سياحة وسفرشئون مصريةمنوعات

“الدكتور سعيد البطوطى” يكتب لــ” المحروسة نيوز ” عن :السياحة سوف تنتعش من جديد “قد تمرض ولكنها لا تموت “

في يوم 3 نوفمبر، 2020 | بتوقيت 1:08 صباحًا

بالرغم من الظروف القاسية في الوقت الراهن التي يعيشها الجميع، إلا أنني متفائل بأن تلك الغمة سوف تنقشع قريبا وسوف يأتي الفرج من حيث لا ندري ولا نحتسب.

لقد كان قدري أنني عشت طوال حياتي الكثير من الحوادث والأحداث سواء في مصر أو في دول أخرى حول العالم وشاهدت ما تقشعر له الأبدان. 

أذكر على سبيل المثال أول أكتوبر عام 1992 كنت مسؤولا عن إحدى البواخر السياحية النيلية التي كانت تشغلها إحدى الشركات الألمانية وكنا نعمل رحلات طويلة من القاهرة إلى أسوان والعكس وكانت الباخرة وقتها كاملة العدد كل الوقت (حوالي 150 سائح). كنا نتوقف في بعض المراسي ونقوم بتزيين الأشجار بلمبات الكهرباء المعدة مسبقا في الباخرة ونخرج كراسي وترابيزات الصن دك على المرسى في المساء ونجلس النزلاء عليها في هذا الجو الطبيعي الساحر ونقوم بشراء كل مستلزمات الشواء من المدن والقرى التي كنا نتوقف فيها ونقوم بالشواء في العراء في جو غير طبيعي، كنا أيضا نستدعي فرق فنون شعبية من كل الأماكن التي نتوقف بها للعزف. لا أستطبع أن أعبر لكم عن مدى المتعة التي كان يجدها السائحون في هذا الجو، وكذا استفادة المجتمعات المحلية، ولا أبالغ أن أقول حتى الحيوانات بالمنطقة كانت تأخذ نصيبها. 

من الأماكن التي كنا نقوم بعمل حفلات الشواء وسهرات الفولكلور الشعبي بها “مرسى بني حسن” في محافظة المنيا. في أحدى الرحلات وبعد مغادرة هذا المرسى بعد زيارة منطقة آثار بني حسن وبعد الإبحار كنا في الغذاء بالمطعم بالطابق الرابع على الباخرة وكنت أجلس على ترابيزة واحدة مع التوليدر Volkher Kirchhoff وأربعة مرشدين سياحيين كانوا مرافقين للرحلة، وفجأة عند منطقة تسمى عزبة الكلاب في نطاق دير مواس على حدود محافظة المنيا مع محافظة أسيوط سمعنا أصوات إطلاق نار فأخذنا نمزح ونقول “إيه ده فرح الظهر” حيث كانت تلك أول حادثة على الإطلاق ولم نسمع عن تلك الحوادث من قبل .. لكن الأمر تطور بسرعة ووجدنا الرصاص بدأ يدخل من خلال الشبابيك ويتناثر الزجاج وبدأ الرصاص يخترق بدن الباخرة حيث كانوا يستخدمون نوع من الرصاص الخارق، نظرت بشكل خاطف من إحدى النوافذ فرأيت أربعة أشخاص ملثمين يطلقون النار على الباخرة من بنادق آليه ومتواجدين على البر في مكان تم اختياره بعناية وحيث المجرى الملاحي قريب جدا من الشاطيء. المهم زعقت بسرعة في الناس بالمطعم وأمرتهم باللغة الألمانية أن ينبطحوا على الأرض بسرعة حيث أننا نتعرض لهجوم.

للأسف البعض من السائحين والعاملين أصابه الرصاص ومعظمهم من الذين لم يستجيبوا للأمر وأخذوا يجروا من الرعب.

زحفت على الأرض وسط الدماء حتى كابينة القيادة ووجدت ريس الباخرة ترك الكابينة وهرب، فتمالكت نفسي وقمت بمسك مقابض التوجيه (حيث كنت قد تدربت عليها في إحدى الدورات) وتوجيه الباخرة بعيد عن الشاطيء وقلت يحدث ما يحدث حتى لو شحطنا على الأرض في النيل ليس مهم، المهم نبعد عن مجال النيران وفي تلك الأثناء اتصلت عبر جهاز اللاسلكي بشرطة المسطحات المائية.

عاد الريس إلى كابينة القيادة واستمرينا في الإبحار حتى منفلوط ووجدنا حسن الألفي محافظ أسيوط وقتها وعبد الوهاب الهلالي مدير الأمن في انتظارنا على المرسى بسيارات الإسعاف وعدد كبير من القوات. الأحداث توالت ويطول شرحها…..

ليست تلك المرة الوحيدة التي عشتها ولكن حوادث أخرى عند جزيرة البداري في حدود محافظة أسيوط وحادث الأقصر .. الخ.

المضحك أنه بعد ثورة يناير 2011 أيام مرسي وعند سماعي عن تعيين “عادل الخياط” محافظا للأقصر وأنا في ألمانيا، ضحكت كثيرا وقلت يعوض ربنا في مصر، وحيث أنني رأيته عندما تم استدعائي من قبل نيابة دير مواس في المنيا أوائل عام 1993 لعرض المقبوض عليهم في حادث ضرب الباخرة عند بني حسن وكان عادل الخياط متزعم المجموعة!!!!

السياحة تمرض ولكنها لن تموت كما كان يردد دائما الدكتور ممدوح البلتاجي رحمه الله….

تفاءلوا بالخير ..تحدوه بإذن الله تعالى 

كاتب المقال

الدكتور سعيد البطوطي

أستاذ الاقتصاد الدولي الكلي واقتصاديات السياحة بجامعة فرانكفورت بألمانيا

عضو لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية لأوروبا UNECE

المستشار الاقتصادي لمنظمة السياحة العالمية UNWTO

عضو مجلسي إدارة كل من لجنة السفر الأوروبية ETC والاتحاد الألماني للسياحة DRV