من المؤكد بان بطليموس اراد ان يفعل مثلما فعل خباباش كى يعترف الكهنة بشرعية حكمه وذلك ما نلاحظه فى اللوحة الشهيرة المعروفة باسم (لوحة الملك الفارسى ) من عهد القائد بطليموس نفسه والتى ذكر فيها ايضا اسم خباباش وتقول نصوص هذه اللوحة بالنص ((حینما كان الملك بطلمیوس واقفاً أمام معبد بوتو فى الدلتا الغربیة،علم أن الأملاك الشاسعة الموازية للنھر المعروفة تحت اسم (بتانوت) قد وھبھا الملك خباباش لألهة مدينتى بى وتب حينما ذهب قداسته الى مدينتى بى وتب لتفقد المنطقة المحاذية للنهر الواقعة بداخل املاكه الشاسعة،فقد أراد أن يخترق منطقة المستنقعات لیحیط علماً بكل أذرع النیل التى تصب فى البحروھدفه ألا تتمكن البحرية الأسیوية مطلقاً من الاقتراب من الأراضى المصرية أجزاء كبيرة من مصر السفلى بالإضافة إلى ممفيس)).
ومن المؤكد التاريخى بان احداث بطليموس هذا كان بعد دخول الاسكندر الاكبر مصر وتحريرها من الفرس حيث النسق التاريخى للاحداث هذه،وانه فى هذه الفترة كان خباباش نفسه قد توفى وكما فى نسق هذه الوثيقة.
– تابوت العجل ابيس:
ولقد تم ذكر اسم خباباش على هذا التابوت مما يؤكد بانه كان شخصية حقيقية وليست اسطورية كما قال البعض الغير المتخصص فى التاريخ المصرى القديم.ولقد عثر على هذا التابوت فى سرابيوم منف وان خباباش كملك قد اهداه الى العجل ابيس ويقول النقش ( السنة الثانية من الشهر الثانى للفيضان من عهد ملك مصر العليا والسفلى الملك خباباش محبوب اوزير ابيس(
وهذا التابوت قد اكتشفه الاثارى (ميريت باشا) فى عام 1851 وهو من الجرانيت الاسود ومازال موجودا فى سرابيوم سقارة.وكان العجل ابيس الرمز الحى للاله بتاح اله منف،وعند موت هذا العجل كان يدفن فى هذا المكان المعروف باسم السرابيوم الان ويكون التابوت من الجرانيت رمزا للخلود.
– بردية ليبى او بردية (بادى حر رع):
وهى محفوظة الان فى متحف توليدو بالولايات المتحدة الامريكية.وهى بردية عادية جدا لانها تمثل عقد زواج تم على ايدى بعض كهنة طيبة،وهناك مثلها الكثير والكثير.
ولكن ترجع اهمية هذه البردية فى ذكر اسم خباباش بصفته الملكية.وتقول هذه الوثيقة بانه فى الشهر الثالث من شهر الفيضان فى السنة الثانية من حكم الملك الفرعون خباباش تم توثيق عقد هذا الزواج.وهذا يدل ايضا على ان خباباش كان شخصية حقيقية وليست اسطورية وكما ظن البعض الغير متخصص.ووجد ايضا بعضا من الانية المنقوش عليها اسم الملك خباباش محبوب الاله رع ومحفوظة بالمتحف المصرى.
– ما هى الاحداث المصرية بعد خباباش او على الاقل فى عام 333 ق.م:
مما لاشك فيه انذاك ظهرت شهرة الاسكندر الاكبر الواسعة على صفحات التاريخ وخاصة فى تاريخ الاسكندر الموثق بانه تولى عرش مقدونيا فى عام 336 ق.م بعد اغتيال والده الملك فيليب الثانى المقدونى،وعلى الفور قام بتنظيم صفوف جيشه وكان يبلغ من العمر انذاك 20 عاما.
وانه فى عام 334 ق.م.كان قد عبر خليج الدردنيل لمواجهة جيوش الفرس،وهرب الملك دارا (داريوس) ملك الفرس من ارض المعركة مما جعل مدن اسيا الصغرى تفتح ابوابها للاسكندر الاكبر وبدون قتال.تم تقابل الجيشان مرة اخرى فى موقعة (اسيوس) الشهيرة وهى فى شمال ارض سوريا مع الحدود التركية،وفى هذه المعركة هزمت ايضا الجيوش الفارسية هزيمة منكرة تماما،ولقد سار الاسكندر الاكبر بجيشه جنوبا على الشاطىء السورى حتى وصل الى بلاد فينيقيا.
وهناك تلقى رسالة من دارا يعرض فيها شروط الصلح فى عام 333 ق.م.،فرد الاسكندر طالبا من الملك الفارسي الحضور شخصيا لمقابلته ومناقشة شروط السلام معه.ولما رفض دارا هذا الطلب واصل الاسكندر طريقه جنوبا على الساحل الفينيقى ولم تقف فى طريقه سوى مدينة صور التي اضطر الى حصارها سبعة اشهر قبل سقوطها.
