أنشأ هذه القلعة السلطان الملك الأشرف أبو النصر سيف الدين قايتباى الذى قدم إلى مصر ولم يتجاوز العشرين من عمره.
وقد تدرج السلطان قايتباى فى المناصب حتى تولى حكم مصر سنة 872هـ/ 1468م وكان هذا الرجل محبا للعمارة ومغرما بها حتى أنه كان يتخذ شاد للعمائر كوظيفة – تساوى حالياً منصب وزير التعمير – من وظائف الدولة وأشهر من تولاها قجماس الإسحاقى الذى باشر أعمال بناء هذه القلعة وينسب إلى السلطان قايتباى العديد من العمائر فى مختلف بقاع مصر وخارج أرضها أيضاً.
وتعتبر قلعة قايتباى بالإسكندرية من أهم القلاع والحصون على ساحل البحر الأبيض المتوسط وقد أقيمت هذه القلعة فى مكان منار الإسكندرية القديم عند الطرف الشرقى لجزيرة فاروس وهذا المنار تهدم فى زلزال عام 702 هـ/ 1302م فأمر بترميمه السلطان الناصر محمد بن قلاوون ولكنه إنهار مرة أخرى.
ولهذا ففى عام 882هـ/ 1477م زار السلطان قايتباى مدينة الإسكندرية وتوجه إلى موضع المنار القديم وأمر بأن يبنى على أساسه القديم هذه القلعة واستمر البناء لمدة عامين وقيل أن السلطان صرف على بناء هذه القلعة ما يزيد على مائة ألف دينار وهو مبلغ ضخم بمقياس عصر البناء.
وتجدر الإشارة إلى أن هذا الرجل قام ببناء قلعة أخرى مازالت موجودة حتى الآن تسمى بقلعة قايتباى الثانية بمدينة رشيد وهذه أيضاً لها أهمية خاصة حيث اكتشف بها فى 15 يوليو 1799م حجر رشيد الذي كان سببا رئيسياً فى فك رموز اللغة المصرية القديمة وبالتالى معرفة أسرار الحضارة المصرية الفرعونية.
ونعود لقلعة قايتباى الأولى بالإسكندرية ، فقد ظلت محتفظة بشكلها وعمارتها الأولى حتى استيلاء الفرنسيين على الإسكندرية عام 1798م وقد سقطت القلعة فى أيديهم نتيجة لضعف حاميتها. كما حظيت قلعة قايتباى بالإسكندرية باهتمام محمد على فجدد مبانيها المتصدعة وأعادها إلى حالتها الأولى كما أصلح ورمم أسوارها الخارجية وزودها بالأسلحة الحديثة وخاصة المدافع الساحلية.
ولكن عندما ضرب الأسطول الإنجليزي الإسكندرية فى يوم 11 يوليو سنة 1882م تهدمت القلعة وتخربت بشكل بالغ وظلت هكذا حتى قامت لجنة حفظ الآثار العربية بدراستها أثريا وإعادة بنائها وترميمها عام 1904م.
وقلعة قايتباى بالإسكندرية أقيمت بأسوارها على مساحة 17550 متراً مربعاً أى ما يزيد على أربعة أفدنة ولها برج رئيسى ضخم مكون من ثلاثة طوابق ويزيد ارتفاعه على 17م وهو مربع طول ضلعه 30م.