آثار ومصرياتأخبارمنوعات

“الدكتور محمد عبد اللطيف” يكتب لـ ” المحروسة نيوز ” سلسلة مقالات بعنوان” منارات إسلامية فى البلاد العربية” : “ المسجد النبوى بالمدينة المنورة ”

في يوم 12 أبريل، 2022 | بتوقيت 2:00 مساءً

تنبع عظمة وأهمية المسجد النبوى الشريف من حيث أن اختيار مكانه ووضع أساسه وتحديد قبلته تم من قبل الرسول محمد صلى الله عليه وسلم وشاركه فى ذلك أوائل الصحابة من المهاجرين والأنصار وفى ذلك قمة التشريف والتعظيم لهذا المسجد المبارك .

كما أن الرسول محمد عليه أفضل الصلاة والسلام قال “صلاة فى مسجدى هذا أفضل من ألف صلاة فيما سواه إلا المسجد الحرام” وقد قال أيضاً “من صلى فى مسجدى أربعين صلاة لا تفوته صلاة كتبت له براءة من النار ونجاة يوم القيامة”.

ويعتبر المسجد النبوى فى المدينة المنورة فى المركز الثانى فى قدسية دور العبادة للمسلمين بعد المسجد الحرام فى مكة ، وهو أحد ثلاث مساجد تشد لها الرحال فى الدين الإسلامى ، فقد قال صلى الله عليه وسلم (لا تشد الرحال إلا إلى ثلاث مساجد المسجد الحرام ومسجدى هذا والمسجد الأقصى).

وعن بداية نشأة وتأسيس المسجد النبوى فإنه بعد وصول الرسول صلى الله عليه وسلم إلى المدينة تحيط به جماهير المسلمين من المهاجرين والأنصار فقد استقرت راحلته وهى الناقة فى مكان يقع فى وسط المدينة فقام صلى الله عليه وسلم بشراء هذه الأرض من أهلها واختارها لتكون مسجداً يجتمع فيه المسلمون لأداء صلواتهم وعباداتهم وشرع مع أصحابه فى بنائه .

وكان طول المسجد على عهد النبى 70 ذراعاً والذراع يساوى 64 سم وعرضه ستين ذراعاً ، وتم عمل أساسات المسجد من الحجارة ويجاور دار المصطفى صلى الله عليه وسلم والدار من الطوب اللبن ، وجعل له ثلاثة أبواب وسقفه من الجريد.

وكانت عمارة المسجد النبوى على مر العصور موضع اهتمام الخلفاء والملوك والسلاطين ابتداء من الرسول صلى الله عليه وسلم الذى بعد ذلك وسع فيه بنفسه وتعاقبت عليه التوسعات فى عهد سيدنا أبو بكر رضى الله عنه وكذلك فى عهد سيدنا عمر بن الخطاب وعثمان بن عفان رضى الله عنهما ،

ومن بين التوسعات الكبيرة ما قام به الخليفة الأموى الوليد بن عبد الملك فى عام 88 هـ/ 706م وأعاد بناء جدران المسجد بشكل زاده متانة وأضاف إليه أربع مآذن فى كل ركن مئذنة مربعة ، كما أنه استحدث فى هذا التجديد لأول مرة المحراب فى جدار القبلة ،

أما الخليفة العباسى الثالث وهو المهدى فقد أعاد فى عام 160 هـ/ 776م بناء المسجد فوضعه على جانب كبير من الفخامة والمتانة ، واستمر المسجد هكذا لمدة خمسمائة عام حتى حدث حريق عام 654 هـ/ 1256م.

فى عهد السلطان الظاهر بيبرس الذى أعاد بناؤه مرة أخرى على نفس النمط السابق الذى كان عليه ، كما قام أيضاً السلطان قايتباى بعمل أهم أعمال الإصلاح والصيانة فى العصر المملوكى للمسجد النبوى.

وكان ذلك فى عام 879 هـ/ 1474م ، وفى العصر العثمانى كانت هناك بصمات كثير مـن السـلاطيـن عـلى المسجـد النبـوى ومـن أبـرزهـم السلطان سليمان القانونى عام 940 هـ/ 1533م والسلطان عبد الحميد الأول عام 1187 هـ/ 1773م.

أما فى عام 1266 هـ/ 1849م فقد أعيد بناء المسجد بأكمله من والى مصر محمد على باشا وبمشاركة مهندسين من مصر وتركيا وأشرف على البناء بنفسه إبراهيم باشا ابن محمد على ، وفى هذا التجديد بنيت وغطيت بالرصاص القبة الخضراء .

أما فى عهد ملوك المملكة العربية السعودية فإن التوسعات توالت وكان أعظمها ما تم فى عهد الملك الراحل فهد بن عبد العزيز وذلك عام 1406 هـ/ 1985م حتى أصبح المسجد النبوى الشريف أكبر وأضخم مسجد فى العالم بعد المسجد الحرام فى مكة ووصلت مساحته إلى 400 ألف متر مربع وأصبح يستوعب حوالى مليون مسلم فى وقت واحد.

الأستاذ الدكتور محمد أحمد عبد اللطيف
الدكتور محمد أحمد عبد اللطيف، عميد كلية السياحة والفنادق جامعة المنصورة

بقلم

الدكتور محمد أحمد عبد اللطيف

عميد كلية السياحة والفنادق جامعة المنصورة

أستاذ الآثار الإسلامية والقبطية واليهودية بجامعة المنصورة

مساعد وزير الآثار السابق

رئيس قطاع الآثار الإسلامية والقبطية واليهودية الأسبق

بالمجلس الأعلى للآثار