أكتب هذا المقال كدعوة مني أو مبادرة -سمها ما شئت يا سيدي- لمواجهة ظاهرة إصابة السائحين عندنا بـ”الإسهال”!
وأعتقد أن هدف مقاومة هذه الظاهرة يمكن تصعيده إلى مصاف الأهداف القومية؛ إذ هو لا يقل خطورة عن هدف مواجهة الإرهاب.
وحدث ذات يوم في عام 1998 وعقب خروجي من اجتماع مع الدكتور ممدوح البلتاجى بمكتبه رحمه الله توجهت لمدير مكتبه الأستاذ محفوظ علي، وأخذت بعض أوراقي التي كنت تركتها على مكتبه، وعند وصولي منزلي وجدت أننى أخذت بالخطأ أوراقا كان قد دون بها الدكتور ممدوح البلتاجى بعض التوصيات الموجهة لرئيس الوزراء الدكتور الجنزورى رحمه الله.
وأعدت هذه الأوراق لصديقي محفوظ فلفت نظري لطلبين خاصين بي بدأ بهما الوزير الراحل توصياته المرفوعة لمعالي رئيس الوزراء، الأول خاص بظاهرة تفشي الإسهال، والثاني تغيير جميع الحمّامات بالأماكن السياحية وكذلك المطارات وإقامة حمامات بالأماكن التى لا يوجد بها.
وأقدر وعي الدكتور البلتاجي، وقد عاش بباريس 16 عاما لدراسة الدكتوراة ثم عمل مستشارا إعلاميا بها، وحين جاء إسبانيا عقدنا اجتماعات برئاسته مع خبراء أسبان وأجمع الجميع علي ضرورة مواجهة ظاهرة الإسهال.
وقد أرجعوا الأسباب لسوء النظافة والمياة، ومع طول الفترة بين هذا الموقف ووقت كتابة هذه المبادرة في هذا المقال فما زالت تلك الظاهرة المستهجنة مستمرة، ولابد من اعتبارها هدفا قوميا تماما كهدف مقاومة الإرهاب.
ولقد علمت من أطباء أن الإسهال وغياب النظافة بيئة جاذبة للفيروسات عموما ومنها كوفيد 19 .
ومع العلم أن الأفواج الأسبانية التى زارت مصر خلال الفترة من أوائل سبتمبر وحتى الأسبوع الماضى لاقت معاناة شديدة خلال رحلاتهم منذ بداية دخولهم أرض مصر فى مقدمتها ارتفاع معدلات الإصابة بالإسهال بين السائحين الأمر الذي يهدد ويبدد كل الجهود المبذولة لإعادة السياحة إلى عصرها الذهبي سواء من الحكومة المصرية أو القطاع الخاص السياحى.
يا سادة يجب إعادة النظر فى الاشتراطات الصحية والبيئية ومعايير جودة صحة وسلامة الغذاء التى تطبقها الفنادق السياحية المصرية والتأكيد على سلامة وأمن وأمان وصحة الغذاء، لكونه أحد المكونات الأساسية للسائح فى رحلته لأى مكان وليس مصر فقط.
وبمناسبة حديثي عن “الإسهال” والغذاء الملوث، فقد قررت وزارة السياحة والأثار مؤخرا إغلاق أحد الفنادق بالغردقة وإيقاف مديره لمدة 6 شهور بعد إصابة 47 سائحاً من جنسيات مختلفة بالتسمم نتيجة تناولهم لوجبة عشاء، وقامت النيابة العامة بمباشرة تحقيقاً موسعاً حول حادث التسمم وأسبابه.
والعجيب أن منظمي الرحلات الأسبان على سبيل المثال غالبا ما يُوجه لهم هذا السؤال: كيف تبيعون بسهولة مقاصد سياحية كالأردن وإيران والمكسيك وغيرها بمجموعات تصل المجموعة إلى أربعين فردا وأقصى ما بعتم لمصر عشرين فردا وبصعوبة رغم ما بمصر من حضارة وآثار لا تقارن؟
طبعا لم يكن من الحكمة الإجابة بأن “ظاهرة خطيرة مثلا كالإسهال” تشل تفوقك الحضارى والآثاري، ناهيك عن مشكلة انتظار سيارة الشرطة لساعة أو أكثر عند الخروج من المطار أو عند الخروج من الفندق.