آثار ومصرياتشئون مصريةمنوعات

الدكتور محمد عبد اللطيف يكتب لـ ” المحروسة نيوز ” سلسلة حلقات توعوية آثرية بعنوان ” حكاية آثر ” : “ مقيـاس النيــل“

في يوم 18 أبريل، 2021 | بتوقيت 4:00 مساءً

لقد اهتم المصريون منذ القدم بالنيل حتى أن هيرودوت قال مصر هبة النيل وعندما فتح المسلمون مصر كانوا يعرفون لمياه النيل قدرها ويذكر أن المسلمين حافظوا على مياه النيل وأثبتوا أنهم متحضرون ومقدرون لقيمة هذه المنة من الله على أرض مصر.

ومقياس النيل يقع بجزيرة الروضة ، وليس هو المقياس الوحيد ولكن سبقه بناء مقاييس عديدة من قبل وكان الهدف منها هو العدل والإنصاف مع الرعية ونسأل كيف هذا؟

مقياس النيل بالروضة من نماذج العمارة الاسلامية في مصر
مقياس النيل بالروضة من نماذج العمارة الاسلامية في مصر
مقياس النيل بالروضة من نماذج العمارة الاسلامية في مصر
مقياس النيل بالروضة من نماذج العمارة الاسلامية في مصر

فالإجابة تكون أن المسلمين كانوا يقدرون قيمة الجزية والخراج حسب كمية ماء النيل ولم تكن هذه الضرائب البسيطة تقدر جزافياً وإنما بالعدل فإن زاد مياه النيل زاد الإنتاج الزراعى وأن انخفضت المياه انخفض الإنتاج الزراعى وعلى هذا الأساس يتم حساب الجزية والخراج.

وعن قصة بناء المقياس يقول المؤرخ الكبير ابن إياس أن الخليفة العباسى المتوكل على الله أرسل يطلب أن يبنى مقياسا لزيادة النيل فشرع فى بنائه بجزيرة الروضة فى عام 246 هـ/ 860م.

وقال ابن عبد الحكم : كان بمصر عدة مقاييس قبل الإسلام ثم بعد فتح مصر بنى عمرو مقياسا بأسوان ثم بنى عبد العزيز بن مروان مقياسا بحلوان ثم بنى أسامة بن زيد مقياسا بالجزيرة فى عهد عبد الملك بن مروان ثم بنى سليمان بن عبد الملك مقياسا أخر ثم بنى المأمون مقياسا ثم بنى أحمد بن طولون مقياسا فلما كان أيام الخليفة جعفر المتوكل على الله أمر ببطلان سائر المقاييس التى كانت بمصر وجعل العمل على هذا المقياس وسماه المقياس الجديد وتم بناؤه عام 247 هـ/ 861م.

وهو عبارة عن فسقية مربعة يدخل إليها الماء وفى وسطها عمود رخام أبيض وهو مثمن طوله نحو عشرين ذراعاً وله قاعدتان.

ويروى المقريزى أنه عندما كان يتم الكشف عن منسوب المياه بمقياس النيل يتم عمل احتفال يبدأ بأن يقوم رجل يعرف بقاضى البحر بإلقاء الستر الأسود على شباك المقياس فإذا شاهد الناس هذا الستر قد أسبل تباشروا بالوفاء وأن مياه النيل قد وصلت إلى الحد المطلوب وهو ستة عشر ذراعا.

ثم يجتمع الناس للفرجة من كل صوب وحدب. ويقول ابن العطار أن الناس يكونون فى هذا اليوم فى زحام شديد أمام المقياس مما ينتج عنه خروج عن العادات والسلوكيات القويمة وفى هذا يقول الشاعر عن يوم استكشاف مياه النيل من المقياس هذا البيت.

تهتك الخلق بالتخليق قلت لهم                           ما أحسن الستر قالوا العفو مأمول

الأستاذ الدكتور محمد أحمد عبد اللطيف
الأستاذ الدكتور محمد أحمد عبد اللطيف

بقلم

الدكتور محمد أحمد عبد اللطيف

عميد كلية السياحة والفنادق جامعة المنصورة

أستاذ الآثار الإسلامية والقبطية واليهودية بجامعة المنصورة

مساعد وزير الآثار السابق

رئيس قطاع الآثار الإسلامية والقبطية واليهودية الأسبق

بالمجلس الأعلى للآثار