حــى شــبرا ..لهذا الحى قصة غريبة جداً فهو لم يكن موجودا على الخريطة أو فى الحقيقة نهائياً ولكن كان موقعه حتى منتصف القرن الثالث عشر الميلادى مغموراً بالمياه ضمن مجرى النيل أيام الفاطميين ولهذا فإن موقعه جديد وهو عبارة عن مكان وسط النيل ثم التحم بالأرض وبالفعل فإن اسم أو لفظ شبرا مأخوذ فى الأصل من كلمة شبرو أو جبرو وهى كلمة قبطية معناها الكوم أو التل والجدير بالذكر أنه يوجد فى مصر عدد 177 مكاناً أو قرية تسمى فى بدايتها باسم شبرا مثل شبرا الخيمة وشبرا اليمن وشبرامنت.. الخ بخلاف حى شبرا الشهير بالقاهرة. ويذكر أ/ محرم كمال أن اسم شبرا كان ينطق بالقبطية شبرا (بكسر الشين وهى أصلاً الجيم المعطشة جداً) ومعنى اللفظ حقل أو غيط وهى تدخل فى أسماء بعض البلاد وخاصة فى الوجه البحرى. ولإثبات هذا الكلام كله يجب أن نعود للقصة الحقيقية لنشأة حى شبرا بالقاهرة وتبدأ القصة حيث كان شاطئ النيل الشرقى لمدينة القاهرة فى عهد الدولة الفاطمية ينتهى عند شارع عماد الدين (محمد فريد الآن) ثم جامع أولاد عنان – جامع الفتح حالياً – فميدان رمسيس ثم يتجه النيل شمالاً إلى الشرابية.
وكان بالقرب من هذا المكان ميناء كبير للقاهرة هو ميناء المقس – بالقرب من موقع ميدان رمسيس حالياً – وكان بهذا الميناء أعظم دار للصناعة وبناء السفن الضخمة وحدث فى أواخر حكم الدولة الفاطمية أن غرق فى النيل بالقرب من هذا الميناء مركب اسمه الفيل وترك فى مكانه فتراكم فوقه الطمى والرمال وانحسر عنه النيل فصار جزيرة ارتفعت أراضيها بالتدريج وأطلق عليه الناس اسم (جزيرة الفيل) وصارت هذه الجزيرة فى وسط النيل وظلت هذه الجزيرة تتسع حتى أخذت شكلها النهائى فى عام 570 هـ/ 1174م فى عهد صلاح الدين الأيوبى حيث استغلت فى الزراعة على أن مساحة الجزيرة ظلت تزداد وكلما انحسرت مياه النيل عنها فى كل عام حتى أصبحت متصلة بالأرض وفى العصر العثمانى تغير اسم جزيرة الفيل وأصبحت تعرف باسم جزيرة بدران نسبة إلى الشيخ بدران صاحب الضريح الموجود بجامع الشيخ بدران بشارع جزيرة بدران الذى مازال موجوداً حتى الآن فى بداية حى شبرا أو مايعرف بإسم شبرا مصر.
قصر محمد على بشبرا
ولما جاء محمد على أنشأ بناحية شبرا الخيمة قصرا خاصا به ومد إليه شارع شبرا الحالى وكان ذلك سنة 1808م لوحة (16) فعرفت المنطقة المحيطة بهذا الشارع باسم شبرا وأخذت هذه المنطقة فى العمران وأقبل الناس عليها إقبالا كبيرا حتى أنها أصبحت الآن من أكبر أقسام القاهرة وأكثر أحيائها ازدحاماً. وهذه قصة حى شبرا الذى كان فى أصله موقع لامتداد مياه النيل.