شئون مصريةمنوعات

الدكتور عوض عباس رجب يكتب لــ ” المحروسة نيوز ” عن : مشروع مدراس المستقبل المصرية الدولية للغات

في يوم 27 يوليو، 2019 | بتوقيت 10:11 صباحًا

مع بداية عصر جديد للثورة المصرية لابد من الثورة علي كل الأفكار المتخلفة لسياسة التعليم المصرية سواء التعليم العالي أو التعليم الأساسي و الثانوية العامة.

لابد أن تمتد الثورة أيضا للتعليم في شتي مراحله و نحطم الأصنام البالية التي أدت لتخلف التعليم في مصر.

في عام 2004 حينما كنت عميدا لكلية السياحة والفنادق –جامعة القاهرة (فرع الفيوم) دعوت السفير  الصيني بالقاهرة لزيارة الكلية  حتى أستطيع تحفيز الحكومة الصينية علي تقديم يد العون لتدريس اللغة الصينية ضمن مقررات اللغة الثانية بالكلية حيث أن الدراسات وقتئذ أشارت إلي نمو عظيم في السياحة الصينية للمقاصد السياحية المصرية مما يستلزم الأعداد الجيد  لخريجي الكلية للمنافسة في سوق العمل .

تناول السفير الصيني في حديثة معي السياسة الحكيمة التي أتبعتها الحكومة الصينية في أعداد أبناء الشعب للمنافسة في سوق العمل العالمي فخصصت مناطق معينة أو ما يماثل المحافظات المصرية لتعلم ثقافة الشعوب المتعددة في العالم الخارجي مثل المنطقة العربية التي تدين بالدين الإسلامي و تتحدث اللغة العربية و قامت المدارس الصينية بتدريس العادات و التقاليد والثقافة العربية الإسلامية  واللغة العربية بل وصل الأمر إلي أطلاق الأسماء العربية علي الأبناء (بجانب الأسماء الصينية).

يخرج إلي سوق العمل الخريج  الصيني في مختلف التخصصات :

جميع رجال السلك الدبلوماسي الصيني في جميع الدول العربية و كذلك الدول الإسلامية هم ممن تعلموا اللغة العربية وتعلموا الثقافة و العادات والتقاليد العربية.
المهندس الصيني الذي يعمل في شركات التشييد والبناء العالمية لبناء المشروعات الكبرى مثل السدود والمطارات و المدن الجديدة ومثل مشروعات توسيع الممر المائي لقناة السويس أو مشروع شرق التفريعة بمنطقة القناة أو مشروعات التطوير في السودان الشقيق خاصة بعد اكتشاف البترول في جنوب السودان و هكذا يستطيع الخريج الصيني الذي يجيد اللغة العربية و يعرف كل شيء عن الثقافة العربية أن يعمل و يجد عملا جيدا يخدم به السياسة الصينية ويساعد أيضا علي مضاعفة الدخل القومي لجمهورية الصين.

وفي لقاء آخر لي مع سفير الاتحاد الأوروبي الذي كنت دعوته لزيارة الكلية بالفيوم للمساهمة في دعم الاتحاد الأوروبي  لتوفير و إعداد مدرسي اللغات الأوروبية (الانجليزية-الفرنسية-الألمانية-الايطالية-الاسبانية) حيث إن محافظة الفيوم تعاني من عدم وجود مدارس اللغات الخاصة و بالتالي عدم توافر مدرسي اللغات الأوروبية بالمحافظة (كان هذا الموضوع من أهم نقاط ضعف إنشاء كليات أو معاهد للسياحة والفنادق  في المحافظات المصرية مثل الفيوم-المنيا-الأقصر-أسوان- المنوفية -المنصورة-الإسماعيلية-السويس)–حيث أن عدد ساعات تدريس مقررات اللغات الأجنبية تمثل حوالي 25-30% من الساعات التدريسية الكلية بهذه الكليات والمعاهد –وكان من الصعب بل المستحيل انتداب مدرسي اللغات من محافظة القاهرة أو الإسكندرية  بتسعيرة قانون تنظيم الجامعات المصرية العتيق التي تعطي لمدرس اللغة قروش قليلة لتدريس الساعة مع ضعف مقابل بدل الانتقال من القاهرة للفيوم والذي لا يتجاوز 5-10 جنيهات في اليوم الواحد وبالتالي الأحجام الكامل عن الانتداب.

تناقشت مع سفير الاتحاد الأوروبي حول الدور الباهت الهزيل الذي يلعبه الإتحاد الأوروبي في دعم السياسة التعليمية في دول الشرق الأوسط و العالم الثالث بالمقارنة بالدور الذي تلعبه السياسة الأمريكية الشيطانية الاستعمارية …كنت أحاول تحفيزه علي دعم تدريس اللغات الأوروبية في معاهد و كليات السياحة المصرية في مختلف الجامعات و المحافظات….ولكن سفير الإتحاد الأوروبي طلب مني تقديم اقتراح محدد قابل للتنفيذ يستطيع تقديمه لمفوضية الاتحاد الأوروبي في مقرها بمدينة  بروكسل (بلجيكا).

