أخبارسياحة وسفرشئون مصريةمنوعات

“الدكتور محمد عبد العزيز عابد “يكتب لـ” المحروسة نيوز” عن :الموسم السياحى المنهار.. وخطيئة اللعب بالأسعار!!

في يوم 6 أكتوبر، 2020 | بتوقيت 10:23 صباحًا

وسط كل المخاوف التى انتابت المنظومة السياحية فى مصر، بسبب ما يحدث على أرض الواقع من تراجع للطلب السياحى، تسنح أمام مصر فرصة ذهبية لإحتواء طفرة من السياحة العربية.

فبعد فتح مجال السفر للمواطنين من المملكة العربية السعودية الشقيقة إلى الخارج بحلول يناير 2021، و التى أشارت الإحصائيات أن مصر متمثلة فى مدينة شرم الشيخ (كوجهة سياحية)، بالمشاركة مع دبى (الإمارات العربية الشقيقة) و كازابلانكا (الدار البيضاء) “المغرب العربى”، يتصدرون الوجهات السياحية المرتقبة للمواطنين من المملكه العربية السعودية الشقيقة.

و لا يخفى على أحد، أن المنظومة السياحية، ليست فى مصر فقط، بل فى جميع دول العالم، كانت من أشد القطاعات تضرراً بسبب إنتشار جائحة كورونا. مما ألقى بظلاله على قطاع الفنادق فى مصر، و الذى بات مرغماً على إنتظار إنتهاء الموسم الصيفى، وتوقف لحركة الطلب، مما قد يصيبه بالشلل التام، فور بداية الدراسة، و إنقطاع تدفق السياحة الداخلية.

نعلم جميعاً أن صناعة السياحة تعتبر أحد أهم مصادر الدخل القومى للإقتصاد المصرى، فأثناء ذروة السياحة عام 2010، وفرت هذه الصناعه العديد من الوظائف، و التى قدرت آنذاك بحوالى 12% من القوى العاملة المصرية، كما وفرت للدولة ما يقارب 13.6 مليار دولار.

من الملاحظ للجميع مؤخراً، مدى إهتمام الدولة و رئيسها بالقطاع السياحى، فقد أكد السيد الرئيس/ عبد الفتاح السيسى، على أهمية عودة التدفق السياحى إلى مصر، كما أشار سيادته إلى ضرورة الإلتزام بمعايير الصحة و السلامة، مما يوضح إهتمام القيادة السياسية بعودة الحركة السياحية.

و بتحليل بسيط لهذه الإحصائيات التى تمثل الطلب المرتقب على مصر كوجهة سياحية، فى هذا الوقت الحرج، نجد أن نوعية السائح فى ظل هذه الأزمات، سوف تبحث عن:

• الوجهات التى تتميز بالأماكن المفتوحة الواسعة (الهواء الطلق)، الخالية من التلوث، و التى تضمن للسائح الإنطلاق المطلوب، و الذى حُرم منه أثناء فترات الحجر الصحى و العزلة الإلزامية.

• كذلك سيبحث السائح عن المنشآت التى تطبق الإجراءات الإحترازية المتخذة بحرفية عالية، لكى يضمن سلامته و سلامة ذويه، أثناء فترة قضاء العطلة.

• كما سيبحث السائح عن الوجهات التى تتميز بإنخفاض نسب الإصابة بالوباء بين سكانها و مرتاديها، لما يمثله له ذلك من الشعور بالطمأنينة.

• مستوى الخدمة والضيافة التى سيتلقاها.

• و بالقطع سيقوم السائح بمقارنة لكل ما تقدم، مقابل ما سيدفعه من تكلفة.

و من هنا، نجد أنها فرصة ذهبية للمنشآت الفندقية فى مصر، لتعويض ما فاتها من أرباح، لا سيما و أن الموسم الصيفى قد قارب على الإنتهاء، معلناً معه إنتهاء موسم السياحة الداخلية، و الذى كان بمثابة السوق الرئيسية للطلب على هذه الفنادق.

