خزانة شمايل
تبدأ قصة هذا المكان بأن المؤيد شيخ كان أحد الأمراء المقربين للسلطان المملوكى برقوق وعند وفاته تولى ابنه فرج بن برقوق الذى غضب على المؤيد شيخ وقام بسجنه فى سجن يعرف باسم خزانة شمايل – وهو الموقع الحالى للمسجد – وكان من أسوأ السجون فى ذلك العصر وذلك بعد أتهمه الملك الناصر فرج بن برقوق مع بعض الأمراء بالتآمر عليه. فنذر المؤيد شيخ إلى الله أن يهدم هذا السجن ويبنى مكانه مسجداً لو أفرج عنه وبعد أن حقق الله له ما أراد وفى بنذره وهدم سجن خزانة شمايل وبنى مكانه هذا المسجد والمدرسة بعد أن ضم إليهما بعض الأراضى المجاورة.
ويشاء الله أن يتحول السجن إلى مسجد رائع قال عنه المقريزى المعاصر له “إنه الجامع لمحاسن البنيان الشاهد بفخامة أركانه وفخامة بنيانه وأن منشئه سيد ملوك الزمان ويحتقر الناظر له عند مشاهدته عرش بلقيس وإيوان كسرى أنو شروان ويستصغر من تآمل بديع اسطوانه الخورنق وقصر غمدان”.
يقع هذا الجامع بشارع المعز لدين الله ملاصقاً لباب زويلة وينسب إلى الملك المؤيد أبو النصر شيخ المحمودى الجركسى الأصل الذى تدرج فى الوظائف حتى وصل إلى أتابك العسكر – أى حالياً وزير الدفاع – ثم ملكاً لمصر منذ عام 815 هـ/ 1412 م – حتى 824 هـ/ 1421م.
وفترة العمل والإنشاء فى هذا المسجد تحكى مدى اهتمام السلطان المؤيد شيخ لإنجاز هذا المبنى الذى استغرق بناؤه حوالى ست سنوات تكررت زياراته أثناءها للعمل إذ بدأ العمل فيه سنة 818 هـ/ 1415م وانتهى فى سنة 824 هـ/ 1421م.
وقد أشرف على بناء هذا الجامع رجل يدعى بهاء الدين محمد ابن البرجى ويضم المسجد أربع واجهات ومدخله الرئيسى يقع بالطرف الشمالى وله باب من الخشب المصفح بالنحاس المزين بالذهب والفضة وهذا الباب نقله المؤيد شيخ من مدرسة السلطان حسن وما يزال اسم السلطان حسن منقوشاًَ على هذا الباب الذي يعتبر من أجمل وأدق الأبواب النحاسية فى زمانه.
ولهذا المسجد قيمة معمارية رائعة فقد قام مهندسه باستغلال ملاصقة المسجد لباب زويلة فاتخذ من برجى الباب قاعدتين لمئذنتيه ويوجد كتابة عليهما تذكر أنهما من عمل محمد بن القزاز عام 822 هـ/ 1419م.
بقلم
الدكتور محمد أحمد عبد اللطيف
عميد كلية السياحة والفنادق جامعة المنصورة
أستاذ الآثار الإسلامية والقبطية واليهودية بجامعة المنصورة
مساعد وزير الآثار السابق
رئيس قطاع الآثار الإسلامية والقبطية واليهودية الأسبق
بالمجلس الأعلى للآثار