أخبارشئون مصريةعقاراتمنوعات

“المهندس عصام إمام عبد المجيد ” يكتب ل “المحروسة نيوز” عن : الظلم الواضح بقانون التصالح فى مخالفات البناء

في يوم 11 نوفمبر، 2020 | بتوقيت 10:47 مساءً

أحيانا تصدر الدولة قوانين ظاهرها الرحمة وباطنها العذاب للمواطن ومن أحد هذه القوانين قانون التصالح فى مخالفات البناء الذى أعلنت عنه الدولة بأنه قانون مؤقت فى صالح المواطن الذى يسكن فى عقارات تم بنائها بدون ترخيص لتقنين وضع هذه العقارات عن طريق سداد غرامة تقدرها الجهة الإدارية المختصة بدلا من تطبيق المادة 102 من القانون رقم 119 لسنة 2008 ولائحته التنفيذية الصادرة بقرار وزير الإسكان رقم 114 لسنة 2009 ( قانون البناء الموحد ) والتى تنص على حبس المخالف لمدة لا تزيد على خمس سنوات أو الغرامة التى لا تقل عن مثلى قيمة الأعمال المخالفة ولا تجاوز ثلاثة أمثال هذه القيمة متناسية عقاب الشخص المخالف المتسبب فى المخالفة وأصبح قانون التصالح فى مخالفات البناء يقف بجوار المواطن المخالف(المقاول) وضد المواطن المغلوب على أمره(الساكن ) بتحميله قيمة الغرامة بسبب حاجته الى السكن على مر العقود الماضية وحتى وقت قريب ايام ثورة يناير 2011 وتوابعها حتى تماسكت الدولة وصدر هذا القانون المؤقت المغلوب على أمره .

القانون يعاقب المواطن الملتزم ويقف مع المواطن المخالف (المقاول ) :

ومن عجائب هذا القانون وقوفه مع المواطن المخالف ( المقاول ) ضد المواطن الملتزم فحينما نرى مواطن يقوم بالبناء بدون ترخيص على ارض زراعية وبجواره مواطن ملتزم يحترم القانون يجد نفسه مظلوما نتيجة تحويل الأرض الزراعية الى مبانى مخالفة تحيطه من كل جانب وكذلك فى المناطق السكنية عندما يقوم صاحب فيلا او عمارة سكنية ثلاثة أو أربعة أدوار بهدمها واقامة أبراج سكنية بدون ترخيص بارتفاعات اكثر من 13 دور بجوار فيلا تكون النتيجة أن القانون يعاقب المواطن الملتزم بعدم مخالفته القانون وتعطى الفرصة الكاملة للمواطن المخالف ( المقاول ) للتصالح على مخالفاته ويصبح المواطن الملتزم ( مالك فيلا ) سجينا بين أبراج خرسانية تتعدى ارتفاعاتها مرة ونصف أو مرتين عرض الشارع دون اية اعتبارات بيئية للتهوية ودخول أشعة الشمس والإعتداء على الخصوصية بالإضافة الى الضغط على عناصر البنية الأساسية من نقص فى المياه والكهرباء والطرق وطفح فى شبكة الصرف الصحى . هذا المشهد نراه كثيرا فى المناطق ذات الإرتفاعات المنخفضة سواء فى المدن والقرى مثل مصر الجديدة والمعادى ومدينة نصر .

دور الدولة فى التغلب على العشوائيات :

انى أرى أن الدولة مرت بأوقات عصيبة تجرأ فيها أصحاب غسيل الأموال وتجار المخدرات والآثار و تجار السلاح فى فترة ثورة يناير 2011 بتغيير نمط الحياة فى معظم أنحاء مصر المحروسة مستغلين حاجة المواطنين للسكن فى غيبة المراقبة من الحكومات المتعاقبة وفى ظل غياب أخلاقيات المهنة فى موظفى الأحياء الذين لم يتم محاكماتهم ومن ضعاف النفوس نتج عن ذلك بناء مناطق عشوائية وأصبحت الدولة تعانى من وجود آلاف العقارات المخالفة سواء على أرض الدولة أو أراضى خاصة بأصحابها على الرغم من المجهود الضخم الذى بذلته الدولة فى تخطيط وتنفيذ مدن جديدة فى كافة محافظات مصر للحد من الزحف العمرانى على الأراضى الزراعية وتخفيف الكثافات السكانية مثل العاشر من رمضان والسادس من اكتوبر ومدينة السادات ومدن العبور وبدر والشروق والقاهرة الجديدة وأخيرا العاصمة الإدارية وفى شتى محافظات مصر منها سوهاج الجديدة والمنيا الجديدة وما تبذله الدولة فى الفترة الحالية فى التخلص من المناطق العشوائية ذات الخطورة الشديدة ونقلهم الى مناطق سكنية صحية جديدة تحملت فيه الدولة مبالغ طائلة من أجل توفير حياة كريمة للمواطنين الذين كانوا يعيشون فيها مثل الأسمرات وأهالينا والمحروسة وروضة السيدة.

