أخبارشئون مصريةمنوعات

الخبير الإقتصادى “فتحى ندا “يكتب لـ” المحروسة نيوز “:الممر الاقتصادى مومباى – حيفا…”فنكوش”!!

في يوم 21 سبتمبر، 2023 | بتوقيت 11:15 صباحًا

(الممر الاقتصادى مومباى ..حيفا) .. “فنكوش” ..نعم الممر الاقتصادى الهند الامارات السعودية الاردن اسرائيل اوربا ” فنكوش “

بداية .. الذى حدث هو ” إعلان نوايا – مجرد مذكرة تفاهم ” تم الإعلان عنه خلال قمة قادة مجموعة العشرين التي استضافتها الهند يومي 9 و10 من سبتمبر الجاري، حول إنشاء الممر الاقتصادي بين الهند والشرق الأوسط وأوروبا “مرورا بالإمارات والسعودية” حسب ما أتت به مذكرة التفاهم التي وقعت عليها 07 سبع دول هي الهند والولايات المتحدة والسعودية والإمارات وفرنسا وألمانيا وإيطاليا

ويهدف الاتفاق لزيادة التجارة وتوفير موارد الطاقة وتحسين الاتصال الرقمي. India – Middle East – Europe Economic Corridor (IMEC) ثم إن: –

الدول الموقعة على اتفاقية الممر الاقتصادي الجديد بين الهند وأوروبا عبر الإمارات والسعودية، لم تقدم التزاما ماليا ملزما ولا جدول زمنى للتنفيذ .

ورغم ذلك وافقت على إعداد “خطة عمل” لإنشاء الممر في غضون شهرين بحسب وكالة الأناضول للأنباء. مما يثبت أن هذا “الفنكوش” في حد ذاته لم يجرى الإعداد له بدراسة جدوى إقتصادية حقيقية قبل الإعلان عنه وأن الذى جرى التخطيط له هو إحداث البلبلة السياسية والإقتصادية وممارسة الضغوط على القرار السياسي المصري.

وبالنظر الى خريطة هذا الممر المقترح ” المكذوب ” حيث (1) يبدأ من مومباي بالهند بحرا إلى ميناء دبي بالإمارات، و(2) من هناك إلى منطقة الغويفات الإماراتية بالسكك الحديدية. يمتد المسار إلى السعودية، ويصل إلى جنوب الأردن، ثم يصل إلى مدينة حيفا الساحلية ، و(3) منها إلى ميناء بيرايوس اليوناني بحرا، و(4) منه إلى أوروبا برا، من حيث التكلفة والوقت فهما كالتالى:
• تكلفة شحن بواخر في ميناء مومباى ثم تفريغها في دبى
• تكلفة شحن قطارات في دبى ثم تفريغها في حيفا
• تكلفة شحن بواخر في حيفا ثم تفريغها في اليونان
• تكلفة شحن برى في اليونان وتفريغها في دول أوروبا

ليس هذا فقط بل إن عشرات الآلاف من الحاويات التي تحملها باخرة واحدة فقط بحاجة الى مئات القطارات وآلاف الشاحنات لنقلها براً كل هذه المسافة بين دبى وحيفا، وأيضا بين اليونان ودول أوروبا.

ومن المعلوم أن تكلفة النقل البرى أعلى بكثير من النقل البحرى، فضلاً عن الأمان. وبحسابات يعلمها المتخصصين في قطاع النقل واللوجيستيات تخبرنا إن تكلفة ووقت نقل البضائع عبر هذا الممر المقترح ستكون أكثر بكثير من تكلفة نقلها ووقت عبورها عبر ممر مصر الجديد إلى خطوط التجارة العالمية “العريش – طابا”.

هذا فضلا عن تعارض المصالح لدول عديدة أخرى بخلاف مصر، حيث أن خريطة هذا الممر تتضمن أربعة 4 أجزاء،

• الأول: بري يتم بالشاحنات داخل الدول الأوروبية،

•الثانى: بالقطارات بين السعودية والإمارات والأردن وإسرائيل،

•الثالث: بحري يربط الإمارات والهند والسعودية،

•الرابع: بحري بين إسرائيل وأوروبا ،

هذه الخريطة تعزل العديد من دول المنطقة بما فيها دول داخل مجلس التعاون الخليجى إذ تجعل دول كقطر وسلطنة عمان والبحرين والكويت وهي تشكل غالبية دول الخليج خارج اللعبة بالرغم من موقعها الاستراتيجي.

أضف إلى ذلك السودان ومصر وجيبوتي واليمن التي تعد من أهم دول المنطقة التي تطل على البحر الأحمر ناهيك عن أطراف إقليمية كإيران. هذه الدول لن تتوانى عن إجهاض المخطط الذي يسعى لعزلها اقتصادياً مستقبلاً.