تمثل السياحة الروسية  لمنطقة البحر الأحمر (الغردقة و شرم الشيخ و مرسي)  المرتبة الأولي أو الثانية وهي من أهم المقاصد السياحية المصرية التي يجب دعمها بتوفير الخريجين الذين يجيدون اللغة الروسية حيث أنة ثبت أن معظم العمالة في منطقة البحر الأحمر من أهل محافظات الصعيد ومنها الفيوم.

 وللمرة الثالثة دعوت السفير الروسي بالقاهرة لزيارة الكلية و دعم المركز الثقافي الروسي بالدقي لتدريس اللغة الروسية بالكلية من خلال توفير مدرسين لغة من الروس المقيمين بالقاهرة لإعداد خريجي الكلية لسوق العمل الجاذب للعمالة المدربة ممن يجيدون اللغة الروسية في منطقة البحر الأحمر.

من كل هذه الأحداث المتتابعة وبعد التعرف علي مشكلة تدريس اللغات الأجنبية  في معاهد و كليات السياحة المصرية سواء الحكومية أو الخاصة  وهي التي تعتبر عصب نجاح الخريج في الحصول علي فرصة عمل مناسبة …كان لابد من التفكير الجدي للإبداع و إيجاد حلول غير تقليدية خاصة مع اللغات النادرة الجديدة الواعدة في السوق السياحي المصرية مثل اللغات الكورية-اليابانية-الصينية- الأسكندنافيه -الروسية  -البولندية-الرومانية-السواحيلية (معظم الدول الأفريقية)-البرتغالية وغيرها

مشروع

مدارس المستقبل المصرية الدولية للغات

فكرة تشبه ما قام به الزعيم /محمد علي في عصر النهضة المصرية مع اختلاف بسيط:

محمد علي أرسل بعثات من الطلاب المصريين الي كل الدول الأوروبية …نهلوا من العلم والحضارة الأوروبية الحديثة وقتئذ وعادوا لمصر محملين بعلوم النهضة العظيمة التي حدثت في عهد محمد علي.

اليوم نطرح الفكرة بطريقة أخري وهي احتضان الدول الأوروبية و الأسيوية المتقدمة (الصين-كوريا-اليابان) للطلاب المصريين من الحضانة للجامعة في داخل مصر في حضانات المستقبل وهي مدارس المستقبل المصرية الدولية للغات.

هي نفس فكرة أنشاء الجامعة الألمانية بالقاهرة( (GUC.

الوزارات المعنية :         ( التعليم –التعليم العالي – الخارجية-التعاون الدولي)

دعوة سفارات الدول الصديقة للتعاون في توفير  مقررات دراسية  متميزة ومدرسين لغة  لتعليم مبادئ لغة بلادهم في مرحلة التعليم الأساسي حتى الثانوي كمنحة لا ترد هدية للشعب المصري لدعم أواصر التعاون في شتي المجالات بين الشعب المصري و الشعوب المختلفة الصديقة( التعليمية –الطبية –الهندسية –التكنولوجية –الفنية –السياحية -التجارية).

حكومة فنلندا تعتبر مصر هي الدولة الأولي في العالم الأكثر استخداما للتليفون المحمول من ماركة NOKIAالعالمية (أنتاج فنلندا) لذلك تعمل علي دعم المحليات في المحافظات المصرية بخبراء البيئة كما حدث من المنحة التي قدمتها لمحافظة بني سويف وهكذا باقي الحكومات الداعمة لمصر.

الفكرة:

أنشاء مدارس المستقبل للمرحلة الأساسية حتى الثانوية العامة

تقوم كل حكومة صديقة بدعم إنشاء فصل كامل (لا يزيد عدد تلاميذ الفصل الواحد عن 30 تلميذ) يتعلم فيه الدارس لغة الدولة الصديقة كلغة ثانية بجانب ما يدرس في مدارس المستقبل من علوم مختلفة…الفصل يبدأ من مرحلة الحضانة و يستمر حتى الفصل الثالث من المرحلة الثانوية(14 عاما).

تصل عدد سنوات المرحلة الأساسية والثانوية العامة  (الحضانة 2+المرحلة الابتدائية6+المرحلة الإعدادية 3+المرحلة الثانوية 3=14 عام)…فترة زمنية كافية جدا ليجيد الدارس اللغة الأجنبية وكل ما يتعلق بالعادات والتقاليد وثقافة الشعوب المختلفة  وكل ذلك مع قليل من الدراسات المتخصصة يمكن للدارس إن يكون سفيرا فوق العادة لخدمة بلدة مصر أو بلدة الثاني من الدول الراعية للمشروع.

من ذلك نجد أن الفصل الواحد يقدم عدد محدود جدا من الخريجين لا يتعدي 30 طالبا كل 14 عاما فلا يتحولوا إلي جراج البطالة للخريجين المصريين.

