آثار ومصرياتشئون مصريةمنوعات

الباحث الآثارى والمرشد السياحى” أحمد السنوسى” يواصل مع” المحروسة نيوز ” سلسلة مقالات عن “شخصيات مصرية نسيها التاريخ “ الملك نقطانب الاول (1)

في يوم 8 نوفمبر، 2020 | بتوقيت 12:00 مساءً

بعد ان تحدثنا في المقالات السابقة عن الثورى المصرى خباباش وكان ذلك في أواخر عهد الملك نقطانب الثانى،فاليوم لابد لنا من العودة الى الخلف قليلا حيث عهد الملك نقطانب الأول.فهذا العهد بالتأريخ والتقويم كان قبل دخول الاسكندر الأكبر مصر بحوالي أربعون سنة.

فالملك نقطانب الاول يعتبر من اواخر ملوك مصر،وقد قدرت فترة حكمه بحوالي عشرون عاما (380-361 ق.م) وكان اسمه الملكى (خبر كا رع) والاسم الاصلى (نخت نب اف) ونبحث في شخصيته وعهده في التاريخ المصرى القديم.بالرغم من الهدؤ النسبى فى داخل المجتمع المصرى،ولتسهيل هذا الامر من الناحية الدراسية والوثائقية فلابد من تناول ذلك فى عدة نقاط رئيسية مؤكدة وهى:-

– النقطة الاولى: بجميع المقايسس التاريخية والوثائقية فأن الفرس انذاك لم يكن لهم وجودا فى مصر بالرغم من تلك المخاطر التى كانت تحيط بمصر من ناحية الفرس من جهة من ناحية بلاد اليونان من ناحية اخرى.وكان الارتكاز الفارسى واليونانى المشترك فى منطقة فلسطين حيث مدينة عكا الان وكذلك منطقة غزة.

– النقطة الثانية: ان الجيش المصرى فى هذا العهد على وجه الخصوص لم يكن بالقوة التى كانت مثلا فى عهد الاسرة 26 بالرغم من ضعفه أيضا انذاك،ووضح جليا تفوق جنود الاغريق القتالى لاحتكاكهم المستمر مع الفرس بجانب قوة الفرس الحربية بطبيعة الحال وظهور ما يعرف باسم (الجنود المرتزقة) بقوة كبيرة على صفحات التاريخ وبقوة تضارع جيوش العالم انذاك وكان اغلبهم طبعا من الاغريق. ومنها مثلا موقعة (كوناكسا) الفارسية الاغريقية وتحدى جنود مرتزقة اغريق بتعداد 13 الف جندى مرتزقة امام وجه الفرس كجيش منظم بل وتحديهم للفرس وهزيمتهم كذلك فى منطقة مسيوبتامينا (سوريا الان)

– النقطة الثالثة: بعد هذه الموقعة بالتحديد استطاع الفرس بطريقة او باخرى ولتقاسم بلاد اليونان سياسيا من ان يجندوا جنودا مرتزقة من الاغريق بل اصبحوا نواة كبرى فى الجيش الفارسى،ومن هنا اصبحت اجزاء كثيرة من بلاد الاغريق موالية للفرس تماما والرغبة فى المساعدة لدخول مصر من ناحية وفى تصادم مع بعضا من مناطق بلاد الاغريق من ناحية اخرى،ومن هنا ظهر الجيش الفارسى فى الشرق مرة اخرى بقوة.

وهذه النقاط الثلاثة على وجه الخصوص من التاريخ بصفة عامة توضح احوال مصر السياسة وتلك المخاطر التى تعانى منها مصر وخاصة انه منذ عقود قليلة كان الكثير من بلاد الاغريق موالية لمصر،وفى تلاحم مع مصرلصد الغزو الفارسى سواء كان على مصر او على بلاد الاغريق.وهذا التحول الاغريقى اصبح خطرا ايضا على مصر وخاصة ان هناك اغريق فى مصر وهذا ما سوف نوضحه فى تاريخ هذا الملك فيما بعد.ومن المؤكد ايضا بان مصر فى هذا العهد لم تكن فى تحالف مع اية دولة بما فيها بلاد الاغريق اما الفرس فكانوا على العكس من ذلك وكما عرفنا من السطور السابقة.