كذالك الصين لن تقبل بالتهميش وهي التي فجرت الصراع حول العالم بإطلاقها قبل سنوات مشروع طريق الحرير الجديد والذي يتجاوز الدول المشاركة في الممر الإقتصادى الجديد فضلاً عن محاولة تصدير خصمها اللدود الهند إلى صدارة السباق معها.

وبمراجعة الموقعين على مذكرة التفاهم تلك فلن تجد بريطانيا الحليف الطبيعى وهذا غير منطقى لأن موقعها ضمن القارة الأوروبية يحتم أن تكون أحد المستفيدين من نتائج هذا الممر الجديد،

إلا أن المنطق التجارى والإقتصادى المباشر والصريح يقضى بعدم وجود أمريكا ضمن الموقعين التي قد لا تستفيد من هذا الممر الإقتصادى الجديدة باستثناء مساعيها تسعير الصراع بين الهند والصين لضرب منافستها الاقتصادية وكذا تقديم السعودية كقربان لإسرائيل عبر تطبيع بدأت ملامحه تتشكل بزيارة وفد إسرائيل للسعودية لأول مرة وقبلها اتصالات وتعاون وتنسيق كبير تباينت أهدافه ومجالاته،

والأهم هي روسيا التي باتت ترى ضمن مجموعة العشرين تكتلاًت لعزلها وهى تحاول كسرها بتحالفات لن يكون آخرها بريكس.

والجدير بالإيضاح هو أن ما حدث خلال اجتماع مجموعة العشرين بالهند 9 و 10 سبتمبر الجارى بخصوص هذا الممر هو من قبيل الألاعيب السياسية – (المفضوحة لخبراء السياسة والإقتصاد السياسي من المصريين) – التي تُدبر في الخفاء ويتم الكشف عنها في توقيتات مدروسة ومُستهدفة ، والترويج لها عبر الإعلام المملوك لقوى إقتصادية وسياسية معروفة بهدف:-

• إحداث بلبلة سياسية وفكرية وخلق خلاف عقائدى إيديولوجي لتفتيت وحدة الرأي في الشارع المصرى خلال فترات معينة مثل فترة الانتخابات الرآسية والتخضير لها وإنجازها على مدار الفترة التي بدأت بالفعل من سبتمبر الجارى وتمتد حتى أواخر مارس 2024م بالإعلان عن رئيس مصر لمدة 06 ست سنوات قادمة تنتهى فى مارس 2030م.

• إرسال رسائل سلبية للشعب المصرى تحمل معنى ” الفشل المنتظر لكل ما أعلنت عنه القيادة الساسية من خُطط لتحويل مصر الى مركز عالمى للطاقة النظيفة والهيدروجين الأخضر والغاز والحبوب وتخزين ونقل البيانات الرقمية الضخمة Big Dataوغيرها من خطط جذب الإستثمار المباشر” والإفلات من خطر إنسحاب الأموال الساخنة وقت الأزمات.

•إرسال رسالة مباشرة للمصريين ” أن أموالكم التي أنفقتموها على قناة السويس الجديدة قد ذهبت مع الريح ” وضاعت فلوسك يا صابر”.

•إحباط الجهود المكثفة تبذلها مصر لتسريع عمليات تنفيذ ممر “العريش – طابا” اللوجيستي، ممر مصر الجديد إلى خطوط التجارة العالمية والذي تعول عليه بدعم استراتيجيتها لتكون مركزاً عالمياً لخطوط عبور التجارة الدولية، فضلاً عن دوره التنموي المرتقب لمنطقة سيناء وربطها بجميع أنحاء البلاد.

• إرسال رسالة مباشرة للمصريين أن الآمال الاقتصادية العريضة المعقودة على الشراكة مع الصين ودول مجموعة بريكس في مشروع ” طريق الحرير” وتحويل مصر الى مركز صناعة وتجارة دولى قد تبددت بفضل هذا “الفنكوش” الجديد.

• صرف نظر المستثمر الأجنبي وحتى العربى عن السوق المصرى ( الذى قد يكون مهدداً بمخططات إقتصادية أمريكية غربية مثل هذا “الفنكوش الجديد “) والتحول الى أسواق أخرى قد تكون أكثر أمناً وإستقراراً.

•يهدف كل ذلك وغيره الى دفع المزيد من الضغط على الاقتصاد بهدف إستدراج القرار السياسي الى طريق تنفيذ مخططات الأجندة الغربية في الشرق الأوسط وإفريقيا. وكذا محاولة لتعطيل أو التخفيف من أثر مساعى الصين وروسيا وأهدافهما الاقتصادية والسياسية في منطقة الشرق الأوسط وإفريقيا.

•الدعم الحقيقى للإقتصاد الوطنى والأمن القومى المصرى هو الوعي، وهذا هو رهان الضِدْ بين: القوى الإستعمار الإقتصادى والقيادة السياسية المصرية الرشيدة.

كاتب المقال التحليلى 

فتحى ندا 

الخبير الإقتصادى