وفى تلك الاثناء مما لاشك فيه ظهرت شخصية مصرية تدعى (تف نخت) من مدينة اهناسيا،وذهب الى ملك مقدونيا فى ارض الشام واستنجد به،وهذا ما دفع الاسكندر الاكبر ملك مقدونيا تحويل انظاره الى مصر وتحريرها من الفرس وبأن الإمبراطورية الفارسية كانت في طريقها إلى الزوال وفقدت معظم قوتها.ولكن من الغريب وحتى الان لم نسمع اى شيئا بخصوص خباباش على الاطلاق.ومن المؤكد ايضا بانه فى هذه المقابلة قد حضرها القائد الكبير بطليموس نفسه ومن هنا بدا التخطيط للدخول الى مصر وتحريرها من الفرس.
والسؤال التاريخى الان بكل تأكيد من هو ذلك المدعو تفنخت؟؟ واية وظيفة كان يشغلها انذاك؟؟ وكيف عرف بوجود الاسكندر الاكبر فى ارض الشام او مدينة صور؟؟.
فكلها تساؤلات لابد من البحث فيها حتى تجود ارض مصر بكل ما تخبأه وما لم يظهر حتى الان فى التاريخ.ومن المؤكد التاريخى كذلك بان كلا من الاسكندر وقائده وساعده الايمن بطليموس قد سمعا عن الثورى خباباش،وهذا ما نلاحظه فى النقش لبطليموس فى وثيقة الوالى ورد حقوق معبد بوتو وكما تم ذكرها من قبل.ولكن بعد ان اصبح بطليموس ملكا على مصر (سوتر) لم نسمع من مؤرخيه اى شيئا عن هذه الثورة المصرية ولا حتى عن شخصية الثورى الكبير او الملك المصرى خباباش،فهل قتل البطالمة الثورية المصرية؟؟
وهكذا لم يتردد الاسكندر الاكبر بدخول مصر واتجه الى ارض مصر وفيها استقبله اهل مصر بالترحاب الشديد حتى يخلصهم من سؤ معاملة الفرس لهم ووصل الإسكندر إلى الفارما بوابة مصر الشرقية،في خريف عام 332 ق.م، ولم يجد أي مقاومة من المصريين ولا من الحامية الفارسية عند الحدود ففتحها بسهولة.وعند دخوله منف العاصمة توجه الكهنة ملكا على مصر ووضعوا على راسه تاج الارضين،وتم اقامة احتفال كبير وقدم الاسكندر القرابين للعجل ابيس فى معبد السرابيوم بسقارة.
بعد هذا سافر الاسكندر بالمركب في مياه النيل شمالا في الفرع الغربى للدلتا،حتى وصل الى بحيرة مريوط فنزل في المنطقة المحصورة بين البحيرة جنوبا والبحر الابيض شمالا في مواجهة جزيرة فاروس.وهنا فكر الملك الشاب ببناء مدينة في هذا الموقع تحمل اسمه
وتكون عاصمته الجديدة. وبعدما وضع خطة بناء مدينة (الاسكندرية) قرر الاسكندر زيارة معبد آمون في سيوة،وسار واصحابه مسافة 500 كيلومتر وسط رمال الصحراء الليبية،في رحلة شاقة استغرقت ثلاثة اسابيع للوصول الى الواحة.
بعد ذلك رجع الإسكندر إلى منف،وقبل مغادرته مصر حرص على أن ينظم البلاد تنظيمما دقيقا.فقد حرص على الإبقاء على النظم المصرية القديمة،وتنويع الحكم بين المصريين والإغريق الذين وضع بين أيديهم السلطة العسكرية والمالية وأبقى للمصريين السلطة الإدارية،ووزع السلطات بالتساوى ولم يعين حاكما عاما مقدونيا وبذلك ضمن رضى المصريين وعدم قيام الثورات الوطنية.
وهكذا كان الحال وكل ما نعرفه عن الملك الثورى خباباش ولاشىء اكثر من ذلك فى كل الكتب والمراجع ولكن من المؤكد بان خباباش كان شخصية حقيقية وليست اسطورية،تلك الشخصية الثورية التاريخية والتى يدور حولها حتى الان الجدال والجدال الكثير وخاصة عن اصله وحذوره،ولن نستطيع الوصول الى اكثر من ذلك حتى تظهر لنا باطن ارض مصر ان شاء الله وثيقة او مواثيق تخص هذه الشخصية الحقيقية المجهولة فى التاريخ بالرغم من القليل القليل الذى كتب عنها .
والى اللقاء مع المقال القادم وشخصية مصرية أخرى نسيها التاريخ