و بحسبة بسيطة أيضاً، و بنظرة عميقة، نجد أن البديل الوحيد المتاح لقطاع الفنادق، هو تلبية هذا الطلب الخارجى المتمثل فى السوق السعودى على الأخص، و الخليجى عامة، لحين وضوح الرؤية لعودة السياحة الأوربية مرة أخرى إن شاء الله، أو أن يمثل هذا السوق، على أقل تقدير، أحد الشرائح السوقية بجانب السياحة الأوربية حال عودتها. فلا يُخفى على أحد، أن التوقعات بعودة حركة التدفق السياحى يشوبها الكثير من الشكوك، و بكل تأكيد سينتابها الحذر، و سيكون رجوعاً بطيئاً حتى تستقر الأمور، و يتم كشف علاج جذرى للوباء. و الدليل على ذلك تأجيل الأسواق الأوربية الرئيسية لقرار السماح بالسفر لعدة مرات.

و من وجهة نظرى، فإن هذا البديل المتاح، يعتبر بمثابة قُبلة الحياه لهذه المنشآت، التى ستضخ الدماء فى شرايينها و تضمن لهم الإستمرارية كما يضمن لهم هذا البديل – على الأقل – الحفاظ على العمالة، و تقليل نسب الخسارة.

فى المقابل، نجد أن معظم الفنادق، و التى لا زال معظمها يعانى من الأزمات المتتالية، تغالى فى سياستها التسعيرية، ظناً منها بأنها – بهذه السياسة – ستعوض الخسارة التى مُنيت بها بسبب توقف الحركة السياحية منذ مارس 2020، مع بداية ظهور هذا الوباء.

و مع العلم، بأننى لست على الإطلاق ضد رفع أسعار الخدمات السياحية فى مصر، بل أننى أنادى دائماً بذلك فى معظم لقاءاتى الإعلامية و كتاباتى، و بأن التسعير يجب أن يتماشى مع سمعة مصر كمقصد سياحى فريد، ليس له مثيل فى جميع دول العالم.

إلا أن حرصى على هذا القطاع الذى بات يعانى من أزمة تلو الأخرى، و غيرتى على زملائى فى هذا القطاع ، وإيمانى التام بأن هذه الصناعة تمرض و لا تموت.

وجدتنى فى موقف، يستلزم أن نطرح الفكرة للمناقشة، خاصة فى ظل ما يحدث من تخبطات فى الأسعار، مما دفعنى لتوضيح بعض الأمور للقائمين على تسعير هذه المنشآت.

أعلم جيداً أن الطلب هذه المرة، يأتى بعد عدة شهور عجاف، لم تحقق فيها معظم المنشآت الفندقية أية أرباح، سوي عن طريق السياحة الداخلية، بالإضافة لنسبة ضئيلة من السياحة الأوربية

و لكن، على الجميع، و منهم القائمين على التسعير بهذه الفنادق، أن يعوا، أن الأشقاء من المملكة العربية السعودية و دول الخليج العربى، كثيرو السفر، و لديهم العديد من التجارب فى التعامل مع المقاصد السياحية المختلفة حول العالم.

فعلى سبيل المثال، نجدهم يمثلون شريحة سوقية أساسية للسياحة إلى ماليزيا، تايلاند، الهند، تركيا وذلك بالإضافة لبعض الدول الأوربية. وجميع هذه الدول توفر لهم إحتياجاتهم و مطالبهم، و لا تغالى فى تسعير الخدمات السياحية المقدمه لهم.

لذلك، يجب علينا أن نضع فى الحسبان، أنهم سوف يقومون بمقارنة مستوى الخدمات و الإمتيازات التى يتمتعون بها فى هذه الدول، و بين مستوى الخدمات المقدمة لهم هنا.

و كقراءة سريعة للموقف، سنجدهم ربما يدفعون أحياناً، ضعف تكلفة الإقامة فى مصر بهذه الوجهات السياحية الأخرى، و لكن هذه الدول تقدم لهم أعلى مستوى ممكن من الضيافة، و توفر لهم منظومة متكاملة من الخدمات. و الأهم من ذلك القيمة مقابل السعر.

