تدخل مصر عامها الجديد في 2024، والتهديدات تحيط بها من كل اتجاه، وأعتقد أن التاريخ لا يذكر أن تعرضت مصر لكل هذه والتهديدات من كافة الاتجاهات الاستراتيجية في وقت واحد، مثلما يحدث الآن ونبدأ بالاتجاه الإستراتيجي الشمالي الشرقي،
حيث نجد أن الحرب الإسرائيلية مع فصائل المقاومة في غزة، والتي لم يكن أحد أن يتوقع لها أن تدوم أكثر من أسابيع. وهي الآن تدخل الشهر الثالث، ولا أحد يعرف أين ومتى وكيف ستنتهي. ورغم أن هذه الحرب قد حققت حتى الآن الكثير من الخسائر، حيث ان حوالي 40% من منازل غزة قد تم تدميرها، وتشريد أكثر من مليوني من أهالي غزة، مع استشهاد أكثر من 20الف فلسطيني، وجرح أكثر من 150الف،
وعلى الطرف الآخر، خسرت إسرائيل العديد من قتلاها من المدنيين والعسكريين، مع وجود الرهائن الإسرائيليين في يد المقاومة، وعندما نبحث عن السلام الدائم. فإنه يبدو بعيدا حتى الآن، لأن إسرائيل لم تحقق أي من أهم أهدافها التي دخلت بها الحرب، وهي القضاء على حماس وتحرير الرهائن واحتلال غزة، بينما حققت المقاومة الفلسطينية انتصارا عظيما لم تكن تحلم به، واستطاعت أن تضع جيش الدفاع الإسرائيلي في صورة سيئة أمام الشعب الإسرائيلي ومع أنظمة المخابرات الثلاثة هي الموساد والشاباك وأمان.
والآن الكل يبحث عن نهاية لهذه الحرب حيث حاولت إسرائيل ترحيل أهالي غزة إلى سيناء، وفشلت أمام إصرار الرئيس المصري على ذلك. كما أنها تحاول أن تكون لها السيطرة على غزة بعد الحرب، ولكنها توقفت أمام رفض مصر لذلك الرأي وايدتها الولايات المتحدة الأمريكية. وباقي الدول العربية،
والآن يقف الجميع أمام السؤال الهام، ما هو الحل؟ حيث تعمل مصر مع قطر للوصول إلى حل لإيقاف القتال وتبادل الأسرى، بينما ترفض إسرائيل ذلك، ولكن الولايات المتحدة رغم إعلانها عن تأييد إسرائيل في استمرار القتال حتى القضاء على حماس لكنها ترى سرعة إنهاء القتال مع نهاية شهر يناير، مع دخول بايدن حملته الانتخابية أمام الرئيس الأسبق ترامب، الذي تفوق على بايدن في الأسابيع الماضية بسبب أحداث غزة.
وعلى ذلك أعتقد أننا في شهر يناير، سنصل إلى إيقاف القتال، والبدء في وجود قيادات جديدة في الضفة الغربية وغزة، بعد إجراء انتخابات جديدة بين الفلسطينيين، حيث ترى الولايات المتحدة ذلك، ولكن سيظل هذا الاتجاه مصدر تهديد للأمن القومي المصري. في الفترة القادمة، ما لم يتم الوصول إلى حل شامل، القضية الفلسطينية في إطار الدولتين، دولة فلسطينية حدودها 4 من يونيو، 67 وعاصمتها القدس الشرقية في كل من غزة والضفة الغربية.
ثم يأتي الاتجاه الإستراتيجي الغربي نجد أن ليبيا ما زالت في حالة انقسام هناك رئيس وزراء في غرب ليبيا في طرابلس العاصمة، ورئيس وزراء في بني غازي، ومعه البرلمان الليبي، وحتى الآن لم ينجح الطرفين في تحديد توقيت لتنفيذ انتخابات. لرئيس الجمهورية والبرلمان الجديد، لتحقيق استقرار للبلاد، ولكن ذلك لن يتم مع وجود أكثر من 20الف مرتزقة تم تجميعهم من شمال سوريا. شمال أفريقيا، ووجود القوات العسكرية التركية في قاعدة بحرية وجوية، وبالطبع هذه الأمور تهدد الأمن القومي المصري.
