هذا المقال كتبته فى 12 إبريل 2014 ..
أى منذ 7سنوات وما أشبه الليلة بالبارحة
ما أتناوله فى مقالى هذا الأسبوع لن يكون لى المبادرة فى فتح هذا الملف وأيضاً لن أكون الأخير فى الحديث عنه .. فعدد كبير من الرواد فى الكتابة الصحفية السياحية كانوا لهم السبق فى الكتابة فى موضوع سياحة اليخوت والمعاناة التى تعانيها وأتذكر أن عمى ومعلمى وأستاتذى الكاتب الكبير محمود كامل نائب رئيس تحرير الأهرام سابقا ” نشف ريقه ” ، و”بح صوته ” من كثرة ما تناول قضية سياحة اليخوت والمشاكل التى تعصف بها.
لقد أستشعرت أن القرارات السريعة العاجلة التى إتخذتها حكومة المهندس إبراهيم محلب رئيس الوزراء وإستجابتها لنداء بعض شركات الأسمنت بإستخدام الفحم فى تصنيع الأسمنت وضرب الحكومة لأية أراء معارضة عرض الحائط فى إطار السعى للحفاظ على مقدرات مصر.
لقد كان هذا القرار الذى ربما لا يأتى على هوى الكثيرين منا – وأنا فى مقدمتهم – سبباً رئيسياً فى فتح ملف سياحة اليخوت التى من الممكن أن تدر دخلاٍ لمصر ضخماً إذا أحسنت الحكومة الحالية الفكر السديد لجذب هذه السياحة التى تعد من أغنى وأغلى أنواع الأنماط السياحية الأخرى بما فيها ” الجولف ” التى تعد الأكثر إنفاقاً من قبل روادها.
فأنا أشعر بحزين شديد لما تحتضنه مصرنا العزيزة من مقومات سياحية مختلفة ومتعددة إلا إننا نجد فالإهمال يحيطك من كل جانب، بالرغم من المقومات السياحية التى تمتلكها من شواطئ ساحرة وأعماق عناء وغيرها من العديد من المزايا المناخية والجغرافية التى تؤهلها لأن تكون فى مقدمة الدول المستقبلة لسياحة اليخوت فإننا مازلنا لم نتمكن من الوصول إلى مصاف الدول المتنافسة فى ذلك المجال، ورغم معرفتنا الجيدة بالعلة التى تصيبنا من عدم جذبنا لهذا النمط السياحى الهام و فى مقدمتها عدم التوعية بأهمية هذا النوع من السياحة لدى الشارع المصرى والسوق السياحية المصرية بالشكل اللائق.
لقد سمعنا كثيرا عن الاجتماعات التى يعقدها المسئولين لمناقشة قضية المعوقات التى تواجه سياحة اليخوت ويصدر بعدها البيانات الإعلامية والتى نجدها فى النهاية ( طق حنك ) على رأى إخوانا اللبنانيين ويتمخض الجبل فيلد … ميتا !!!. فهناك العديد من المعوقات التى تعترض نمو هذا النوع والنمط السياحى المهم ،منها المغالاة فى فرض الرسوم المحصلة والبيروقراطية الإدارية سواء من حيث تعدد الجهات الإدارية التى تعمل فى إعطاء الموافقات أو التراخيص أو التجديد لها.
ولو نظرنا إلى منطقة شرق البحر المتوسط فيوجد بها 150ألف يخت ولا يزور مصر منها سوى 400 يخت فقط سنوياً، كلها تهرب من مصر بالذمة مش عيب علينا أن يكون نصيب مصر بهذا الرقم ؟!
وليت الأمر يتوقف على ذلك وإنما تمتد هذه المشاكل إلى عدم توفير الاتصالات بالمراسى الخاصة بها (المارينا) والإجراءات الصحية اللازمة إضافة إلى الجمارك والجوازات والخدمات الواجب توافرها فى هذه المراسى ومستوى الخدمة فيها.
لقد استمعت إلى أنين العديد من المسئولين بنوادى اليخوت فى مصر والذين أكدوا أن هناك العديد من الكوارث تحيط بهذه السياحة وتؤدى إلى تخوف السائحين من الحوادث لقصور البنية الأساسية بالمرافئ المصرية التى تستقبل اليخوت السياحية إضافة إلى ضعف الخدمات الترفيهية بنوادى اليخوت وخدمات الإيواء غير الآمنة وغير النظيفة مما لا يشجع اليخوت على البقاء كثيراً فى المياه المصرية.