و لذلك ذكرت مسبقاً بأننى لست ضد رفع أسعار الخدمات السياحية فى مصر- و لكن – على أن يواكب ذلك رفع لمستوى الخدمات المقدمة، و البحث المستمر عما يريده ويحتاجه السائح العربى و توفيره له ولأسرته (Customer Behaviors & Needs)،

مع عدم المغالاة فى تقدير التكلفة، فقط بسبب أنه سائح خليجى لديه القدرة على تغطية الأسعار المبالغ فيها.

أفيقوا، يرحمكم الله.

لقد غيرت هذه الجائحة التى نعانى منها من سلوك السائح، و قريباً سيشهد العالم كله بذلك،

فلم تعد السياحة، و التى تعتبر من الرفاهيات، متاحة، إلا لقلة قليلة، تستطيع أن تغطى نفقاتها، فدول العام جميعاً قد عانت من تداعيات هذه الجائحة، وبالقطع سيتأثر جميع مواطنين تلك الدول،

ضوالبقاء سيكون للأصلح، الذى يقدم أعلى جوده ممكنة مقابل السعر (Value for the price).

فى جميع دول العالم، يدخل السائح إلى أى الفندق أو منتجع و يسأل عن سعر الغرفة، بغض النظر عن جنسيته. أما فى مصر، فالجنسية و جواز السفر، تحددان سعر الإقامة. نحن فى مصر، الدولة الوحيدة فى العالم، التى تسأل السائح عن جنسيته قبل تسعير إقامته.يتم التسعير طبقاً لجنسية السائح، و الدولة التى يأتى منها،

فعلى سبيل المثال، لو أتى سائح أمريكى عن طريق أحد وكالات السفر فى أوكرانيا، سنجد أن تسعير غرفته سيكون طبقاً للسوق الأوكرانى، وفى نفس السياق، نجد إختلافاً فى التسعير بين شرق أوربا و غربها، حيث يتم محاسبة دول شرق أوربا بالدولار الأمريكى، أما دول غرب أوربا فيتم محاسبتهم باليورو.

كنت قد ناقشت خلال عدة مقابلات إذاعية و تليفزيونية، سياسة التسعير السياحى المصرى، وكنت و لا زلت دائم الإنتقاد لما يحدث.

فما يحدث بخصوص ذلك فى مصر، لا يحدث فى أى دولة أخرى بالعالم.

فإلى متى تظل هذه السياسة التسعيرية قائمة؟

أرجو و أتمنى أن يصل صوتى إلى حكومة مصر الرشيدة، تحت القيادة الواعية للرئيس  عبد الفتاح السيسى، و الذى أثق تمام الثقة، أن الوضع الراهن للتسعير السياحى لن يرضيه.

يجب أن نقر بتسعير عادل لمنتجنا السياحى فى مصرنا الحبيبة، يمكن تطبيقه على جميع الجنسيات، أسوة بباقى الوجهات السياحية فى العالم. و على أن يتضمن هذا التسعير- و لفترة مؤقته – على هامش من التكلفة الإضافية التى ظهرت لنا خلال تلك الجائحة، و هى تكلفة المطهرات و الأقنعه الطبية و الكحول الذى يستخدم فى التعقيم. حيث أن هذه التكلفة الإضافية، بالطبع ستزول بزوال هذا الوباء عن قريب إن شاء الله. فأنا على يقين أن تلك التكلفة الإضافية تمثل حملاً ثقيلاً على إدارات معظم المنشئآت الفندقية فى مصر.

أتمنى أن أرى الأسعار مرتبطة بالتصنيف السياحى، فتكون للفنادق ذات النجوم الخمسة، بحد أدنى، يلتزم به الجميع، و كذلك الأمر بالنسبة لباقى التصنيفات، على أن تتولى الدولة مراقبة ذلك، كما تستطيع الدولة أن تربط هذه الأسعار بمعدل الضرائب الواجبة على كل منشأة، حتى تضمن إلتزام الجميع بذلك، و تضمن عدم التلاعب بسياسة التسعير، و التى أدت إلى إختفاء أغلب المنشئآت الصغيرة التى لم تستطع أن تصمد أمام السياسات المتبعة من قلة قليلة، تقوم بحرق الأسعار من أجل الفوز بأكبر نصيب من الغرف، مما أدى إلى تدهور الخدمات المقدمة بل و إنهيارها فى بعض هذه المنشآت، ناهينا عن تدهور مستوى العمالة المصاحب لذلك و إنخفاض المرتبات و هجرة معظم العمالة الماهرة للقطاع، و الذى سيؤدى بدوره إلى سمعة سيئة و سلبية للمنتج السياحى المصرى، ستؤدى إلى خسارة الدولة لدخلها من العملات الصعبه.

