أخبارشئون مصريةمنوعات

“ اللواء الدكتور سمير فرج ”يكتب لــ” المحروسة نيوز ”عن: من الصين إلى القاهرة..وعمار يا مصر

في يوم 21 يوليو، 2021 | بتوقيت 5:52 مساءً

اتصل بي أحد الأصدقاء، يوماً، وأبلغني أنه مسافر إلى الصين، بناءً على نصيحة صديق له، لشراء كافة مستلزمات بيته الجديد، وشحنها في “كونتينر”، أو حاوية، من الصين إلى مصر.

وأضاف صديقي أنه سيجد كل شيء هناك؛ بدءاً من أبواب المنزل والنوافذ والسيراميك ومستلزمات الحمامات والمطبخ، والمعدات الكهربائية بالكامل، سواء لوحات تقسيم الكهرباء أو المفاتيح الكهربائية، وحتى العفش، والمفروشات، والتحف الصينية، التي تتميز بجمال الذوق وتنافسية الأسعار، مقارنة بمصر، حتى بعد إضافة تكاليف النقل والجمارك إلى ثمنها.

وسافر صديقي، بالفعل، إلى الصين، وكله أمل في استكمال بناء بيته الجديد، بأفخر الصناعات الصينية. ووصل إلى الصين وكان أول مصنع يدخله هو مصنع الأبواب والنوافذ، وقد زاره بتوصية من المستشار التجاري المصري، في بكين، فحظي باستقبال مشرف، يليق بالموصي.

بدأ صديقي المرور لاختيار أنواع الأبواب، فوجد أمامه ثلاث أبواب متشابهة تماماً؛ في اللون والتصميم، وحتى المقابض والمفصلات، لا يفرقهما أي إنسان، ولما سأل عن الأسعار، عرف أن الباب الأول سعره 50 دولار، والثاني 100 دولار، أما الثالث فسعره 150 دولار.

تعجب صديقي من تباين الأسعار، رغم التشابه بين الأبواب، ولما سأل مدير المصنع عن السبب، عرف أن الباب الأول يتم تصنيعه بغرض التسويق لدول أفريقيا، ودول العالم الثالث، التي تهتم بتدني السعر، حتى وإن كان على حساب جودة المنتج، فالعمر الافتراضي لهذا الباب لا يزيد عن خمس سنوات، ويناسب أسواق دول العالم الثالث، في ظل تواضع دخول سكانها.

أما النوع الثاني فيصدر معظم إنتاجه إلى دول الخليج، لأن صلاحيته تدوم حتى عشر سنوات، وهو ما يناسب حياة سكان دول الخليج، الذين يغيروا ديكورات مساكنهم كل عشر سنوات تقريباً.

أما الباب الثالث وسعره 150 دولار، فيصدر إلى امريكا ودول أوروبا، التي يهتم سكانها بجودة المنتج، في ظل الارتفاع النسبي للدخول بها.

وهكذا عرف صديقي أن المصنع يقدم إنتاجاً يوافق جميع الأذواق والميزانيات والاحتياجات المستقبلية، فخرج منه إلى مصنع للموبيليا، وتكرر معه نفس الموقف، إلا أن ذلك المصنع يبيع إنتاجه بالجملة وليس للقطاعي.

يقول صديقي أنه أكمل يومه في معارض السيراميك، ووجد نفس الفكرة؛ الأصناف متشابهة، والأسعار متباينة، بما يؤكد ذات النظرية في التصنيع، لتلبية احتياجات مختلف الأسواق. فعاد صديقي، على الفور، إلى الفندق، وحجز تذكرته للعودة إلى مصر في اليوم التالي.

ومن مصر قام بشراء كل ما يحتاجه بيته الجديد من الإنتاج المصري، فقد كانت مصانع الرخام الجديدة، من سيناء، قد بدأ إنتاجها الأكثر من رائع، بينما منتجات السيراميك المصري متميزة وتناسب كل الأذواق.

أما الأثاث فلقد ذهب إلى معارض دمياط، المنتشرة، حالياً، في القاهرة، وابتاع كل مستلزماته، وحتى السجاد، وجد أن الإنتاج المصري متميزاً فيه، ويغطي كافة الأذواق والميزانيات. ويقول صديقي أن زوجته تعرفت من اصدقاءها على منطقة الرويعي في وسط القاهرة، فاشتروا منها أجمل أصناف ديكورات المنازل من الأخشاب، بعدما اختاروا ما يناسبهم من مختلف أنواع الخشب، قبل دهانه، للتأكد من جودته، ثم عادوا بعد يومين، لاستلام المنتج النهائي، بعد طلائه، بالألوان التي اختاروها. أما الأسعار فحدث ولا حرج لا يمكن أن تقارنها حتى بالموجودة في الأسواق العادية داخل مصر.

