لهذا المكان قصة غريبة تثبت أن الله يمهل ولا يهمل وأن من ظلم يظلم ولو بعد حين “إن الله لا يظلم الناس شيئاً ولكن الناس أنفسهم يظلمون”.
وبداية القصة أنه فى عهد دولة المماليك الشراكسة أراد أحد أمراء السلطان برقوق الأمير جهاركس الخليلى بناء خان – أى مكان تجارى – فوقع اختياره على مكان المقبرة الفاطمية وأمر بنبش قبورها وجمع عظام المدفونين بها وإلقائها فى المزابل وأنشأ هذا الخان على أرض المقابر الفاطمية.
ويقال أن الأمير جهاركس الخليلى استند فى ذلك الفعل الشاذ على فتوى لأحد رجال الدين وقتها ويدعى شمس الدين محمد القليجى بدعوى أن الفاطميين كانوا كفارا رفضة لا يستحقون الإبقاء على قبورهم. فاقتنع الأمير جهاركس برأيه وعمل على تنفيذه دون مراعاة لحرمة الموتى.
والواقع أن هذا العمل يتنافى مع طبيعة هذا الأمير الخيرة الذى قام بوقف هذا الخان وغيره من العقارات على فقراء مكة وجعل ريعها خبزاً يوزع عليهم.
وشاءت المقادير أن يلقى الأمير نفس المصير وأن يجازيه الله على سوء فعله فخرج لحرب بعض الخارجين على الدولة فى دمشق سنة 791 هـ/ 1389م فقتل هناك وتركت جثته على الأرض عارية فى الفضاء للوحوش تنهشها وإن الله يمهل ولا يهمل.
أما الخان فلم يعرف عنه شئ سوى أن ريعه ظل يوزع خبزاً على فقراء مكة وفقا لوصية منشئه حتى عام 806 هـ/ 1403م فاستبدل الخبز نقوداً.
وقد تهدمت أجزاء عديدة من خان الخليلى فقام بإصلاحه السلطان الغورى ، ولكن ظل اسمه كما هو نسبة للأمير جهاركس الخليلى.
وقد طبقت شهرة خان الخليلى الآفاق فأصبح قبلة زوار القاهرة الذين يفدون على مصر من مختلف بقاع الأرض حيث يشاهدون معروضاته من البضائع الشرقية كالأقمشة والخيم والنحاس المطعم والأواني الجميلة والسجاد والمسابح. هذا إلى جانب التحف الأثرية من مختلف الفنون فى العالم التى يعرضها بعض تجار الآثار الذين تخصصوا فى هذا النوع من التجارة.