للأسف لايُقدر أصحاب القرار عن مدى جوهر وأهمية السياحة الترفيهية، فهم يعتبرونها شئ جانبى أو هامشى ، وليس لها آثار تذكر ، ولذلك لا يهتمون ولا يعتدون بها بل والعكس يضعون العوائق والعراقيل أمامها .
ولكن دعونا عبرالسطور التالية نواجههم بالحقيقة ،والارقام، والدور الهام للسياحة الترفيهية الذى تقوم به فى صناعة السياحة بشكل عام .
فالسياحة فى الأساس هى حرية التنقل والتعرف على ثقافات وعادات وطباع الدول الأخرى التى يقصدها السائحين ..كما إن السياحة فى حد ذاتها متعه وترفيه فى المقام الأول وتكون متنفساً لمن يرغب فى تجديد نشاطه وحياته أو كما نقول بالبلدى ” غير مود الحياة “.
وتُعد “السياحة الترفيهية”هى أهم عنصر فى أنماط السياحة على مستوى العالم ، فى أى بلد يهتم بالدخل السياحى، فهل يوجد سائح مهما كانت جنسيته يزور البلاد من أجل أن يقيم فى فندق له منظرجذاب فقط ؟! .. بالطبع لا ..لأن فى بلده ماهو أجمل ولكن فى الحقيقة إنها منظومة متكاملة ، وأهمها إقامة مريحة وجيدة ، والأهم ماذا بعد ؟! ..هل هذا فقط ما يرغبه السائح ؟!.. لا .. إذاَ ماهو برنامجه بخلاف المناطق الاثرية؟! .. ستجد نمط السياحة الترفيهية.
فهل يذهب السياح إلى شرم الشيخ والغردقة والتى يلقون إقبالاً هائلاً من السياح من أجل الإقامة أم من اجل التمتع بشواطئها الجميلة؟!.. وما الذى يميزها عن غيرها سوى إقامة أنشطة ترفيهية تجعل السائح لايشعر بالملل سريعا؟!..بل يشعربالسعادة والإرتياح والأسباب التى تجعله دائماً يفكر فى تكرارية الزيارة؟!.
وماذا عن القوى الناعمة المصرية الممثلة فى المطربين والموسيقيين و الحفلات بأنواعها فى أماكن مختلفة؟!.. ولماذا تعمل كل الدول على مستوى العالم تهدف لتنمية السياحة فيها، لأن تكون السياحة الترفيهية هى أول عناصر الجذب السياحى لها.
ولن نذهب بعيداً عن واقعنا زننظر إلى جيراننا .. فهناك مثالاً واضحاً لنا جميعاً وهى المملكة العربية السعودية التى أرادت أن تزاحم الدول السياحية وتعرض مقدراتها السياحية بما تحتضنه من مناطق سياحية واعدة سواء كانت ثقافية أو تاريخية أو شاطئية ، كانت أول ما دعت إليه لإستخدامها فى عمليات الترويج والتسويق لهذه المقاصد السياحية التابعة ، لجوئها إلى القوة الناعمة فى هذا .. وهى السياحة الترفيهية ، وأحسنت إستخدامها فكانت الباب الملكى لعبور الأنماط السياحية الأخرى.
فعمدت إلى الإتجاه إليها – السياحة الترفيهية – لما لها من سحر فى نفوس السائحين والوافدين إليها فأقامت العديد من المهرجانات المتنوعة التى تخضع كلها تحت نشاط الترفيه والمتعه ودعت نجوم العالم للمشاركة فى هذه الحفلات فكانت لها الفضل فى إبراز الأنشطة والأنماط السياحية الأخرى وهو ما نطلق عليه ” حُسن أستثمار الفعاليات والمهرجانات فى إبراز مقدرات الدول”.
