أخبار عاجلةالمنطقة الحرةسلايدرشئون مصرية ومحليات

“اللواء الدكتور سمير فرج ” يكتب لـ ” المحروسة نيوز ” عن: وداعاً إنجي وعلي!!

في يوم 7 ديسمبر، 2022 | بتوقيت 6:00 مساءً

أنا من أشد المحبين للكاتب الروائي، يوسف السباعي، أحد أبرز الضباط الأحرار، في ثورة يوليو 1952، الذي قدم أروع، وأبدع، الروايات في الخمسينات والستينيات من القرن الماضي، والتي تحولت إلى أجمل الأفلام السينمائية، التي لازالت محفورة في قلوب ووجدان المصريين. ولعل من أهم روائع يوسف السباعي، رواية “رد قلبي”، التي جسد فيها نسيج المجتمع المصري، خلال ثورة 52، من خلال قصة الحب التي نشأت بين إنجي ابنة الباشا، وعلي ابن الجنايني، الذي لم يرى سبيلاً لتحقيق حلم الزواج منها، إلا برفع مكانته الاجتماعية، من خلال الالتحاق بالكلية الحربية، والانضمام لصفوف ضباط الجيش المصري.

ولما كانت الطبقية لازالت تسيطر على المجتمع المصري، حينئذ، فما كان من إنجي إلا أن ذهبت إلى أحد أصدقاء والدها، ممن يتمتعون بمكانة مرموقة في المجتمع، وطلبت منه التوسط لعلي للالتحاق بالكلية الحربية. ثم تابعنا مشهد دخول علي لإجراء كشف الهيئة، عندما همس مدير الكلية الحربية لأعضاء لجنة الاختبار، بوجود “توصية رفيعة المستوى” لقبول علي، وبالفعل تم قبوله في الكلية الحربية. ومع الأسف، رسخ هذا المشهد، في أذهان المصريين، صورة من الواقع، حينها، بأن الواسطة هي مدخل الالتحاق بالكلية الحربية، خاصة عندما يتعلق الأمر، بتقدم أحد أبناء الطبقة الوسطى وما دونها. وظل هذا المشهد يسيطر على مشاعر المصريين، لعقود طويلة، فور ظهور نتيجة الثانوية العامة، عندما تتعلق آمال الآلاف من شباب مصر، في الالتحاق بالكلية الحربية، فتتكرر تفاصيل ذلك المشهد، الذي سطره يوسف السباعي في رواية “رد قلبي”.

فيلم رد قلبى إنجى وعلى

والحقيقة أن ذلك الفكر كان سائداً منذ سبعين عاماً، عندما كانت الأسرة الملكية تُقصر الالتحاق بالكلية الحربية على أبناء الباشوات، باعتبارهم الأحق بالانضمام للجيش المصري، وكان محروماً من ذلك الشرف أبناء الطبقة الوسطى والأقل دخلاً. أما اليوم، فالوضع قد تغير تماماً، وصار الالتحاق بالكلية الحربية، مرهوناً باجتياز ثلاث اختبارات، بنجاح، الأول والأهم هو اختبار اللياقة الطبية، ثم الاختبار الرياضي، وأخيراً الاختبار النفسي، تلك الاختبارات التي يتم وضعها على أعلى مستوى من الدقة في الجيش المصري، الذي لا يسمح بأن يكون من بين ضباطه، من هم غير مؤهلين صحياً ونفسياً ورياضياً.

وحتى أن الاختيار الطبي يتم إجراؤه ثلاث مرات، الأولى عند تقدم الطالب بأوراق الالتحاق، والثاني بعد التصفية الأولى وقبل كشف الهيئة، ويتم إجراء الثالث بعد دخول الكلية خلال فترة المستجدين. وعند ظهور نتيجة الاختبار الطبي، يحق للطالب التظلم، ويعاد عرضه على مستشار طبي للقوات المسلحة، والذي يكون، غالباً، طبيب برتبة لواء، للتأكد من صلاحية الشاب المتقدم للكلية الحربية من الناحية الصحية. وبهذا نتأكد من أن تلك اختبارات الأولية، لا تعتمد على توصية إنجي لعلي، في رواية “رد قلبي”.

نعود إلى الاختبار النهائي، وهو اختبار كشف الهيئة، الذي يتم، حالياً، أمام لجنة برئاسة مدير الكلية الحربية، ومعه مديرو الكليات العسكرية الأخرى؛ الجوية والبحرية والدفاع الجوي والفنية العسكرية، وفيه يتم تقييم الطالب الحاصل على الثانوية العامة، لنثبت أن قصة علي وإنجي، قد تغيرت ما يزيد عن ثلاثين عاماً، بعدما صارت التكنولوجيا الجديدة، أحد ركائز، وسمات أسلحة ومعدات القوات المسلحة في العالم، ولتوضيح المعنى، فمنذ أكثر من 40 عاماً، كان طاقم الدبابة يتكون من أربعة أفراد مجندين، كلهم من خريجي دبلوم الصنائع، أما، الآن، فقد صار طاقم الدبابة، M1A1 المصرية-الأمريكية الصنع، كلهم جنود من خريجي كليات الهندسة، في ظل تطور في الدبابات الحربية، واعتمادها على تكنولوجيا حديثة، في غاية الدقة، وهو ما ينطبق على باقي الأسلحة مثل الإشارة، والمدفعية، والمشاة، فجميع أسلحة الجيش تطلب المجندين المسلحين بأعلى مستويات العلم والتكنولوجيا، فما بالك بمستوى الضابط.