ويعتبر الملك نقطانب الاول هو ابنا لاحد الامراء يدعى (تاخوس) فى عهد الملك اوكوريس وكذلك ابنه الملك نفرتييس الثانى.وهو من اصل مدينة سمنود،وبما انه ابنا لاحد الامراء بل ومصرى ثورى من ناحية اخرى ووجد البلاد داخلة على عصرا جديد من الفوضى  رغب فى مسك امور البلاد وتوطيد حكمه ولقد ساعده فى ذلك وزير الحربية (خابرياس) الذى كان وزيرا للحربية منذ عهد الملك اوكوريس وبذلك استطاع الامير نقطانب الاول من الوصول الى كرسى العرش بسلام والقضاء على بعض الاضطرابات التى كانت موجودة فى البلاد انذاك.

وفى حقيقة الامر فان السبعة السنين الاولى من عهد كانت تشهد البلاد سلاما ولو حتى هشا مما ساعده كثير على اقامة المبانى الضخمة وانتاج فنا رفيعا واثارا له تعدت المائة اثرا فى هذه الظروف القاسية.اما عن العالم الخارجى فهناك تخطيطا من الفرس لغزو مصر وبمساعدة الجنود المرتزقة من الاغريق والتى اقيمت فعلا فى عام 374 ق.م واكن القدر والطبيعة كانوا مساندين لمصر اولا واخيرا وليس بسب قوة الجيش المصرى وما سنعرف ذلك حالا وبالتفصيل كذلك.وكان من محاسن هذا الملك انه خطط فى دفاعه بان يكون الاعتماد الاساسى هو الابناء من المصريين وخاصة تخلى بلاد الاغريق عن المساندة والمساعدة،وعرف المصريين بان مصر يحميها المصريين فقط انذاك.

– الغزو الفارسى لمصر عام 374 ق.م: مع احترامى الكامل لكل المؤرخين قديما وحديثا فان الحقيقة المؤكدة انذاك بان مصر كان يحميها المصريين فقط حتى ولو كان فى الجيش المصرى انذاك جنود المشوش من الليبين او الكوشين فانهم الاقرب الى مصر من اليونانيين وحبهم لمصر وكرامتهم هى كرامة مصر وخاصة للغدر الذى وجدته مصر انذاك من بلاد الاغريق نفسها وكما سنعرف بالتفصيل.

فالحملة الغادرة على مصر انذاك كانت بقوة مشتركة من الفرس والاغريق،وكان يتربع على عرش الفرس الملك (ارتكزركزس الثانى) والزاحف بجيشه فى موقعة (اسبيس) فى اسيا.اما الجيش الموجه الى مصرفتحت قيادة القائد الفارسى الشهير (فارنابازوس) والجيش الاغريقى بما فيه المرتزقة تحت قيادة القائد الشهير (افيكراتس) ولكن القيادة والاوامر والتخطيط فارسى والامر فارسى كذلك.

ولكن كان القدر ايضا فى صالح مصر حيث دبت الغيرة بين القائدين حتى قبل تنفيذ الهجوم على مصر.وكان كلا منهم لا يرغب فى نسب الفوز الى الاخر وكان القائد الفارسى يريد اثبات بان الاغريق من المرتزقة بما فيهم قائدهم،وما مهم الا عنصر مساعد فقط وليس جيشا نظاميا اساسيا مثل الفرس.وظهر الهجوم الحاد من القائد الفارسى على القائد الاغريقى،والادعاء بان افيكراتس يريد ان يحتل مصر لمصلحته الشخصية،وكانت كل تلك الامور قد ظهرت اثناء التخطيط والعسكرة فى منطقة عكا بفلسطين.

ووصل الامر الى الملك الفارسى ارتكزركزس وقد رشح لتولى امر قيادة الجيش الفارسى الى القائد (دامتاس) بدلا من فارنابازوس ولكن الملك الفارسى كان صاحب حنكة فى الامر ويشهد له التاريخ ذلك فى التاريخ الفارسى وخاصة انه مشغول فى ثورة وفوران منطقة اسبيس ولكنه اقر باشياء نبحث فيها مع المقال القادم ان شاء الله.

الى لقاء مع المقال القادم ومواصلة الحديث عن شخصيات مصرية نسيها التاريخ

كاتب المقال

الباحث الاثارى والمرشد السياحى

أحمد السنوسى