التفرقة بين المناطق الواجب التصالح عليها والمناطق غير الواجب التصالح عليها :

قامت الدولة بإصدار قانون التصالح فى مخالفات البناء الذى لم يفرق عند صدوره بين المناطق التى أقام فيها هؤلاء المقاولون الجشعين العقارات المخالفة بحثا عن الربح السريع مع تدمير البيئة والبنية الأساسية وبين المناطق التى كان المواطنون فيها فى أمس الحاجة الى السكن بسبب قلة الأراضى وزيادة الكثافة السكانية بها وأصبحت الدولة كل همها أن يسدد المواطن المجنى عليه الغير مخالف قيمة الغرامة الغير مسئول عنها ويعاقب المواطن الملتزم على احترامه للقانون وعدم اقدامه على المخالفة بان يعيش وسط ابراج خرسانية تمنع عنه الهواء والشمس ويفقد الخصوصية التى كان يتمتع بها واستمرار معاناته الحياتية دون أن تنظر له الدولة بكيفية تعويضه على فقدان الحياة البيئية الصحية من ناحية وينجو المواطن المخالف الأصلى ( المقاول )من العقاب من ناحية أخرى.

 مقترحات لكى يكون قانون التصالح مكتمل الجوانب القانونية والفنية :

– يجب على الدولة دراسة تعويض المواطن الملتزم باصدار قانون يعطيه الحق فى الحصول على ترخيص لبناء عقار طبقا للإشتراطات التى سيتم الموافقة عليها لأصحاب المبانى المخالفة سواء داخل المدن أو المتخللات الزراعية طالما أن الحياة فى وسط هذه العقارات أصبحت صعبة فى ظل غياب البيئة الصحية المحيطة لأنه من الظلم أن تبقى فيلا دورين وسط أبراج شاهقة الإرتفاع.

– يجب اعادة النظر فى قيمة التصالح على المتر المربع فى المناطق السكنية ذات الكثافة العالية نظرا لحاجة المواطن الملحة الى السكن وبالتالى أصبح مضطرا للبحث عن سكن فى وقت كانت فيه الدولة عاجزة عن توفير السكن للمواطن .

– يجب التأكيد على ضوابط التصالح سواء من حيث قيود الإرتفاعات لكل منطقة على حدة وتوحيد الكثافات السكانية لها واحترام الإرتدادات عن الجار مع عدم تغيير الإستخدام الا فى الظروف الإستثنائية مثل توفير خدمات أساسية مثل الخدمات الصحية والتعليمية مع احترام خط التنظيم بصفة نهائية وتوفير الجراجات كلما أمكن ذلك.

– حيث أن القانون مؤقت وله مدة معينة تنتهى بقرار من رئيس الوزراء نعود بعدها لتطبيق القانون رقم 119 لسنة 2008 ولائحته التنفيذية الصادرة بقرار وزير الإسكان رقم 114 لسنة 2009 يجب على الدولة علاج كافة الآثار المترتبة على تطبيق قانون التصالح قبل الإنتهاء من تطبيقه ومنها حل مشكلة المتخللات الزراعية والمتخللات فى المناطق السكنية والبحث عن المواطن المخالف الفعلى مرتكب المخالفة وتحميله قيمة الغرامات التى قدرتها الجهات الإدارية بدلا من تحميلها المواطنين المغلوبين على أمرهم .

كاتب المقال

المهندس عصام امام عبدالمجيد 

رئيس ادارة مركزية للمعلومات بالهيئة العامة للتنمية السياحية سابقا

رئيس ادارة مركزية للبيئة بالهيئة العامة للتنمية السياحية سابقا

مدير عام متابعة تنفيذ المشروعات بالهيئة العامة للتنمية السياحية سابقا

ماجستير تخطيط مدن – هندسة الأزهر