ولما كانت الحياة دروس كتبت بعض الدروس ..
وليس اي دروس .. الدرس ( 48 ) “فلولا أنه كان من المسبحين “
صياح يوم جمعة في أواخر التسعينات في الصيف،وكان الجميع في الاسكندرية وكنت لازم أسافر لهم ،كنت هاسافر الخميس بالليل ولكن لظروف العمل اتاخرت فقولت أسافر الصبح، وهي ساعتين وأوصل بأمر الله ،وكان عندي عربية هوندا برليود وهي سبور وبمحرك قوي واستجابة سريعة .
علي ما صحيت ولبست ونزلت كانت الساعة 9:30 صباحاً و طبعا لو مشيت بسرعة طبيعية هاوصل بعد الصلاة فقررت التحرك بسرعة ورفع السرعة، علشان أصلي في الإسكندرية، وطبعا دون عمل أي حساب لعمر السيارة و المحرك .
إنطلق الوحش بسرعة كبيرة لدرجة إننا عبرنا الريست هاوس قبل 11:20 وطبعا فاضل ساعة فزودت السرعة علشان ألحق .
وفجأة إتحركت نقطة زيت بعد مقاومة لتمر من شنبر المحرك وتصطدم مع البستم في صعوده فتحدث ثقب به ويبدء المحرك في فقد الكبس أو القدرة علي الحركة.
ويتوقف الزمن عند الكيلو 92 علي الإسكندرية وتواصل السيارة في إندفاعها حتي تدخل الملف الكبير وتتوقف عند لوحة تحمل رقم الإسكندرية 91 ك بعدها مطلع كبير، منطقة صامته لا يوجد بها سوي بعض الأشجار والباقي صحراء، وتوقف الزمن!!.
رفضت السيارة العمل وحاولت كتير بلا فائدة،وكان معايا تليفوني المحمول ولم يكن قد إنتشر بعد، المهم لقيت عربية نص نقل كبيرة قلتله يوديني لحد اسكندرية أو العمار.
الصراحة البرليود تقيلة و السلبة ( الحبل ) اللي كان معاه فشل في سحب العربية وإنقطع فالراجل سابني ومشي .
اتمشيت شوية وعديت الناحية التانية وكان معايا زجاجة فارغة لاني لقيت العربية سخنة قلت أشوف مكان فيه ميه، ..بعد شوية لقيت زي إستراحة سيارات نقل ، ودخلت و طلبت ميه وكان في نيتي اني اشرب لقيت الراجل قالي الميه وار المكان ، روحت لقيت حاجة زي حوض شرب البهايم والميه اللي فيها خضرا ، حطيت منها في الزجاجة عشان العربية و رجعت تاني وطلبت الميكانيكي وقلت له عند الكيلو 91.
وقعدت في العربية ومرت ساعة وانا مستني اللي بعتهم الميكانيكي محدش جه وطبعا الصلاة فاتتني، وكمان ساعة، .. رحت طالبه تاني فين الناس ياعم؟.. قاللى طلعوا وزمانهم علي وصول،.. وقعدت في العربية اقراء سورة الكهف بعد الفشل الذريع اللي عملته وبعد خيبة الأمل في حساباتي وفي عربيتي ،خلصت قراءة وفتشت في العربية لقيت ازازة فيها ميه سخنة فشربت منها حاعمل إيه ؟.
استنيت نص كمان و طلبته ،فين الناس قاللي رجعوا ماهم مالاقوش حاجة عند الكيلو 91 ، قلتله ما انا واقف عند اليافطة هو ما جوش ، وهما عرفوا منين انه الكيلو 91 ، قال من كيلومتر العربية ، يانهار اسود.
يا عم اليافطة فاضل 91 مش 91 من القاهرة الرحمة ،والحل؟!..قاللي حابعتهم تاني.
تخيل هاتستني تاني في الصحراء الجرداء، ..ساعة و نص لما يشرفوا ..قلت امري لله في انتظارهم .
وتحرك الزمن بـ “لا إله إلا أنت إني كنت من الظالمين”، ..انها واحدة التي قلتها ..حطيت إيدي علي المفتاح والساعة بقت 3 وشوية، والحر رهيب .
ودورت الموتور لقيته دار، مصدقتش نفسي فقلت أمشي لقدام وكان قدامي مطلع و بصراحة كنت خايف لا تقف وأبقي غيرت مكاني وخربت الدنيا.
لكنها مشيت بس بتطلع دخان ابيض وكانها فرسة تعرج ومشينا حوالي 4 كيلو وأنا سايبها ماشية بسرعة 60 كم ، ..المهم لقيت مسجد علي اليمين وعلي إرتفاع عدة درجات من الطريق ركنت قدامه ونزلت اول حاجة طلبت الميكانيكي عشان اقوله إني إتحركت وانهم لو كلموه يقولهم إطلعوا كمان كام كيلو.
فصدمني و قالي دول رجعوا تاني عشان نسيوا جنزير الجر فقلتله ان العربية دارت قالي خلاص هما ييجوا يأمنوا رجوعك لا تعطل و المغرب قرب.
دخلت الجامع و اُذن لصلاة العصر وصلينا جماعة ولقيت ثلاجة ميه في المدخل وشربت منها ومليت الأزايز اللي معايا وقعدت في الجامع بعد مدة وصلوا.
حطينا زيت في العربية لتعويض اللي بيتحرق و لفينا ورجعنا علي مصر وسط دخانة بيضة ولا جيمس بوند
اياك والغرور فما أفسد الرحلة إلا الغرور بالنفس والعربية .
عرفت يعني ايه المثل بتاع زمان ” يا مستعجل عطلك الله”..و لكن مؤكد انه خير .
فلولا إنا كان من المسبحين، مرة واحدة حركت كل شئ ، يالله علي من كان في بطن الحوت.
تجربة رائعة لمكان معزول مفتوح ولكنك مسجون فيه وبها يتحول السجن الي مسجد وجماعة ومياه باردة من الثلاجة.