالأخص جهاز تنمية الثروة السمكية، فإن إنتاج مصر من الأسماك يقدر بحوالي 2 مليون طن سنويًّا، وأن هذا الإنتاج يحقق الاكتفاء الذاتي بنسبة 85%،

وأن مصر تُعتبر في المرتبة الثالثة عالميًّا في إنتاج سمك البلطي، والأولى إفريقيًّا في الاستزراع السمكي والسادسة عالميًّا. وعلى الرغم من أنها أرقام تدعو للتفاؤل،

فإن السؤال المطروح: أين المشكلة إذًا في ارتفاع أسعار الأسماك بالأسواق؟ وهل الارتفاع الجنوني في سعر الدولار له أثر مباشر على أسعار الأسماك، خاصة إذا تم الاتجاه للتصدير لتحقيق مكاسب مضاعفة بدلًا من البيع في السوق المحلي على غرار ما حدث في أزمة سعر البصل حتى تم إصدار قرار بوقف تصديره؟

ومن المعلوم أن مصادر إنتاج الأسماك في مصر هي إما من المزارع السمكية (وتمثل حوالي 80% من حجم الإنتاج) أو من المصايد الطبيعية من نشاط الصيادين في البحيرات والبحرين الأحمر والمتوسط ونهر النيل (ويمثل 20% من الإنتاج)، إضافة إلى الاستيراد سواء كان أسماكًا طازجة أو مجمدة أو مصنَّعة مثل التونة والسلمون وغيرهما.

وإذا نظرنا إلى نسبة سمك المزارع في السوق الذي يمثل حوالي 80% سنجد أن اللاعبين الأساسيين المتحكمين في سعره هم أصحاب تلك المزارع والذين يعتمدون في تربية الأسماك على الأعلاف التي يحمِّلون ارتفاع أسعارها سبب رفعهم للأسعار.. وهم بذلك لديهم يد عليا عن الصيادين بالمصايد الطبيعية..

حيث لا يمكن للصيادين بالبحار والبحيرات ونهر النيل تخزين الأسماك إذا لم يتم بيعها، ولا يملكون رفاهية إعادة تخزين أسماكهم بالبحر أو بالنيل!!

وذلك على عكس أصحاب المزارع السمكية الذين يتحكمون في الكميات المعروضة بالسوق حسب رغبتهم، لأن مزارعهم تحت سيطرتهم ولديهم مخازن طبيعية لإنتاجهم، تمامًا مثل أصحاب مزارع الدواجن والماشية.

ومن خلال القراءة السابقة لمشهد إنتاج وتوزيع الأسماك في مصر يتضح أن المتضرر الأكبر من حملة مقاطعة الأسماك هم صيادو المصايد الطبيعية الأرزقية، وهم يمثلون أقل من 20% من حجم السوق.

بينما الفئة الأكبر أصحاب المزارع وهم أكثر من 80% قد لا يتأثرون كثيرًا بهذه الدعوات لأنهم يُمسكون بحلقات السلسلة كاملة بداية من الإنتاج والتوزيع والتخزين.

والحل الأمثل لإعادة ضبط سوق الأسماك هو دعم الصيادين بالمصايد الطبيعية بشتى أنواع الدعم ليس فقط لأن أسماك المصايد الطبيعية أكثر قيمة غذائية ولكن لإحداث التوازن أمام محتكري السوق من أصحاب المزارع الذين أربكوا منظومة سوق السمك وجعلوه تحت رحمة أسعار الأعلاف تمامًا مثل الدواجن والماشية!! وللأسف باتت أيضا مؤخرًا الأعلاف تحت رحمة سعر الدولار في ظل عدم كفاية الإنتاج المحلي منها.

كاتب المقال

محمود عبد الباسط

الباحث ، عضو المكتب الإعلامى للشركة المصرية القابضة للمطارات والملاحة الجوية