والأمل فى شفافية المسئولين على السياحة فى مصر والسعى إلى عقد دراسة مقارنة مع دول المنطقة وسياستها تجاه صناعة اليخوت وسيجدون أن دولاً مثل تركيا وإسرائيل ولبنان لا يدفع اليخت فيها إلا رسوماً زهيدة جداً بل إن لبنان يكاد يكون قد ألغى جميع الرسوم بل وأنشأ مارينا رائعة فى بيروت ترسو فيها اليخوت على أعلى مستوى وتحصل على أفضل خدمة وينزل أصحاب اليخوت إلى بيروت وينفقون الآلاف من الدولارات فى المقابل نجد ارتفاعاً فى رسوم عبور قناة السويس ورسوم أخرى يتم تحصيلها مقابل إرشاد ورسوم هيئة موانئ البحر الأحمر إضافة إلى ذلك يدفع اليخت رسوماً إذا وصل إلى الغردقة ورسوماً أخرى إذا ذهب إلى شرم الشيخ وكأن اليخت انتقل من مياه إقليمية إلى مياه إقليمية أخري.
إن واقع هذه السياحة يحتاج إلى كثير من القرارات والإجراءات السريعة من قبل حكومتنا الرشيدة ” زى قرار الفحم ” للنهوض بها مثل انخفاض رسوم رسو المراكب السياحية واليخوت السياحية وتطوير مرسى اليخوت فى طابا ومراسى الإسكندرية وإنشاء مراسى لليخوت فى شرم الشيخ وهو ما أثر على سمعة المدينة السياحية الأولى فى مصر بالنسبة لسياحة اليخوت كما أن العديد من مراسى اليخوت الموجودة تفتقد للمواصفات العالمية باستثناء مرسى يخوت الغردقة، كل تلك العوامل جعلت الشواطئ طاردة لهذه النوعية من السياحة التى تتميز بأعلى معدل إنفاق.
فسياحة اليخوت تعانى تأخراً فى أجندة أولويات التخطيط والتنشيط السياحى وهو أمر غير محمود فى ظل المنافسة الشرسة فى السوق السياحية فى المنطقة فقد هربت اليخوت وسياحة الأغنياء من مصر إلى كازبلانكا فى المغرب وتونس
وأستعير من كلمات أستاذى العزيز الكاتب الكبير محمود كامل بعضاَ من جمله السابقة حول قضية سياحة اليخوت حينما ذكر فى أحد مقالته الرائعة ” أن أصحاب اليخوت السياحية، وأغلبهم من الناس الأكابر أصبحوا يحذرون بعضهم بعضاً من الموانئ المصرية إلى أن تنبهت وزارة السياحة مؤخراً إلى أهمية جذب نسبة من هذه اليخوت إلى مصر استفادة بالعوائد التى يمكن تحقيقها نتيجة الرسو الطويل لتلك اليخوت بالموانئ المصرية.
والمراسى أو الموانئ ــ بالنسبة لليخوت ــ هى “جراجات” للرسو تنام فيها اليخوت أشهر الشتاء الطويلة مقابل رسوم معقولة تصل ــ بكثرة اليخوت ــ إلى مئات الملايين من الدولارات، مقابل خدمات المياه، والكهرباء وخدمات التليفون لأشهر طويلة.
https://almasalla.travel/98971/
والغريب أن سلطات الموانئ المصرية تتعامل مع اليخوت ــ البسيط منها والفاخر ــ بأسلوب “جراج عمر مكرم”، حيث الساعة الأولى بستة جنيهات، ثم خمسة جنيهات لكل ساعة بعد ذلك، واعتبار الدقيقة الزيادة ساعة كاملة، وهو أسلوب لا يصح لغير المصريين الذين يتحملون “المر” من كل جهة لهم عندها خدمات من قبيل الرضا بالهم!
ورغم أن سياحة اليخوت هى “سياحة الأثرياء”، فإن الغباء الحكومى لأولى الأمر بالموانئ المصرية يتعامل مع اليخوت التى يوقعها حظها العاثر فى براثن بيروقراطية الموانئ المصرية وروتينها، باعتبارها “صيده” ينبغى “مصمصة” عظام أصحابها مثلما هو أمر “أمنا الغولة”، وهو ما يسفر عن توبة أصحاب تلك اليخوت عن العودة إلى موانئ مصر مهما كانت الأسباب فور سدادهم ألـ 1500 دولار رسوماً للرسو، بما يعادل أضعاف أضعاف ما يسدده نفس اليخت فى موانئ اليونان أو بيروت أو الموانئ الإسبانية أو الإيطالية أو حتى الإسرائيلية!
أطرف ما فى الموضوع أننا البلد الوحيد الذى يدفع فيه صاحب اليخت الرسوم “مرتين”، ولا يتصور أحد ــ حتى لو كان مضروباً على دماغه ــ أن يسدد رسوماً عند انتقاله من الغردقة إلى شرم الشيخ، ويدفع نفس الرسوم مرة أخرى إذا قرر العودة من شرم الشيخ إلى الغردقة، وكأنه ينتقل من دولة إلى أخرى فى نصاحة مصرية يصل غباؤها إلى حد “التنطع”!
يا عالم يا هوه أرحمونا واتقوا الله فى مصر وكفاية جباية من خلق الله فى الداخل والخارج وأصلحوا هذه المنظومة يرحكم الله ..إنى أريد الإصلاح ما أستطعت وما توفيقى إلا بالله عليه توكلت وإليه أنيب.. وعلى الله قصد السبيل .