وفي الاتجاه الاستراتيجي الجنوبي نجد أن السودان دخلت النفق المظلم بالقتال بين الجيش السوداني. بقوة 200الف مقاتل، وقوات الدعم السريع بقيادة حميدتي بقوة 100الف مقاتل، وأصبحت السودان مقسمة حيث قوات الدعم السريع تسيطر على مساحة كبيرة من الخرطوم وقوات الجيش السوداني انتقلت إلى شرق السودان في بور سودان وأصبح هناك أكثر من 5 مليون سوداني تركوا منازلهم وأصبحوا مشردين وأصبحت المستشفيات غير قادرة على تقديم أي دعم طبي للمواطنين. ورغم الجهود التي تبذلها مصر والسعودية والاتحاد الإفريقي، والإيجاد الا إنه لم تصل حتى الآن إلى أي نتيجة، وهذا بالطبع يمثل خطر مباشر للأمن القومي المصري.
وفي اتجاه الجنوب أيضا، هناك مشكلة سد النهضة التي وصلت إلى طريق مسدود، بعد عدم التوصل لأي نتيجة في مباحثات اللقاء الثالث بين الوزراء في مصر والسودان أثيوبيا، بسبب تعنت الجانب الأثيوبي، وأعلنت مصر إغلاق باب المفاوضات تماما مع الجانب الأثيوبي، وستبدأ مصر مستقبلا في اتخاذ إجراءات الأخرى للحصول على حقها من الأمن المائي، أصبح الاتجاه الجنوبي في حوض نهر النيل يمثل أيضا تهديدا للأمن القومي المصري.
ويجئ في الجنوب أيضا التهديد الجديد، حيث قام الحوثيين. في إغلاق باب المندب تحت ادعاء تهديد الملاحة الإسرائيلية إلى إيلات من باب المندب، ورغم تكوين الولايات المتحدة قوة التحالف الدولية للتصدي لتهديد الحوثيين من المسيرات والصواريخ الباليستية. من خلال القواعد العسكرية الموجودة، في جيبوتي إلا أن العديد من السفن بدأت تتجه الآن إلى المرور من خلال رأس الرجاء الصالح، وبالطبع ذلك يصبح تهديدا جديدا للأمن القومي المصري، حيث سيتأثر على دخل قناة السويس الذي وصل هذا العام. إلى 10مليار دولار، ولكني أعتقد أن هذا التهديد لن يستمر أكثر من عدة أسابيع قليلة
وفي اتجاه الشمال الشمال في البحر المتوسط فإن مصر قد نجحت في ترسيم الحدود البحرية مع قبرص واليونان، الأمر الذي أزعج تركيا. مصر تبدأ عام جديد – المصري اليوم – 31 ديسمبر 2023 أن الولايات المتحدة قد أعلنت أن نفط الخليج أمامه 15 عام قادم حتى ينفذ بينما غاز شرق المتوسط سوف يصل إلى 50 عام، الأمر الذي سيكون مطمعا للجميع. خاصة تركيا، التي فقدت الجزر التركية بعد هزيمتها في الحرب العالمية الثانية،
ولعل قيام إسرائيل بالاستيلاء على البلوك رقم 9 في المياه اللبنانية الاقتصادية، بسبب عدم وجود قوة بحرية لبنانية. تحمي حقوق لبنان، لذلك، يصبح للاتجاه الاستراتيجي الشمالي الشرقي لمصر في منطقة شرق الأبيض المتوسط، مطمعا جديدا في الأيام القادمة، خصوصا بعد رفض الحكومة الليبية. في طرابلس، الموافقة على ترسيم الحدود البحرية بين مصر وليبيا، الأمر الذي سيمنع الشركات العالمية من التنقيب في تلك المنطقة،
ولذلك قامت مصر في السنوات الماضية بإنشاء القاعدة العسكرية غرب إسكندرية، قاعدة محمد نجيب لتأمين اتجاه الغرب مع ليبيا. ثم قاعدة 2 يونيو البحرية لتأمين منطقة شرق المتوسط، خاصة بعد امتلاك مصر ثلاث فرقاطات جديدة من ألمانيا والقطعة الرابعة تصنع في ترسانة الإسكندرية، وأربع غواصات من ألمانيا وفرقاطات من فرنسا وإيطاليا، وحاملات الطائرات المسترال.
وهكذا نقول، كان الله في العون مع مصر، والقيادة السياسية المصرية التي تتعامل مع كل التهديدات في الاتجاهات الأربعة في وقت واحد، لتجنب مصر الدخول في أي حروب، مع استمرار عمليات تطوير البلاد في كافة الاتجاهات، وكلنا أمل أن يحمل معه العام الجديد 2024 السلام والاستقرار ليس لمصر فقط ولكن المنطقة كلها، والعالم بعد ان عانى الجميع من ويلات الحرب الروسية الأوكرانية والحرب الفلسطينية في الأعوام الماضية.