بقلم / منال علام
الغذاء الصحي لا يقتصر تعريفه علي احتواء الطعام علي العناصر الغذائية التي يحتاج إليها الجسم فقط و إنما لابد أن يكون الطعام أو الغذاء خالي من الملوثات أو مواد تساعد علي تلوثه أو تغير طبيعته. و صحة الغذاء أو الطعام علم واسع يبحث في جميع الأمور المتعلقة بحالة الغذاء الصحية.
و هناك العديد من التغيرات التي تطرأ علي الطعام حتى وان كان مصدر الطعام نفسه جيد و لكن هناك خطوات لإعداد و طهي و تداول الأطعمة هي التي قد تحدث تلوث أو تغيرات لهذه الأطعمة مما يؤدي إلي فسادها . و المقصود بفساد الأطعمة هو مجموعة من التغيرات و التي تجعل الأطعمة لا تصلح للاستهلاك الآدمي، و من صور التغيرات:
التغيرات الطبيعية: و المقصود بها التغيرات التي تحدث في الطعم و الرائحة و القوام و كذلك اللون.
التغيرات الحيوية: و هي التغيرات التي تطرأ علي الطعام عن طريق الإنزيمات المتواجدة في المادة الغذائية نفسها أو عنة طريق الكائنات الحية الدقيقة.
التغيرات الكيميائية: عبارة عن تكوين أو إضافة مواد كيميائية غير مرغوب فيها لم تكن موجودة من قبل، و قد يكون نتيجة زيادة تركيز لهذه المركبات في المادة الغذائية و بالتالي تغير من بعض خواصها.
و التغيرات التي تطرأ علي الغذاء قد يجعل الغذاء مرغوب و يستهلك عند بعض الشعوب و قد يصبح غير صالح للاستهلاك الآدمي عن البعض الأخر، و علي سبيل المثال:
الأسماك المملحة (الفسيخ ) من الوجبات المنشرة و المحببة للشعب المصري بينما يعتبر هذا الطعام فاسدا و غير صالح للاستهلاك الآدمي عند دول و شعوب أخري.
بعض مصادر تلوث الغذاء:
تلوث الغذاء يحدث عن طريق العديد من الأسباب و إن كانت المصادر مختلفة و منها :
قد يتلوث الغذاء من الجو المحيط مثل التربة الزراعية و الهواء الجوي و الصرف الصحي.
تلوث الغذاء من خلال الأشخاص القائمين علي إعداده و تجهيزه و المصابين بالأمراض المعدية مثل التهاب الكبد الوبائي أو السل و التيفود، و يحدث التلوث عن طريق الملامسة أو الرذاذ و انتقال الجراثيم.
التلوث الغذائي الناتج عن طريق الحشرات مثل الذباب و الصراصير، و أيضا القوارض التي يمكن أن تلوث الأطعمة بالجراثيم و نقل أمراض خطيرة مثل الطاعون الذي قد يحمله الفئران.
تلوث الأطعمة عن طريق استخدام الأوعية و الأواني الغير نظيفة، و لذلك يجب مراعاة نوعية الأواني المستخدمة و كذلك نظافتها و خلوها من الملوثات.
و تختلف الأطعمة عن بعضها من حيث سرعة الفساد و يرجع ذلك لاختلاف نسبة الرطوبة في الأطعمة، و بالتالي يمكن تقسيم الأطعمة من حيث قابليتها للفساد إلي ثلاثة أقسام، و هي علي النحو التالي:
الأطعمة بطيئة التلف:
و هي أطعمة تحتوي علي نسبة ضئيلة جدا من الرطوبة مما تساعد علي مقاومة هذه الأطعمة للتلف، و من هذه الأطعمة السكر و الطحين و البقول و الحبوب مثل الأرز و البرغل. و حفظ هذه الأطعمة تمتد إلي فترة طويلة حيث أن الأحياء الدقيقة لا تجد البيئة المناسبة لنشاطها، ولكن شريطة أن تحفظ في أكياس جافة من القماش أو البلاستيك بعيدا عن الرطوبة و الحرارة و الحشرات.
الأطعمة متوسطة التلف:
تزيد نسبة الرطوبة نسبيا في هذه الأطعمة عن الأطعمة بطيئة التلف، و من هذه الأطعمة البطاطس و البطاطا الحلوة و البصل و الثوم و التي يمكن حفظها الي أسابيع بعيدا عن الشمس و الرطوبة و في مكان متجدد الهواء و تكون خالية من الخدوش أو العطب.