إن التسعير السياحى لمصر، يجب أن يخضع لرقابة الدولة، لأنه سيؤثر على سمعة الدولة و دخلها من العملات الصعبة التى تحتاجها لإستمرار عملية البناء و التطوير و التنمية. و أنا على يقين، أن مصر، رئيساً و حكومة، لن يغامروا بسمعة مصر كمقصد سياحي عالمى أو أن يسمحوا بأن تتأثر بسبب سياسات تسعيرية خاطئة من قبل بعض الأشخاص.

و سأظل أقول، أن المنظومة السياحية فى مصر، فى أشد الإحتياج إلى سن قوانين حديثة، تواكب المستجدات الحالية، حيث أن القوانين الحالية، تم تشريعها منذ سنةات طوال، تغير خلالها حجم و شكل و تنوع المنظومة السياحية. و لكى نحمى هذه الصناعة التى من الممكن أن تعود مرة أخرى، كما كانت، قاطرة للإقتصاد القومى المصرى و الداعمه له، ناهينا عن دورها فى إنخفاض معدل البطالة، و نشر السمعه الإيجابية للدولة المصرية فى جميع أنحاء العالم، و تعزيز السلام بين الدول.

كاتب المقال

الدكتور محمد عبد العزيز عابد

دكتوراة إدارة الفنادق – عضو هيئة التدريس بكلية السياحة و الفنادق – جامعة 6 أكتوبر

المحاضر و الخبير الدولى لإدارة الفنادق والتدريب

• عمل بالقطاع الفندقى المصرى لما يقارب الثلاثون عاماً

• عمل بإتحاد الغرف السياحية – وحدة الموارد البشرية و التدريب و التطوير، حيث شارك فى اعداد و تأليف مواد التدريب الخاصه بمشروع تنمية مهارات العاملين بالقطاع السياحى. و كذلك دورات تأهيل مديري الإدارات.

• و قد قام بمئات الدورات التدريبيه للقطاع السياحى و الفندقى بالبحر الأحمر و بمصر منذ عام 2007 و حتى الآن كخبير بإتحاد الغرف السياحية، ثم كإستشارى تدريب و تطوير مهارات مستقل.

• كان من قيادات أعضاء الوفد المصرى الممثل لإتحاد الغرف السياحيه، إلى جامعة (إدنبرج) “بأسكتلندا” ، لتدشين دورات تدريبية مشتركة (العنايه بالعملاء و الفنادق الخضراء)

• شارك فى إعداد ورش العمل مع مجموعات دولية و قدم الدورات التدريبية التابعة لهيئة ال”G.I.Z” التابعة للحكومة الالمانية بالمشاركة مع شركة “TUI” العالمية لتنمية المهارات القيادية للعديد من نواب مديرين الفنادق بالبحر الأحمر لتأهيلهم لمنصب مدير عام منشأة.

• عمل كخبيرا لمنظمة TVET و ساهم بمؤلفاته فى اصلاح مناهج التعليم الفندقى بمصر كما عمل كمستشارا لمنظمة العمل الدوليه لقطاع الفنادق لمجال الصحة و السلامه المهنية.

• أثناء تواجده بالبحر الأحمر، تم إختياره كعضو و مستشار للمجلس الأعلى للتعليم بمحافظة البحر الأحمر و تم إنتخابه رئيساً للجنة تطوير التعليم السياحى و الفنى بالمحافظه. كما أختير كعضو لجنة التطوير و التدريب و التخطيط و المتابعه بمحافظة البحر الأحمر ، ثم تم إنتخابه رئيساً لهذه اللجنه.