فيضان النيل يحمى الكباش والطريق لمدة 3 الاف عام وبعمق 6 أمتار
سعادة غامرة مع اكتشاف اول” كبش” .. وأبو النجا وفرت نصف مليار جنيه للتمويل من اوربا
الطريق يعيد صياغة الاقصر سياحياً بزيادة أعداد السائحين والليالى والطاقة الفندقية
حوار أجراه الزميل
محمد شرابى
اذا ذكر أمامك اسم اللواء سمير فرج سيتبادر الى ذهنك على الفور عدة محطات تمثل كل منها علامات مضيئة ولكن أهمها اكتشاف طريق الكباش.. فقد ارتبط اسمه بالطريق, وعندما تتحدث مع أحد من أهالى الأقصر عن الطريق يذكر لك اسم اللواء سمير فرج, الذى ترك بصمة تاريخية بمحافظة ” طيبة” خلال 7 سنوات قضاها هناك فى خدمة الأهالى الطيبين
“وخلال حواره مع مندوب “الأهرام” فتح اللواء سمير فرج خزينة ذكرياته عن اكتشاف الطريق والارهاصات الأولى لخروج أول الكباش وتوجيهات الرئيس عبد الفتاح السيسي بإعادة احياء العمل بالطريق بعد توقفه عام 2011 بسبب ثورة يناير , فضلا عن حالة التحدى التى عاشها لمدة عامين ايمانا بفكرة وجود الطريق اسفل المبانى لمسافة تقترب من 3 كيلو مترات بعمق 6 أمتار وحالة الرفض المجتمعى للمشروع, وايضا جهود الدكتور منصور بريك مدير اثار الأقصر فى العمل الدءوب حتى الوصول للكباش وابرز الصعوبات التى واجهوها لنقل الاهالى والبازارات والزراعات.
وأشار فرج إلى دور السيدة فايزة أبو النجا وزيرة التعاون الدولى وقتها, فى توفير التمويل اللازم من الاتحاد الأوربى وقيمته نصف مليار جنيه لصرف التعويضات, مشيرا إلى أن فيضان النيل استطاع حماية الكباش بغمر الطريق بالطمى خلال 3 الاف عام ليحفظ الكباش والطريق, وأن مسافة كيلو و200 متر من ارض تابعة للاثارعليها تعديات بالبناء من ألف اسرة بين اهالى واصحاب 200 بازار ومزارعين بالأرض, الذين تم نقلهم لعمارات قريبة من المكان وتسليم شقق تمليك ولكن اغلبهم فضل اخذ تعويضات مالية لشراء اراضى زراعية مساحتها 5 قراريط.
وأوضح أن الاحتفالية سوف تظهر حجم المجهودات التى تم بذلها بالطريق طوال 7 سنوات, مشيرا إلى أن طريق الكباش سوف ينعكس على حركة السياحة بالمدينة بزيادة معدلات الحركة الوافدة إليها ومضاعفة الليالى السياحية وايضا زيادة الطاقة الفندقية بها بالتوسع بالفنادق, وغيرها من التفاصيل فى السطور التالية:
- كيف تلخص 7 سنوات هى مدة خدمتك كمحافظ بالاقصر؟
بعدما توليت مهامى بالمحافظة وضعت خطة تنمية شاملة حتى 2030 وهو تطبيقا لما تعلمته خلال حصولى على دبلومة ادارة الأعمال من أمريكا , وكانت أهداف تلك الخطة هى كل ما يخص المواطن الأقصرى من مياه وتعليم وصحة وصرف صحى واثار والسياحة , وتنمية الاستثمار حال حدوث أى طارئ بالسياحة تجد الاقصر البديل, عندما توليت كانت توجد مشكلة الكرنك وهو اكبر أثر فى العالم ومساحته 200 فدان ويغطى 3 الاف عام من التاريخ , لأن أى أثر بالعالم يخص امبراطور أو ملك بينما المعبد هو بيت الاله “آمون” وكل من يقوم بعمل شئ يأتيه ليتحث اليه بما فعله من الحفاظ على حدود البلاد أو عدم تلويث مياه النيل أو الحكم بالعدل وغير ذلك, وقطعنا شوطا بمعبد الكرنك لمدة عامين وحصلت على جائزة من اليونسكو عن احدث عمل ثقافى وتسلمت الجائزة من اليونسكو خلال مؤتمرها السنوى بالبرازيل.
