منذ اندلاع الحرب، في غزة، بين القوات الإسرائيلية ومنظمات المقاومة الفلسطينية، حرصت الولايات المتحدة الأمريكية، على البقاء بعيدة عن ميدان القتال، وفجأة، قامت طائرة مسيرة بدون طيار، تابعة للقوات الموالية لإيران، بمهاجمة منطقة البرج 22، أحد النقاط التابعة للقوات الأمريكية في شمال شرق الأردن، بالمنطقة الحدودية بين الأردن وسوريا والعراق، مما نتج عنه مقتل ثلاثة جنود أمريكيين، وجرح آخرين.
وبعد أسبوع من تلك الضربة، وفي يوم 4 فبراير الجاري، جاء رد القوات الأمريكية بتنفيذ ضربة ضد 85 هدف، استغرقت مدتها 30 دقيقة، بإطلاق 125 قذيفة، من الطائرة الأمريكية الاستراتيجية B1، التي أقلعت من قواعدها الجوية في الولايات المتحدة الأمريكية، ضد 7 أهداف؛ ثلاثة منهم في العراق، وأربعة في سوريا، كلها تتبع عناصر حزب الله والحشد الشعبي في العراق وسوريا. ويومها أعلن البنتاجون الأمريكي أن الرد سيستغرق عدة أيام، وسيشمل العديد من الأهداف في الفترة القادمة. ورغم ما أعلنه من التنسيق المسبق مع السلطات العراقية، بشأن تلك الضربات، إلا أن الإدارة العراقية قد نفت أي علم لها بذلك، بل واعتبرت الضربات خرقاً للأمن القومي العراقي.
ومرة أخرى، استيقظنا فجر الأربعاء، على خبر قيام مسيرة أمريكية باستهداف سيارة مدنية، في منطقة المشتل، شرق بغداد، مما أسفر عن مقتل ثلاثة أشخاص، منهم أبو باقر الساعدي، أحد قادة كتائب حزب الله في العراق، والحاج أركان العلياوي مسؤول المعلومات في الحشد الشعبي العراقي، وهو ما أرى فيه تغير نوعي لنمط أعمال القتال الأمريكية، فبعدما استخدمت الطائرة بي 1 ضد أهداف عسكرية في العراق وسوريا، نجدها، الآن، قد بدأت مرحلة جديدة من الرد، بالاستهداف المباشر لقادة مجموعات كتائب حزب الله، وبالطبع، جماعة النجباء المسلحة، في كل من سوريا والعراق.
ورغم إعلان جماعة حزب الله والحشد الشعبي التوقف عن التعرض للقوات الأمريكية، في العراق، إلا أن تلك الضربة، الأخيرة، بالطائرة المسيرة الأمريكية، ضد قادة تلك الجماعات، قد تفتح المجال للمجموعات الموالية لإيران، في العراق وسوريا، للرد مرة أخرى، والانتقام من القوات الأمريكية، وهو ما أظن أن الإدارة العراقية سوف تحاول منعه، أو على الأقل السيطرة عليه، بكافة السبل، في الفترة القادمة، لتفادي أن تصبح الأراضي العراقية مسرحاً لعمليات قتالية، ليست هي طرف فيها، مما قد يزيد الاحتقان في المنطقة، ويهدد باشتعال الموقف برمته فيها.