خرج تقرير “جلوبال فاير باور”، هذا العام، مصنفاً الجيش المصري بأنه الأقوى عربياً وأفريقياً، بمقاييس القوة والقدرة العسكرية. وأضافت القوات المسلحة المصرية شرفاً جديداً، في هذه الأيام، وهو التفوق في مجال إدارة الكوارث الطبيعية.
لم يأت هذا التفوق من فراغ، ولكن من تراكم الخبرات في هذا المجال، منذ تسعينيات القرن الماضي، عندما تعرض صعيد مصر إلى كارثة سيول جارفة، فهبت القوات المصرية لنجدة أهل الصعيد، وبانتهاء الأزمة، خرجت القوات المسلحة بنتائج لتطوير فكر وإدارة الجيش المصري، كان منها إنشاء مركز دائم لإدارة الكوارث، ودعمه بأحدث الأجهزة اللازمة، ومنها أجهزة التنبؤ بالزلازل. وفي عام 1999، تدخلت مصر في كارثة زلزال إزميت، بتركيا، وتحملت القوات المصرية عبء إدارة هذه الأزمة بالكامل، حتى كان المستشفى الميداني والمخبز الميداني هما المسئولان عن كامل عملية الإنقاذ في مدينة إزميت.
ومن مثل تلك التجارب، وضعت مصر أسلوباً متميزاً لإدارة الأزمات والكوارث، وهو ما تم تطبيقه في كارثة السيول التي اجتاحت ليبيا، فكان التحرك المصري سريعاً، بدأ باجتماع السيد رئيس الجمهورية مع قيادات وزارة الدفاع، لمتابعة خطة تقديم العون للأشقاء في ليبيا، ووجه خلاله بإيفاد وفد عسكري مصري، برئاسة رئيس الأركان، للتعرف على أبعاد الموقف، والوقوف على احتياجات الجانب الليبي، والتنسيق معهم لسرعة تقديم المعونة اللازمة.
وفي اليوم التالي، مباشرة، شهد الرئيس السيسي اصطفاف عناصر الدعم من القوات المسلحة، المشاركة في تقديم العون والإغاثة لمدينة درنا، كما أصدر قراره بإرسال حاملة الطائرات الميسترال “جمال عبد الناصر”، إلى ليبيا، في أول رحلة لها خارج مصر، لتكون مستشفى متقدم لاستقبال الحالات، ولتكون مركز قيادة لجميع عناصر القوات العسكرية المصرية في ليبيا.
ووصلت قوات الدعم المصرية، واستقبلها الأشقاء الليبيون استقبالاً عظيماً يليق بها، وعلى الفور، أقامت قواتنا أكبر مركز للإيواء، خارج مدينة درنا، شاملاً كافة الاحتياجات؛ من مقار الإقامة، والمخبز الميداني، والخدمة الطبية، مع البدء في إزالة الأنقاض، والبحث عن المفقودين. كما شارك أفراد المهندسين العسكريين في تقييم سدود درنا، لتقديم المشورة الفنية للجانب الليبي، وقام رجال الضفادع البشرية، والغطاسين المصريين من هيئة قناة السويس بالبحث عن الجثث في مياه البحر أمام مدينة درنا. وكانت لفتة كريمة من السيد الرئيس أن أمر بعودة جثامين المصريين من ليبيا، لدفنهم في أرض مصر.
وهكذا تظل القوات المسلحة المصرية هي حجر أساس المنطقة، ليس في المجال العسكري فحسب، وإنما في إدارة الكوارث.