تقول حكمة أحد مشاهير طهاة العرب: في بلادنا نحفر الباذنجان والكوسة كعادة متوارثة بأن نفرغ (المضمون) ونضع بدلا منه أشياء أخري (قد تكون مفيدة) ولكن هي (غالبا غير مفيدة).
كثير من الناس يسبقون أسمي بلقب (دكتور) ودائما ما أنبههم إلي أني لست حاصلا علي درجة الدكتوارة ولا أستحق اللقب ،وكثيرون أيضا يلقبونني بـ (الخبير السياحي) ودائما أيضا ما أنبههم إلي أني لست خبيرا بل (باحث) في قطاع السياحة والسفر ، مهنة تعلمتها أكاديميا ومارستها عملياً لما يزيد عن 40 عاما منذ تخرجي وحتي اليوم.
منذ منتصف ديسمبر الماضي أعكف مع مجموعة من الشباب الواعد أفتخر بهم علي دراسة جميع المعطيات السياحية لعام 2020 عالمياً أولاً،ثم إقليمياً لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، نبحر ونبحث عن كل معلومة تتعلق بصناعة السياحة والسفر ونتائج أسوأ عام واجهته السياحة العالمية وهو عام 2020، ومازلنا نعمل عليه للخروج بدراسة مفيدة لبعض عملائنا في الشرق الأوسط لتوفيق الخطط التسويقية طبقا لمستجدات وتطورات الإغلاق أو الإنفتاح الدولي علي السفر.
وإذا بنا ونحن في خضم الأرقام والمعادلات والتحليلات أفاجأ بخبرين في موقع بوابة المحروسة أولهما كان يوم 26 فبراير بعنوان:-
(“تنشيط السياحة”: إطلاق الحملات الترويجية خارجيا متوقف علي إستئناف حركة الطيران مع مصر) .
– أما الخبر الثاني فكان في الأول من مارس بعنوان (“العناني” يصدر قرارات بأكبر حركة تعيينات وندب للوظائف القيادية العليا بوزارة السياحة والآثار) حركة شملت 23 مديرا للإدارات العامة أو المركزية و شملت أيضا 23 مستشارا للوزير و 17 مساعدا للوزير و 7 معاونين للوزير و 2 متحدثين رسميين للوزارة !!! حاجة كده بتقول إن مستقبل السياحة المصرية أصبح وبحق (مضمون).
الخبران (ظاهريا) بعيدان كل البعد عن أحدهما الآخر ولكنهما من وجهة نظري المتواضعة (يتماسان في المضمون).
دعوني أشارككم أولاً في بعض نتائج تلك الدراسة في سلسلة حلقات تسمي (المضامين) ، ومنها سنصل لنتائج تثبت تماس الخبرين في المضمون (سواءا بالحشو أو التفريغ!!!!).
أولا : منظمة السياحة العالمية
خرجت علينا المنظمة بتقرير نشر في يناير 2021 ملخصه أن السياحة العالمية من حيث عدد السائحين إنخفضت 74% علي مستوي العالم بنسب تفاوتت مابين أقل المتضررين (الولايات المتحدة الأمريكية سالب 69%) ومابين أكثر المقاصد تضررا (آسيا والمحيط الهادئ بسالب 84%) في حين كان نصيب الشرق الأوسط من التراجع يبلغ 75% كما يوضح المؤشر التالي
وكانت منطقة الشرق الأوسط قد شهدت زيادة في يناير 2020 عن نفس المدة في 2019 بمقدار 6% ، ولكنها بدأت في التراجع بـ 1% في فبراير 2020 عن فبراير 2019 ، ثم مرت بأسوأ ثلاثة أشهر في تاريخها أبريل ومايو ويونيو 2020 بإنخفاض 99% عن نفس الأشهر من 2019 كما هو موضح بالمؤشر التالي
وأشار التقرير أيضا أن الطلب عالميا علي السياحة يبدو قليلا في يناير 2020 رغم التحسن الطفيف الذي طرأ علي بعض المقاصد السياحية .
ولكن المنظمة عادت ونشرت تقريرا لاحقا ( وهو الإصدار الثامن لسلسلة تقارير بعنوان : تتبع حالة تحسن السياحة Tourism Recovery Tracker ) تبشر فيه ببدء تلقي عدد لابأس به من مواطني دول الغرب لقاحات كورونا المتعددة وهو ما يبشر بعودة لا بأس بها علي الطلب في الربع الثالث من 2021 خاصة وأن الآن أكثر من 53% من المقاصد السياحية العالمية قد رفعت إجراءات الحظر وأن حوالي 70% من الدول المصدرة للسياحة رفعت قيود السفر .
وأفاد التقرير أنه طبقاً لإستطلاعات أراء السائحين علي مستوي دول العالم فإن 50% منهم يقرون بأن فرص السفر بغرض السياحة لعام 2021 تبدو في نظرهم متاحة ، والإستطلاع يتوقع زيادة هذه النسبة إلي 79% بحلول إبريل 2021.
(ويطالب التقرير المسئولين بعدم التوقف عن تسويق المقاصد السياحية بدولهم للحفاظ علي الصورة الذهنية للسائح عن المقصد السياحي)
ولعلك عزيزي القارئ تري في الجمل بين الأقواس وتحتها خط رسالة غير مباشرة من منظمة السياحة العالمية للسيد رئيس هيئة تنشيط سياحتنا الموقر ، ولكنها رسائل مباشرة و صريحة مني لسيادته .
وإلي اللقاء في الحلقة الثانية من (مضامين) التسويق وفيها رسائل إلي السيد رئيس الهيئة ، وأخري لزملائي في القطاع ، ونستعرض بالتفصيل نتائج منطقتنا العربية ، وفرص التسويق بها .