وفي خلال شهور قليلة نجح صديقي في استكمال بناء منزله، وقام بتأثيثه بكل احتياجاته من المصنوعات المصرية، ودعاني لزيارته، في المنزل الجديد، فانبهرت، في الحقيقة، من روعة تفاصيله، سواء سلالم المنزل المصنوعة من جرانيت أسوان بألوانه الرائعة، أو رخام أراضي المنزل المستخرج من محاجر سيناء، ومصنع بأيدي مصرية، أو السجاد اليدوي والكليم الصوف بألوانه الزاهية وتصاميمه الراقية، المصنع في مصر، وحتى النجف وقماش التنجيد المصري، الذي يمثل كله فخر وعزة الصناعة المصرية.

وبعد هذه الزيارة لمنزل صديقي، تذكرت وأنا عائد لمنزلي، كيف كنت أهتم، سابقاً، في أسفاري لخارج مصر، أن استقطع من وقتي لأتسوق لأبنائي وأحفادي، لشراء كافة احتياجاتهم، من الخارج، ويكون كل همي، في كل زيارة خارجية، أن أوفي طلباتهم، قدر استطاعتي، لأرى الفرحة في عيونهم، فور عودتي، عندما أجدهم جميعاً في استقبالي، لفتح الحقائب، واستلام طلباتهم.

أما، الآن، فالحمد لله، صار كل شيء متاح في مصر، بل ويصنع فيها، وحتى المشاكل القديمة التي كانت تشوب الصناعة المصرية، من حيث جودة المنتج النهائي، وتغليفه، فقد تم التغلب عليها، وتطورت جميع الصناعات المصرية.

ولعل منكم من يذكر أنه مع بداية انتشار وباء كورونا، في مطلع العام الماضي، ووصولها لحد الجائحة، صدر قرار بإيقاف تصدير أي منتجات طبية، لتلبية احتياج السوق المحلي، أولاً، وحينها علمنا أن من بينهم ثلاث مصانع مصرية تنتج الجاون والقفازات الطبية وكل مشتملات المستشفيات، وتصدر كامل إنتاجها إلى بريطانيا، بعد استيفاءه لكافة معايير الجودة العالمية، في دول لا تقبل التهاون في تلك المعايير، فشعرنا بالفخر بأن الصناعة المصرية قادرة على المنافسة في أقوى الأسواق العالمية، وهو النتاج الطبيعي لما يشهده قطاع الصناعة المصرية، حالياً، من نهضة شاملة … لذا أردد دائماً يجعلك عمار يا مصر.

2 Email: [email protected]

كاتب المقال

اللواء أركان حرب الدكتور سمير سعيد محمود فرج

واحداً من أهم أبناء القوات المسلحة المصرية.

ولد في 14 يناير في مدينة بورسعيد، لأب وأم مصريين.

تخرج، سمير فرج، من الكلية الحربية عام 1963

والتحق بسلاح المشاة، ليتدرج في المناصب العسكرية حتى منصب قائد فرقة مشاة ميكانيكي.

تخرج من كلية أركان حرب المصرية في عام 1973

والتحق بعدها بكلية كمبرلي الملكية لأركان الحرب بإنجلترا في عام 1974، وهي أكبر الكليات العسكرية في المملكة البريطانية،وواحدة من أكبر الكليات العسكرية على مستوى العالم.

فور تخرجه منها، عُين مدرساً بها،  ليكون بذلك أول ضابط يُعين في هذا المنصب، من خارج دول حلف الناتو، والكومنولث البريطاني.

تولى، اللواء أركان حرب الدكتور سمير سعيد محمود فرج، ، العديد من المناصب الرئيسية في القوات المسلحة المصرية، منها هيئة العمليات، وهيئة البحوث العسكرية. وعمل مدرساً في معهد المشاة، ومدرساً بكلية القادة والأركان. كما عين مديراً لمكتب مدير عام المخابرات الحربية ورئاسة إدارة الشئون المعنوية.

تتلمذ على يده العديد من الشخصيات السياسية والعسكرية البارزة، إبان عمله مدرساً في معهد المشاة، ومدرساً في كلية القادة والأركان المصرية.

لم تقتصر حياته العملية، على المناصب العسكرية فحسب، وإنما عمل، سمير فرج، بعد انتهاء خدمته العسكرية، في العديد من المناصب المدنية الحيوية، ومنها وكيل أول وزارة السياحة، ورئيس دار الأوبرا المصرية، ومحافظ الأقصر. ويشغل حالياً منصب رئيس مجلس الإدارة والعضو المنتدب لشركة NatEnergy.

وله العديد من الكتب والمؤلفات العسكرية، خاصة فيما يخص أساليب القتال في العقيدة الغربية العسكرية. كما أن له عمود أسبوعي، يوم الخميس، في جريدة الأهرام المصرية ومقال أسبوعى يوم السبت فى جريدة أخباراليوم .