الأطعمة سريعة التلف:
و تحتوي هذه الأطعمة علي نسبة كبيرة من الماء و هي ما نسميها بالأطعمة الطازجة و من أمثلة هذه الأطعمة الخضروات ورقية أو غير ورقية و الفواكه (الفراولة – الموز – العنب – الجوافة…..) و اللحوم و الأسماك و الطيور و البيض و الحليب. و تعتبر نسبة الرطوبة الكبيرة المتواجدة في هذه الأطعمة بيئة خصبة لنمو و تكاثر الأحياء الدقيقة و من ثم إحداث فساد الأطعمة، و لذلك لابد من إتباع الأمور الصحية و التي تكفل لهذه الأطعمة أن تبقي أطول فترة ممكنة و دون تلف.
مظاهر فساد الأطعمة:
هناك بعض المظاهر التي تبدو واضحة خلال التغيرات لخواص الأطعمة مما يجعلها فاسدة و غير صالحة للاستهلاك الآدمي، ومن هذه المظاهر:
حدوث تغيرات في اللون وذلك علي حسب قوة فساد الأطعمة نتيجة إلي لتكاثر البكتريا و الفطريات و حتى التغيرات الكيميائية في المواد الغذائية.
حدوث تغير في الطعم نتيجة لتكون مواد جديدة بعد عملية تحلل المادة الغذائية.
يمكن أن يفقد الطعام القوام المميز أو حدوث لزوجة نتيجة تحلل مكونات الطعام، و قد يظهر سائل منفصل من المادة الأصلية.
تلوث و فساد الأغذية المعلبة و الذي يظهر نتيجة تولد غازات خاصة في المعلبات نتيجة للنشاط البكتيري أو تفاعل بين المادة الغذائية مع معدن العبوة و هذا يؤدي إلي ظهور انتفاخ في العبوة.
قد يظهر أنواع من العفن علي المادة الغذائية.
و لتفادي التلوث أو فساد الأغذية يجب إتباع الأمور الصحية السليمة أثناء تخزين و إعداد و طهي الأطعمة و كذلك اتخاذ التدابير الصحية في حفظ الأطعمة بالطرق المختلفة .
طرق حفظ الأطعمة
المقصود بحفظ الأطعمة هو بقاء الأطعمة لأطول فترة ممكنة دون تلف أو فساد و أيضا حفظ الفائض عن الاستهلاك و استخدامه للاستهلاك و التصدير، كما أن الحفظ يعمل علي وجود الأطعمة في غير مواسمها و لكن في صورة أخري (تصنيع الأطعمة). و لابد أن يعمل الحفظ علي المحافظة علي خواص الأطعمة الطبيعية مثل اللون و الطعم و الرائحة بالإضافة إلي المكونات الغذائية مثل البروتين و الدهون و إن كانت بعض الأطعمة تفقد عدد من الفيتامينات يمكن تعزيزها أو تدعيمها بالفيتامينات الناقصة أو المفقودة. و هناك طرق عديد لحفظ الأطعمة و يمكن تقسيمها علي النحو التالي:
أولا: الحفظ باستخدام الحرارة المرتفعة و منها :
البسترة :
و منها البسترة التي تستخدم مع عصائر الفاكهة و درجة الحرارة تكون عند 180 درجة فهر نهيت لمدة نصف ساعة و تعرف بالبسترة المستمرة.
بينما يمكن أن تتبع طريقة بسترة أخري تحفظ النكهة للعصائر و تتراوح درجة حرارة البسترة بين 190-195 درجة فهر نهيت لمدة دقيقة تقريبا و تعرف بالبسترة السريعة. و البسترة المتقطعة و التي تستخدم في بسترة السوائل المعلبة أو المعبأة في الأواني الزجاجية علي درجة حرارة 190 درجة فهر نهيت لمدة 30 دقيقة بواسطة البخار الساخن.
التعقيم:
و الغرض من عمليات التعقيم التخلص من كل أنواع الأحياء الدقيقة التي قد تؤثر علي المواد الغذائية، كما أن التعقيم يعمل علي إتلاف الإنزيمات و التي تتواجد في الخضروات و تغير من لون الخضروات.و تصل درجة الحرارة في حالة التعقيم إلي 100°م لمدة نصف ساعة. و توجد طرق عديدة للتعقيم تتناسب مع طبيعة المادة الغذائية المراد تعقيمها.
ثانيا: حفظ الأطعمة باستخدام درجات الحرارة المنخفضة:
التبريد:
استخدام درجات حرارة منخفضة تتراوح بين 32 – 38 درجة فهر نهيت بما يعادل درجة الصفر المئوي أو يزيد قليلا. و عمليات التبريد لا تقضي علي الأحياء الدقيقة و لكن تعمل علي تقليل نشاطها و الحد من سرعة التفاعلات الكيميائية و تبطيء النشاط الإنزيمي و بالتالي تزيد فترة بقاء الأطعمة دون حدوث فساد أو تلف. و تبريد الأطعمة يتباين في فترة الصلاحية علي حسب نوعية الطعام و مدي قابليته للفساد و التي تحتوي علي قدر كبير من الرطوبة. علي سبيل المثال اللحوم لا تزيد فترة تبريدها عن 1-2 يوم و علي أقصي تقدير ثلاثة أيام علي أن تكون تحت الفريزر مباشرة. بينما تبقي أنواع أخري من الأطعمة محفوظة بالتبريد لمدة أسابيع.
