أخبار عاجلةالمنطقة الحرةسلايدر

الخبير التسويقى الدولى ” علاء خليفة ” يكتب لـ ” المحروسة نيوز ” عن : لعنة المعرفة !

في يوم 20 أبريل، 2019 | بتوقيت 6:41 صباحًا

ظاهرة غريبة واجهتها شركات عالمية كثيرة، وهي توقف المبيعات عند الوصول لحاجز النصف مليار؟.. انها لعنة المعرفة: عندما تكون الخبرة عائقا!!

ما السر خلف ضعف المبيعات عند إنهاء نصف ماراثون المليار؟ هل هناك علاقة بالحظ مرتبطة بالخمسمئة مليون؟

في مثل هذه الحالات يلتفت القطاع الخاص بأمريكا للعلماء الاكاديميين لتقديم تفسير للظاهرة الغريبة، بل أغلب الشركات الرائدة اليوم تربطها علاقة بحثية قوية بالجامعات.

أمازون مثلا أنفقت العام الماضيبحسب بلومبيرج – 17 مليار دولار للأبحاث والتسويق تلتها فوكس واجن بـ 15 مليار دولار، ثم قوقل بـ 14 مليار ، بعدها إنتل وسامسونج ومايكروسوفت.

الأكاديمي المميز يحتاجه السوق لتقديم رأيه العلمي المحايد، لأنه خارج القطاع، لديه نظرة بانورامية لتفتيت الظواهر الكبيرة إلى عواملها الأولية.

ولكن سبب ضعف الأكاديمي في المنطقة العربية ثقافة مختلفة لا تعرف أهميته من جهة، وأكاديميونلنكون منصفينبعيدون عن الواقع من جهة أخرى!

درست جامعة هارفارد الظاهرة المثيرة أعلاه، والتقت بمديري شركات كثيرة ، ثم وصلت لخيط رفيع دلها على بداية المشكلة التي تصيب الشركات وأسمتها علميا (الجمود Stall out). الجمود يقصد به أن النجاحات المتتالية تجعل الشركة بعد سنوات تتوقف عن التطوير، فتصل لمرحلة الجمود.

شرارة الجمود الذي يصيب المنظمات أمر غريب وعجيب اسمه: لعنة المعرفة، أو لعنة الخبرة!! لعنة المعرفة تعني أن تبدأ الشركة في مشروع وتكون قريبة من عملائها ولديها خطط واضحة، وبعد الوصول لقمة النجاح، تصل لقناعة أنها امتلكت زمام المعرفة ولديها الخبرة الكافية للمستقبل! مع الوقت تبدأ هذه المنظمة في الجزم (بحكم خبرة السنين في السوق) أنها تعرف جيدا السوق والمنافسين وعملاءها، فتقع فيما يعرف بلعنة الخبرة أو المعرفة، وهي أن أكبر نقاط قوتك هي نفسها أكبر نقاط ضعفك! لعنة المعرفة تجعل صاحبها يصاب بالتكلس والجمود، فلا يرى العالم الفسيح إلا من خلال عدسات خبرته الضيقة!

قال وزير سعودي ذات مرة: في وزارتنا أول قرار اتخذته هو إقالة جميع (الخبراء) بالوزارة الذين تجاوزوا 20 سنة في ذات المنصب! السبب.. لأنه ورغم خبرته أصبح عقبة في طريق التطوير، فكل الأفكار الإبداعية بالعالم مرفوضة فقط لأنها لم تمر على أنبوب خبرته الضيق!

صديق لديه مؤسسة متخصصة بالتغذية، ولديه فكرة تسويقية مجنونة، سألت وقتها شخصيا أكثر من عشرة زملاء متوسط خبراتهم بالمجال الغذائي 20 سنة عن إمكانية تطبيق هذه الفكرة، وغالبيتهم أجاب بـ (لا) كبيرة، ولكن قرر صاحبنا المضي قدما في فكرته، وصدم الجميع بالنجاح المذهل لها وزيادة مبيعات فاق الـ 80% في كل فروعه! هل هؤلاء الخبراء لا يفهمون السوق؟

طبعا لا. ولكن الخبرة الطويلة تعزز عند صاحبها عدم الحاجة للتطوير والتعلم المستمر، لقناعته الداخلية أنه وصل لمرحلة يفهم معها كل شيء، بينما ديناميكية السوق واحتياجات العملاء متسارعة ومتغيرة! مهما كنت عالما هناك من هو أعلم. مهما كنت خبيرا هناك من هو اكثر خبره.

كيف يتعامل الخبير الحقيقي مثلا مع هذه الحيلة النفسية؟ مهما كنت خبيرا، دع الكلمة النهائية للسوق، وكن قريبا من عملائك بنية التعلم. المدير التنفيذي لشركة هوم ديبو باميركا ما زال يخصص يوما أسبوعيا ينزل فيه شخصيا للفروع ويلتقي بالعملاء، على الرغم من خبرته الطويلة. مرة أخرى كونك تخدم عملاءك لعشرين سنة، هذا يعني فقط أنك تفهم الماضي، بينما المستقبل صعب، لأن الدنيا في تغير مستمر، والمنافسة شرسة.

أفرادا ومؤسسات، الكل يعاني من لعنة المعرفة المؤدية للتكلس الفكري والجمود الإداري، تذكروا دائما مقولة ابن حنبل الشهيرة: مع المحبرة.. إلى المقبرة!

مقالات ذات صلة