إنطلقت يوم الاثنين الماضي فاعليات “المعرض الدولي للصناعات الدفاعية والعسكرية” (إيديكس 2021) “EDEX 2021″، في دورته الثانية، والذي استمر حتى اليوم 2 ديسمبر، بمشاركة أكثر من 400 شركة عارضة، تمثل 42 دولة، لعرض أحدث التقنيات في كافة مجالات الأسلحة والمعدات العسكرية، وذلك من خلال ثلاث صالات للعرض. عرضت خلاله مصر منتجاتها الحربية والعسكرية، من مصانع وزارة الإنتاج الحربي، ومصانع الهيئة العربية للتصنيع، ومصنع البصريات، ومنتجات الترسانة البحرية بالإسكندرية.
شرّف الافتتاح السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي، رئيس الجمهورية، والذي يشرُف المعرض برعاية سيادته الكريمة، منذ انعقاد دورته الأولى، في 2018، والتي شهدت نجاحاً باهراً، بمشاركة أكثر من 367 شركة، تمثل 41 دولة، ووصل حجم زائريه، حينها، إلى 10 آلاف زائر، من مختلف دول العالم. ومرة أخرى، ظهر المعرض، هذا العام، بصورة مشرفة، دفعت اللجنة العالمية، المشرفة على المعارض العسكرية، لتصنيفه ضمن أحسن عشر معارض عسكرية في العالم. وهو ما قد يثير التساؤل، عند البعض، عن قيمة هذا المعرض، وحجم الاستفادة العائدة على مصر من تنظيمه؟
وللإجابة، بصورة مبسطة، أؤكد على ضرورة تسويق الإنتاج المصري، المتميز، في مجال المعدات والأسلحة والذخائر، خاصة أن مصر تنتج، حالياً، أفضل الأسلحة والمعدات العسكرية، بعد نقل التكنولوجيا الخاصة بهذا المجال، من مختلف دول العالم. جدير بالذكر أن المصانع الحربية المصرية تم إنشاؤها في عهد الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، وعملت بصورة فعالة حتى هزيمة 67، عندما تم التركيز على شراء الأسلحة الجديدة من الاتحاد السوفيتي، وتوجهت المصانع الحربية لإنتاج السلع المعمرة، مثل البوتاجازات والسخانات والثلاجات، حتى حدثت طفرة، بعد ذلك، بإنتاج الدبابة الأمريكية من طراز M1A1. ومن المنتظر أن تنجح مصر في تسويق إنتاجها من الأسلحة والمعدات العسكرية، نظراً لكفاءتها وتنافسية أسعارها مقارنة بمثيلاتها من منتجات الدول الأخرى.
وعندما تولى الرئيس السيسي رئاسة البلاد، وجه سيادته اهتماماً خاصاً لتطوير المصانع الحربية، ذلك التوجيه الذي نفذه السيد اللواء محمد العصار، وزير الإنتاج الحربي، حينها، بتحديث وتطوير كافة المصانع الحربية، التابعة لوزارة الإنتاج الحربي، وهو ما كان سبباً في أن يصدر السيد الرئيس عبد الفتاح السيسي قراره بمنحه وشاح النيل، وترقيته إلى رتبة الفريق، بعد وفاته، تكريماً له على مسيرته العسكرية، وعلى ما بذله من جهد في تطوير المصانع الحربية.
وعلى صعيد المصانع التابعة للهيئة العربية للتصنيع، التي شهدت نهضة كبيرة عند إنشاؤها، أعقبتها كبوة بعد انسحاب الدول العربية، دفعتها، هي الأخرى، للانخراط في الصناعات المدنية، فقد شملها قرار السيد الرئيس السيسي بالتطوير، لتتماشى مع أحدث تكنولوجيا العصر، فبدأت عصراً من الاهتمام بإنتاج الأسلحة الجديدة، وتطوير العربات المدرعة. واليوم، تم عرض وإبراز إنتاج مصانعنا الحربية بالكامل، الذي استفادت فيه مصر من الخبرات الأجنبية، وأضافت عليها خبراتها القتالية المتراكمة من حرب 73، وما قبلها.
أما الاستفادة الثانية، من إقامة ذلك المعرض، فتتمثل في تعرف أجهزة تطوير الأسلحة والمعدات، بالقوات المسلحة المصرية، على كل ما هو جديد في الترسانة العسكرية في العالم. فرغم أن أعداداً من تلك الأجهزة، تشارك، كل عام العديد، في مختلف تلك المعارض الدولية، إلا أن إقامة أحدهم على أرض مصر، يتيح الفرصة، لأعداد أكبر من المتخصصين في تلك الأجهزة، للاطلاع والتعرف على كل ما هو جديد، للاستفادة من التطور العلمي العسكري في تطوير منتجات في مصانعنا الحربية.