لذا أصبح العنصر الرئيسي في كشف الهيئة للطالب المتقدم للالتحاق بالكليات العسكرية، سواء حربية أو جوية أو بحرية …. إلخ، هو قدراته العلمية، وصار التفوق، وليس النجاح فحسب، في الثانوية العامة، أحد أهم معايير القبول، وأصبح المستوى العلمي أساس اختيار ضابط المستقبل في الجيش المصري. وقد يتساءل البعض عن معايير الاختيار بين شابين حصلا على الثانوية العامة بمجموع عالٍ، وليكن 95%، والآخر بمجموع 85%، مثلاً، واجتازا كافة اختبارات اللياقة الطبية والبدنية والنفسية، وهنا يبرز دور كشف الهيئة، المعتمد بالأساس على الدرجات العلمية، التي حصل عليها الشباب في الثانوية العامة. أما توصية الباشا صديق والد إنجي، فلم يعد لها مكان في القبول في الكليات العسكرية، في القوات المسلحة المصرية، التي تعتمد في اختيار ضباطها، على التفوق العلمي، بما يتيح له القدرة على استيعاب أحدث تكنولوجيا العصر، المستخدمة في الأسلحة والمعدات الحربية.

اختبارات الكلية الحربية

لذلك عندما تفكر، أيها الشاب، في التقدم للالتحاق بالكلية الحربية، لخدمة وطنك بين صفوف ضباط القوات المسلحة، يجب أن تكون مستعداً طبياً ورياضياً ونفسياً، لاجتياز اختبارات اللياقة، وتكون على المسار السليم، في التحصيل العلمي، والتفوق الذي تثبته بمجموعك في الثانوية العامة، لتستحق ذلك الشرف الرفيع … وأخيراً، أكررها، وداعاً لقصة علي وإنجي، في رواية يوسف السباعي … “رد قلبي”، وخالص الشكر لكل من عمل على تغيير ذلك الواقع المرير على مدار العقود الماضية.

Email: [email protected]

كاتب  المقال

اللواء أركان حرب الدكتور سمير سعيد محمود فرج

هو احداً من أهم أبناء القوات المسلحة المصرية

ولد في 14 يناير في مدينة بورسعيد، لأب وأم مصريين.

تخرج، سمير فرج، من الكلية الحربية عام 1963

والتحق بسلاح المشاة، ليتدرج في المناصب العسكرية حتى منصب قائد فرقة مشاة ميكانيكي.

تخرج من كلية أركان حرب المصرية في عام 1973

والتحق بعدها بكلية كمبرلي الملكية لأركان الحرب بإنجلترا في عام 1974، وهي أكبر الكليات العسكرية في المملكة البريطانية،وواحدة من أكبر الكليات العسكرية على مستوى العالم.

فور تخرجه منها، عُين مدرساً بها، ليكون بذلك أول ضابط يُعين في هذا المنصب، من خارج دول حلف الناتو، والكومنولث البريطاني.

تولى، اللواء أركان حرب الدكتور سمير سعيد محمود فرج، ، العديد من المناصب الرئيسية في القوات المسلحة المصرية، منها هيئة العمليات، وهيئة البحوث العسكرية. وعمل مدرساً في معهد المشاة، ومدرساً بكلية القادة والأركان. كما عين مديراً لمكتب مدير عام المخابرات الحربية ورئاسة إدارة الشئون المعنوية.

تتلمذ على يده العديد من الشخصيات السياسية والعسكرية البارزة، إبان عمله مدرساً في معهد المشاة، ومدرساً في كلية القادة والأركان المصرية.

لم تقتصر حياته العملية، على المناصب العسكرية فحسب، وإنما عمل، سمير فرج، بعد انتهاء خدمته العسكرية، في العديد من المناصب المدنية حالتى الحيوية، ومنها وكيل أول وزارة السياحة، ورئيس دار الأوبرا المصرية، ومحافظ الأقصر. ويشغل حالياً منصب رئيس مجلس الإدارة والعضو المنتدب لشركة NatEnergy.

وله العديد من الكتب والمؤلفات العسكرية، خاصة فيما يخص أساليب القتال في العقيدة الغربية العسكرية. كما أن له عمود أسبوعي، يوم الخميس، في جريدة الأهرام المصرية ومقال أسبوعى يوم السبت فى جريدة أخباراليوم

 

مقالات ذات صلة