- وكيف كانت البداية مع طريق الكباش؟
جاءنى الدكتور منصور بريك مدير اثار الأقصر بعد تسلمى الجائزة بعدة أشهر, وقال لى :عندنا حلم اسمه طريق الكباش يربط بين معبدى الأقصر ومعابد الكرنك بطول 2 كيلو و700 متر وكانت المأساة عندما ذهبت لتفقد المنطقة فوجدت مسافة كيلو و200 متر اشغالات فوق الطريق من الأهالى المقيمين وبازارات وعمارات 3 أدوار وعشش , فالجزء الأول من الطريق كان مقاما عليه قسم الشرطة تم بناءه منذ عام 1945 أى وقت الحرب العامية الثانية ومبنى “بنزايون” و3 مساجد وكنيسة, فتم نقل كل هؤلاء وتم تعويض الأهالى وبناء عمارات جديدة لهم ليحصلوا على شقق تمليك بجوار المنطقة لمسافة لا تتجاز 500 متروليس بعيدا عنها ليوافقو على الانتقال, كما كانت توجد مناطق أخرى مزروعة بالبرسيم والذرة عوضنا أصحابها أيضا
- وهل تتذكر حجم تلك التعويضات؟
بالفعل.. وكان وقتها رقما كبيرا نحن نتحدث عن 15 عاما مضت , ولك أن تتخيل ان عددا كبيرا من المستفيدين رفضو أخذ الشقة المكونة من 3 غرف وصالة قامت القوات المسلحة ببنائها, وفضلو التعويض المادى ليشترو به قطعة أرض زراعية مساحتها 5 قراريط, وتم تشكيل لجنة تعويضات برئاسة مستشار من هيئة قضايا الدولة وكان يتولى المرور والتعويض, ولم يظلم أحد, وتم هذا فى عامين وبدأنا أعمال الحفائر فوجدنا الكباش, وكانت المفاجأة أننى وجدت معارضة من الكثيرين عند نقل الأهالى وكل تلك التعديات على أراضى ليست ملكية خاصة وانما تابعة للدولة وتحديدا الاثار, وأنه توجد اسفلها كباش.. وتمسكت برأيى وقتها لنكتشف بعد حفر لمسافة 6 امتار وجدنا الطريق أمامنا كامل, وهذا يعود الى ان فيضان النيل كان يقوم لمدة 3 الاف عام بإلقاء الطمى على الاثار ليغمرها وبالتالى تم حفظها لارتفاع 6 أمتار ولأن الارض تابعة للاثار فلم يقم احد ممن قاموا بالبناء بعمل اثاثات كبيرة مما ساهم فى حفظ تلك الكباش
وبعد أن اكتشفنا الكباش بدأنا عمليات الترميم, وانهيت مسافة 2 كيلو 600 متر, فيما توقف العمل بالمسافة المتبقية وهى 100 متر بنجع ابو عصبة لقيام ثورة يناير عام 2011 وتم الانتهاء منها العام الماضى
وقد أخذنا جائزة التميز عن العام من الاتحاد الاوروبى عام 2011 أى وقت ثورة يناير, وذلك لإعادة فتح طريق الكباش وتحويل الأقصر إلى أكبر متحف مفتوح فى العالم وتسلمت الجائزة من المؤتمر السنوى للاتحاد الذى أقيم فى باليرمو بإيطاليا بحضور رؤساء 28 دولة بالاتحاد الأوروبى وعملت محاضرة عن المشروع وإنجازاته لأنهم كانوا يريدون معرفة ماذا فعلنا بذلك التمويل.
- إذا فالتمويل كان أوروبيا ؟
طبعا.. السيدة فايزة أبو النجا وزيرة التعاون الدولى وقتها, تواصلت مع توفير الاتحاد الأوروبي لتوفير التمويل للمشروع وقيمته نصف مليار جنيه وكان مبلغا كبيرا وقتها, وتم بالفعل بناء المساجد الثلاثة والكنيسة وقسم الشرطة وتعويض الأهالى .
- وماذا كانت مشكلة الـ 100 متر الأخيرة الموجودة بنجع أبو عصبة؟
كانت عبارة عن أهالى واشغالات ولكننا كنا نعمل بنظام منطقة منطقة, وتم تعويضهم أيضا
- وما أبرز الصعوبات التى واجهتكم خلال تنفيذ مشروع حفر طريق الكباش؟
الصعوبات كانت فى نقل اهالى مقيمين بالمكان منذ 30 و40 عاما, أو اصحاب البازارات وعددها 200 بازارا , ولتعويضهم لكى يتمكنو من العيش قمنا ببناء بازارات جديدة تملك لهم بعقود, والأهالى لم يصدقو وقتها أنهم سوف يأخذون تعويضا فى مقابل ترك أماكنهم لوجود حالة من عدم الثقة فى الدولة وقتها ولكن تغيرت الأمور بعد أن قمنا بتعويض أول دفعتين منهم , وايضا نقل المساجد بجانب 3 أضرحة وبسببها قوبلت برفع 200 قضية ضدى ولكن لم يكن بيدى خيار آخر غير ذلك, وخلال الاحتفالية ستشاهدون مجهودا كبيرا تم بذله خلال 7 سنوات بالأقصر.
