بعيداً عن الجانب المتعلق بالعلاقة التاريخية بين مصر وسوريا ووحدة المصير والعلاقة بين الشعبين السوري والمصري والتي تؤكد أن هذين الشعبين هما الأقرب لبعضهما البعض من حيث العادات والتقاليد والثقافة،،،
فالأرقام الرسمية لدى الأمم المتحدة تشير إلى أن إجمالي رأس المال المستثمر من قبل اللاجئين السوريين في مصر في الفترة منذ عام 2011 حتى الآن بلغت نحو 800 مليون دولار أمريكي، كما بلغ رجال الأعمال السوريين في مصر حوالي 30 ألف، وهناك من يعتقد أن حجم المساهمة أكبر من ذلك فكثير من الشركات السورية المستثمرة في الأسواق المصرية غير مسجلة في السجلات الرسمية، الأكثر من ذلك أن تقارير الأمم المتحدة تشير إلى أن السوريين هم على قمة المستثمرين في مصر منذ عام 2013.
الاستثمارات السورية في مصر تميزت بتنوعها ما بين المصانع الكبيرة والمشاريع الصغيرة في قطاعات متنوعة شملت المنسوجات والتكنولوجيا والأغذية وغيرها، وتفيد تلك المشاريع في تعزيز معدل الصادرات المصرية إلى الخارج وإدخال عملة صعبة للبلاد. وتشير الأرقام الدولية أن في مصر حوالي 120 ألف لاجئ سوري مسجل في حين أن الحكومة المصرية تقول أن عددهم يصل إلى نصف مليون لاجئ منتشرين في المحافظات المصرية ويتركز معظمهم في القاهرة.
السوريين حققوا نجاحاً في المساحة الضعيفة من الاقتصاد والصناعة المصرية، وهي حقل الصناعات الصغيرة والمتوسطة التي تعاني من مشاكل في الإدارة والخبرة والعمالة الفنية وهجرة المصريين لها، وبالأخص صناعة الملابس، وهي المعوقات التي تجاوزها الصناعيون السوريون من خلال الإدارة الجيدة، وخبرتهم وكفاءتهم في الإنتاج والتسويق.
وقد أسهمت استثمارات السوريين في مصر بضخ ما لا يقل عن 10 ملايين قطعة ملابس في السوق المصري شهرياً عبر مصانع الملابس السورية، تسهم في تلبية حاجة السوق المحلي وتوفير السيولة الأجنبية التي كانت مصر تنفقها سابقاً على استيراد مثل هذه الكميات من الخارج. كما انتشرت المطاعم السورية في محافظات عديدة بمصر والقاهرة بشكل لافت وصارت تنافس المطاعم المحلية. كما شهدت كل من مدينة 6 أكتوبر والتجمع الأول ومدينة نصر والشروق افتتاح معارض كبرى للمفروشات لتنافس المفروشات التركية ذات السمعة في السوق المصري،
وتُشير بيانات وزارة الاستثمار المصرية إلى أن مساهمة الاستثمارات السورية في التدفقات الاستثمارية الأجنبية في مصر شهدت تنامياً ملحوظاً منذ عام 2012 حيث بلغ عدد الشركات التي ساهم فيها المستثمرون السوريون 565 شركة برأس مال 164,6 مليون دولار. وفي عام 2013 ارتفع عدد الشركات التي ساهم فيها المستثمرون السوريون إلى 1254 شركة بإجمالي رأس مال مصدر 201,9 مليون دولار، في حين تراجع عدد الشركات ذات المساهمة السورية في عامي 2014 و2015، حيث بلغ عدد الشركات 394 و427 على التوالي بإجمالي رأس مال مصدر 110.28 مليون دولار و 207.25 مليون دولار على التوالي.
اعتمدت معظم النشاطات السورية في مصر على العمالة السورية الماهرة بشكل رئيسي في أعمالهم، وهو ما اعتبره البعض أنه أضاف عنصراً فعالاً على الاقتصاد المصري، إذ استطاع العامل رغم فراره من مآسي الحرب في سوريا من تأسيس حياة جديدة والبدء بعمل دون انتظار أي وظيفة من الدولة أو الاعتماد على مساعدات المنظمات الدولية الإغاثية.
وبالرغم من اعتبار البعض أن العمالة السورية هددت العمالة المصرية وأضافت عبئًا على معدلات البطالة لدى الشباب المصري، إلا أن الرأي الاقتصادي يقول أن الفاعلية والذاتية لدى العمالة السورية ستدفع الشباب المصري إلى الإيجابية وعدم انتظار قطار التعيينات وابتكار مجالات أخرى غير تقليدية للتكسب والإنتاج.
ومن بين فوائد العمالة السورية على الاقتصاد المصري، إضافة رقم جديد إلى الناتج المحلي في صورة سلع، لاسيما أن الشعب السوري يمتاز في قطاع المنسوجات والمفروشات، حيث أثبتوا جدارتهم في المشروعات الصغيرة والمتوسطة داخل مصر، كما أن السوريين في مصر ينتجون دون أعباء مصرفية، إذ يعتمدون على خبراتهم ومهاراتهم وجودة المنتج.
يُذكر أن السوريون اختاروا مصر للإقامة فيها بحكم العلاقة التاريخية بين الشعبين والعادات المتناسقة والموقع الجغرافي القريب، كما أن السوق المصرية تعد كبيرة مقارنة مع أسواق المنطقة العربية وتستوعب أعمالهم ومنتجاتهم ويعد موقعها الجغرافي مهم من ناحية الميزة التصديرية إلى الأسواق الإفريقية والخليجية والأوروبية.
الخلاصة أن الأرقام تشير إلى أن اللاجئين السوريين على الأراضي المصرية ساهموا بشكل أو بآخر بالاعتماد على أنفسهم في إقامة مشاريع خاصة بهم أسهمت في دفع الحركة الإنتاجية في البلاد بما يعود بالفائدة على الاقتصاد المصري…