يدرس الطالب اللغة الأجنبية للدولة الصديقة و كذلك ثقافة  وتاريخ هذه الدولة ومعالمها السياحية والثقافية و العادات و التقاليد ونظم الحكم السائدة و كذلك يتم ترتيب زيارات صيفية لهذه الدول للتعرف علي حضارتها والتعرف علي شعوبها عن قرب.

لابد من وجود كنترول من وزارة التعليم المصرية علي كل ما يدرس في هذه الفصول حتى لا يتعارض مع الثقافة والعادات و التقاليد المصرية ولا يتعارض أيضا مع مبادئ الدين الإسلامي الحنيف و لا يتحول انتماء الطلاب المصريين للدولة الصديقة .

لا يتم فتح فصل جديد لنفس الدولة الصديقة إلا بعد انتهاء  طلاب الفصل الأول من دراستهم في المرحلة الثانوية لضمان الندرة في الخريجين وعدم البطالة بينهم(يفتح الفصل الجديد كل 14 عاما).

مع كل عام دراسي جديد يتم فتح فصول جديدة لتعليم لغات جديدة لم تكن موجودة بالمدرسة  في حالة نجاح التجربة مع ملاحظة دعم أولياء الأمور للتجربة و كذلك مدي اهتمام سفارات الدول الصديقة في دعم المشروع.

تبدأ التجربة بعدد محدود من المدارس في عدد محدود من المحافظات (القاهرة-الإسكندرية-الفيوم-الأقصر-الإسماعيلية-المنصورة) وتعمم الفكرة في حالة نجاحها و اهتمام الدول الصديقة بدعمها.

تهتم كل سفارة بطلاب الفصل الذي ينتمي إليها وتدعم الفصل بالمقررات الدراسية المناسبة للغات والمواد الثقافية  و كذلك المدرسين والمكتبات الرقمية و الوسائل التعليمية المتقدمة و  تحتفل مع الطلاب  بالأعياد و المناسبات  القومية لمصر و الدولة الأجنبية  وتقام المسابقات في شتي المجالات (التعليمية-الفنية-الاجتماعية –الرياضية-الثقافية )بين طلاب اللغات المختلفة لإزكاء روح الانتماء والحب لمصر و كذلك الدول الصديقة.

عند إعلان نتائج امتحانات الثانوية العامة  يستطيع الطلاب الاستفادة من المنح المقدمة من حكومات الدول الصديقة المشاركة في دعم مشروع مدارس المستقبل المصرية للدراسة في الجامعات الأوروبية أو الصينية واليابانية والكورية ….فيكون لدينا خريج يتعلم الهندسة ويجيد الصينية و أخر خريج للصيدلة ويجيد اللغة الألمانية و خريج ثالث يتعلم المحاسبة ويجيد اللغة الكورية .

يصبح هؤلاء الخريجين سفراء لمصر في كل الدول الصديقة و يعملوا في شتي المجالات الثقافية و السياسية والاقتصادية والعلمية والهندسية والتكنولوجية.

والطلاب الذين لا يستطيعون استكمال تعليمهم العالي و يجيدون اللغات الأجنبية النادرة سوف يجدوا السوق السياحي ينتظرهم ليحققوا فيه النجاح المفقود في عدم استكمال تعليمهم الجامعي.

الإتحاد الأوروبي:

في عام 2004 تقدمت بفكرة مدارس المستقبل لسفير الاتحاد الأوروبي في القاهرة والذي اثني علي الفكرة و قال أن هذه الفكرة يمكن نجاحها في الدول الصديقة والحليفة لدول الاتحاد الأوروبي وأنة لو يملك القرار لوافق علي الفور علي تنفيذها في مصر أولا صاحبة الفكرة ولكونها واعدة في دعم علاقات الود والمصلحة المشتركة بين دول الاتحاد الأوروبي و مصر.

مدارس الجيش للغات في السويس:

في احد البرامج التليفزيونية علي قناة المحور علمت إن الجيش المصري يقوم حاليا ببناء مدرسة للغات في محافظة السويس بتكلفة أكثر من 60 مليون جنية  حيث تقوم بتدريس اللغة الصينية لإعداد الخريجين الذين سوف يلتحقوا بالمشروعات الحيوية التي اتفقت عليها الحكومة الصينية مع الحكومة المصرية لتنمية منطقة قناة السويس و مواني السويس العديدة الواعدة في مجال التجارة العالمية و النقل البحري و الحاويات .

يظل الجيش المصري هو سد الأمان و مصدر للثقة العظيمة التي أولاها له الشعب المصري ليحميه من الأعداء و يبني المستقبل الواعد لمصر و المصريين.

 

كاتب المقال

الدكتور عوض عباس رجب

أستاذ و رئيس قسم الكيمياء الحيوية-كلية الزراعة جامعة القاهرة

العميد الأسبق كلية السياحة والفنادق جامعة القاهرة(الفيوم)

عضو لجنة قطاع التعليم السياحي الفندقي-المجلس الأعلى للجامعات

مقرر  لجنة معاهد السياحة والآثار-قطاع التعليم-وزارة التعليم العالي