التجميد:
و تستخدم في هذه الحالة درجات حرارة منخفضة تصل إلي أقل من الصفر المئوي، و يعمل علي تجميد جزء كبير من رطوبة المادة الغذائية مما يؤدي إلي منع أو وقف نمو الأحياء الدقيقة تماما. و مدة بقاء الأطعمة مجمدة تطيل فترة الحفظ أكثر من التبريد دون حدوث أي تلف أو فساد للأطعمة. وعند خروج الأطعمة المجمدة من الفريزر و انصهارها في درجة حرارة الغرفة قد يؤدي إلي فرصة كبيرة لفسادها و لذلك لابد من تجميد الأطعمة منزليا بكميات تكفي احتياجات الأسرة في الوجبة الواحدة حتى تطهي بشكل مباشر دون رجوع باقي الكمية المجمدة بعد انصهارها إلي الفريزر.
ثالثا: حفظ الأطعمة بالتجفيف:
أقدم ما عرف الإنسان لحفظ الأطعمة هي طريقة التجفيف، و الغرض من التجفيف نزع أكبر قدر من الرطوبة من المادة الغذائية مما يعمل علي زيادة تركيز العناصر الغذائية و الصلبة. و عملية نزع الرطوبة تساعد علي بقاء الأطعمة أطول فتة ممكنة في الجو العادي دون حدوث تلف أو فساد لها. و الحفظ عن طريق التجفيف ينقسم إلي نوعين من التجفيف:
التجفيف الطبيعي بواسطة استخدام أشعة الشمس و هي طريقة قديمة جدا و كانت أكثر الطرق استخداما لحفظ الأطعمة و حتى الآن يمكن استخدامها و لكن بشكل أقل من ذي قبل، و قد تمتاز هذه الطريقة بقلة التكاليف ، و لكن يعاب عليها احتمال تلوث الأطعمة بالأتربة و قد يتغير الطعم علي حسب أجواء التجفيف الشمسي كما أن هذه الطريقة تستلزم وقت أكثر و أيدي عاملة.
التجفيف الصناعي باستخدام درجات الحرارة الناتجة من الهواء الساخن لنزع قدر كبير من رطوبة المادة الغذائية بواسطة أفران خاصة لهذا الغرض. و قد استحدث أفران تفريغ هوائي و التي تعمل علي الحفاظ علي أكبر قدر من القيمة الغذائية دون تأثر بعملية التجفيف، قد تكون هذه الطريقة أكثر تكلفة عن التجفيف الشمسي و لكنها تحافظ علي نكهة الأطعمة المجففة دون تغيير و أيضا لا تحتاج إلي أيدي عاملة كثيرة و يمكن التحكم في درجات الحرارة المستخدمة و لا تخضع إلي التقلبات الجوية مثل ما يحدث في التجفيف الشمسي.
رابعا: حفظ الأطعمة باستخدام المواد الحافظة:
المواد الحافظة هي عوامل طبيعية أو كيميائية تستخدم لتأخير أو منع التغيرات الغير مرغوبة و التي تحدث للمواد الغذائية.
و طرق الحفظ بالمواد الحافظة قد تكون:
باستخدام مواد طبيعية مثل ما يحدث في الحفظ بالتمليح أو ما يسمي التخليل باستخدام ملح الطعام و هو من أقدم الطرق المستخدمة في حفظ الأطعمة و ذلك بإضافة الملح جافا أو علي صورة محلول ملحي. وكذلك استخدام السكر في عملية الحفظ مثل المربي و الشربات و الفواكه المحفوظة في المحلول السكري، و استخدام التمليح أو السكر يعمل علي تثبيط عمل الأحياء الدقيقة و بالتالي بقاء المادة الغذائية لفترات طويلة دون تغيير أو فساد.
باستخدام مواد حافظة كيميائية مثل حمض البنزويك الذي يضاف للمشروبات الغازية المخللات و عصائر الفاكهة، و استخدام النيترات و النيتريت لحفظ اللحوم. و الغرض من إضافة هذه المواد تقليل نشاط بعض الأحياء الدقيقة و إيقاف التفاعلات الكيمائية الغير مرغوب فيها في المادة الغذائية. و هذه المواد تضاف بنسب مسموح بها عالميا و لابد من معرفة مدي سلامتها من الناحية القانونية و الصحية.