ولا تقتصر الاستفادة على الضباط المتخصصين بالقوات المسلحة، بل تمتد لكافة الضباط، وحتى طلبة الكليات العسكرية، المتواجدون في البلد المضيفة للمعرض، في التعرف على أحدث المعدات بالترسانة العسكرية العالمية، وهو ما عشته بنفسي، أثناء دراستي بكلية كمبرلي الملكية بإنجلترا، التي أتاحت لي زيارة أول معرض عسكري، في حياتي، وأنا برتبة الرائد، وهو معرض فامبرا، فأدركت ما يمثله تنظيم تلك المعارض من أهمية للدول المستضيفة، وللمقيمين فيها.
أما الاستفادة الرابعة، فتكون في تعرف الضباط المتخصصين في أفرع البحوث العسكرية، المسؤولون، في بعض الأحيان، عن تقديم المشورة لقياداتهم، وعرض مقترحاتهم لشراء أسلحة جديدة لمصر، فتبرز أهمية مثل هذا المعرض في تعرف هؤلاء المتخصصين على التطور الجاري على مستوى العالم، في مجالات عملهم.
تمتد الاستفادة لمجالات كثيرة، لن تكفي السطور لرصدها، ولكنني أقول، أخيراً، أن نجاح مصر في إقامة هذا المعرض الدولي، هو شهادة جديدة لبلدنا الغالية، على قدراتها، وقدرة الأوفياء من أولادها، وهم كثر، في الكد والتعب وبذل الجهد، رغم الظروف العالمية المرتبطة بجائحة كورونا. فضلاً عن الشهادة لمصر بأنها بلد الأمن والأمان، بعدما نجحت، بفضل من الله، وعزيمة أبنائها المخلصين، في القضاء على الإرهاب على أراضيها، فتمكنت من استقبال ضيوفها من حوالي 40 دولة، بينهم ضيوف رفيعي المستوى كرؤساء حكومات ووزراء دفاع ورؤساء أركان حرب جيوشهم، الذين سيعودون، بالسلامة، إلى بلادهم، حاملين في أذهانهم صورة مشرفة لمصر، العظيمة، المتقدمة صناعياً، والمستقرة أمنياً.
ومن هنا أتوجه بالتحية والشكر والتقدير لجميع القائمين على تنظيم هذا المعرض الدولي، كل في موقعه، الذين حرصوا على تقديم مصر بصورة تليق بحضارة شعبها العظيم، الذي كان له شرف أن يكون له أول جيش نظامي في التاريخ.
Email: [email protected]
كاتب المقال
اللواء أركان حرب الدكتور سمير سعيد محمود فرج
واحداً من أهم أبناء القوات المسلحة المصرية.
ولد في 14 يناير في مدينة بورسعيد، لأب وأم مصريين.
تخرج، سمير فرج، من الكلية الحربية عام 1963
والتحق بسلاح المشاة، ليتدرج في المناصب العسكرية حتى منصب قائد فرقة مشاة ميكانيكي.
تخرج من كلية أركان حرب المصرية في عام 1973
والتحق بعدها بكلية كمبرلي الملكية لأركان الحرب بإنجلترا في عام 1974، وهي أكبر الكليات العسكرية في المملكة البريطانية،وواحدة من أكبر الكليات العسكرية على مستوى العالم.
فور تخرجه منها، عُين مدرساً بها، ليكون بذلك أول ضابط يُعين في هذا المنصب، من خارج دول حلف الناتو، والكومنولث البريطاني.
تولى، اللواء أركان حرب الدكتور سمير سعيد محمود فرج، ، العديد من المناصب الرئيسية في القوات المسلحة المصرية، منها هيئة العمليات، وهيئة البحوث العسكرية. وعمل مدرساً في معهد المشاة، ومدرساً بكلية القادة والأركان. كما عين مديراً لمكتب مدير عام المخابرات الحربية ورئاسة إدارة الشئون المعنوية.
تتلمذ على يده العديد من الشخصيات السياسية والعسكرية البارزة، إبان عمله مدرساً في معهد المشاة، ومدرساً في كلية القادة والأركان المصرية.
لم تقتصر حياته العملية، على المناصب العسكرية فحسب، وإنما عمل، سمير فرج، بعد انتهاء خدمته العسكرية، في العديد من المناصب المدنية الحيوية، ومنها وكيل أول وزارة السياحة، ورئيس دار الأوبرا المصرية، ومحافظ الأقصر. ويشغل حالياً منصب رئيس مجلس الإدارة والعضو المنتدب لشركة NatEnergy.
وله العديد من الكتب والمؤلفات العسكرية، خاصة فيما يخص أساليب القتال في العقيدة الغربية العسكرية. كما أن له عمود أسبوعي، يوم الخميس، في جريدة الأهرام المصرية ومقال أسبوعى يوم السبت فى جريدة أخباراليوم