وبعد فتح الطريق اكتشفنا ان الرومانيين كانوا أقاموا على جانبى الطريق معاصر النبيذ ومعاصر الزيتون لذلك عندما سوف يستمتع السائح خلال سيره بالطريق ببانوراما من الكباش والآثار الرومانية
- وماذا عن حجم الأهالى أو الأسر الذين قمتم بنقلهم من أعلى طريق الكباش؟
فى حدود 1000 أسرة بينها 450 اسرة مقيمة بعشش وشقق و100 أسرة أخرى كانت تقوم بالزراعة بالطريق وتم ازالة مبانى على جانبى الطريق لتوسعته فى حدود 300 أسرة أخرى, بجانب أصحاب ال 200 بازار
- وكيف تمت إعادة المشروع للحياة مرة أخرى بعد فترة التوقف؟
بلا شك أن سيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي هو من أعاد الحياة إلى المشروع بعدما علم بتوقف المشروع فى مساحة الـ100 متر بنجع أبو عصبة, فأمر الهيئة الهندسية بالعمل فى تلك المنطقة وتم بعدها تنفيذ أعمال الدهانات والأرصفة و”اللاند سكيب”
- وكيف كان احساسكم عند اكتشاف أول كبش؟
كانت اجمل فرحة بالنسبة لى وكأنننى رزقت بطفل, لأننى كنت أجد معارضة من الجميع وقتها وقالو لى “مش هتلاقى حاجة هنا” إلا أن منصور بريك كان متعاطفا وقال لى: يا فندم احتمال نلاقى كباش هنا.. وعندما عثرو على أو كبش اتصل بى منصور وأخبرنى بذلك, فنزلت من المكتب مسرعا وبدأ الحفر حوله ليخرج أول كبش فى ظل حالة من السعادة الغامرة
- وكيف ترى دلالة إقامة الاحتفالية فى ظل تأثير كورونا على العالم؟
دلالته أن مصر تقول للعالم وسط اغلاق تام من بعض الدول, أننا نعيش ونمارس أعمالنا , ولكنها ستكون عنصر جذب وإبهار كبير للعالم كله, فالأقصر بها ثلث آثار العالم , وبالتالى عندما يبدأو فى الخروج من كورونا سيكون أول قرار أو اختيار منهم هو التوجه إلى الأقصر مباشرة لمشاهدة هذا الجمال, خاصة وأن مصر بها من الأنماط السياحية الكثير كالسياحة الثقافية بالاقصر وأسوان والترفيهية بالبحر الأحمر وجنوب سيناء, وبالتالى فأنت تقوم بزيادة معدلات السياحة الثقافية التى بدأت تنحسر خلال الفترة الماضية وستكون فاتحة خير على السياحة المصرية ككل.
- وماذا عن أهمية الطريق لأهالى الأقصر؟
له أهمية كبيرة لهم بلا شك.. فالعمل يسير بأكبر متحف مفتوح فى العالم وسوف ينعكس هذا على حركة السياحة , فبدلا من أن المدينة كانت تستقبل 3 ملايين سائح سنويا فقط, سيتضاعف ذلك العدد إلى 5 أو 8 ملايين ويزيد من عدد الليالى السياحية لترتفع إلى 3 و4 أيام بدلا من أن يأتى السائح بالمركب لمدة يومين ويغادر ولن تكون مدة كافية للاستمتاع بالمدينة ومقوماتها السياحية الرائعة فسوف يحتاج الى قضاء نصف يوم للاستمتاع بطريق الكباش وحده, وربع يوم بمعبد الأقصر ونصف يوم آخر بمعابد الكرنك وبالتالى يتم زيادة عدد البازارات على جانبى الطريق والمطاعم , بل سيكون الطريق إضافة كبيرة لأهالى الأقصر
- ولكن رجال القطاع السياحى بالأقصر يؤكدون أن المدينة لن تستوعب أكثر من 4 ملايين سائح سنويا.. فكيف لرؤيتكم هذه أن تتحقق؟
مفيش مشكلة .. هذا سيشجع رجال الأعمال على بناء فنادق جديدة وأيضا بالبر الغربى والفلوس بتجيب فلوس وأيضا التطور يجلب تطور.. فإذا كنا قد وقفنا محلك سر هل كان سيحدث ما نراه الان.. بالطبع لا, بل ستجد الجميع يقوم بزيادة طاقته الفندقية وعمل توسعات وبالتالى زيادة فرص العمل, وأثق أن الطاقة الفندقية بالأقصر سوف ترتفع.
- هل نعتبر هذه دعوة من حضرتك لرجال الأعمال السياحيين بالتوسع والعمل بالأقصر؟
هم ليسوا فى حاجة إلى دعوة منى لذلك هم يعرفون اتجاه السوق
- حينما تسمع كلمة احتفالية.. ماذا يتبادر إلى مخيلتك؟
طريق الكباش ليلا والإضاءة تزينه.. بالدنيا وما فيها سيكون تحفة , وتخيل مشهد السائح يتناول العشاء على نغمات الموسيقى بأحد المطاعم وبجانبه الطريق باضاءته المبهرة .
نقلاً عن جريدة الأهرام