وما فعلته السعودية ليس إختراع .. وإنما هو حُسن إدارة الوجهة السياحية .. ولقد كان لمصر السبق فى هذا حينما كانت الدولة تُقدر قيمة السياحة الترفيهية ..ولو رجعنا بشريط الذكريات إلى عقود ليست بعيدة ، وتحديداً فى عهد خالد الذكر الراحل الدكتور ممدوح البلتاجى وزير السياحة الأسبق ، الذى أدرك قيمة هذا النشاط ، الذى نجح فى إستعادة الحركة السياحية لمصر بعد الإرهاب الأسود فى التسعينيات من القرن الماضى وقرر إقامة العديد من المهرجانات الفنية الدولية فى مصر ومنها مهرجان القاهرة الدولى للأغنية ،والذى كان الموقع الذى أعاد المطرب السعودى محمد عبده إلى نشاطه الغنائى بعد فترة إعتزال وأستقطب حضوره على خشبة المسرح العديد من الجاليات العربية التى حضرت عبر رحلات طيران خصصت لحضور هذا الحفل وكان برنامج الرحلة قبل الإقامة هو حضور الحفل ، كما كان هذا المهرجان وراء ظهور النجم كاظم الساهر فى الساحة العربية والإقبال الهائل من الوافدين العرب لحضور هذه الحفلات وغيرهم من النجوم التى كان المهرجان هو وسيلة وجواز السفر للإنطلاق إلى النجومية .
لقد كان فكر القائمين على السياحة فى مصر فى تلك الأونة هو تعويض النقص الواضح فى الحركة الوافدة عبر السياحة الترفيهية ، والتى أصبحت شريك فى جميع الأحداث السياحية ، حيث عمد وقتها الدكتور البلتاجى إلى تعويض الفاقد من السياحة الوافدة عقب حادث الأقصر نوفمبر 1997 إلى الإتجاه إلى السياحة الترفيهية حيث أقام مهرجان السياحة والتسوق لمدة 7 سنوات متتالية وكانت الحفلات الفنية التى تضم نجوم الغناء فى الوطن العربى وحدها فى جذب طائرات الشارتر من المنطقة العربية لحضور السائحين لهذه الحفلات التى كانت تختار الفنادق الكبرى والمناطق السياحية المفتوحة لإقامتها .
وأنتعشت السياحة المصرية وقتها بشكل كبير ولم تؤثر النقص العددى للسائحين الأجانب ولا تراجع الإيرادات السياحية فى هذا ، لنجاح السياحة الترفيهية فى تجاوز هذه الأرقام عبر طول إقامة السائح العربى ، والإنفاق الكبير فى كافة شرايين السياحة ، ونجحت مصر فى تجاوز إزمة إنحسار السياحة العالمية خلال تلك الفترة بفضل السياحة الترفيهية .
والسؤال الذى يطرح نفسه الم تكن السياحة الترفيهية عامل جذب سياحى كبير جعل البلد فى هذا التوقيت جميع الفنادق و الحفلات و المولات و التسوق كامل العدد وأكبر من الطاقة الاستيعابية ؟!.
وذلك بفضل أن الدولة أدركت قيمة هذا النشاط ـ وقدمت بعض التسهيلات الضريبية و قامت بالتشجيع على عمل مهرجانات غنائية وجدول ملئ بالحفلات و المهرجانات طوال فترة مهرجان السياحة والتسوق.
الم يدخل للدولة فى شهور المهرجان مليارات من العملة الصعبة ؟!.ألم يعمل آلاف العاملين وفتحت آلاف البيوت وأستفاد أكثر من أربعون نشاط مرتبط بالمهرجانات وبالسياحة؟!.
أفيقوا أيها الساده القائمين على السياحة ، فالسياحة الترفيهية لسيت كم مهمل كما يختيله أو لا يدركه البعض ممن لديهم نظرة ضيقة ؟.
فالعالم يدرك تماماَ إن هذا النمط من السياحة هو أهم و أسرع و أكبر الطرق لجذب السياحة سواء كانت عربية أو أجنبية؟.
وسؤال آخر ألم تسعى الدولة منذ عامين لإخراج أوبريت ضخم لإفتتاح المتحف الكبير بما يشمله من فنانين و أضاءة وصوت وجميع الأدوات المساعدة لاقامة مهرجان فنى ضخم ؟!.
إذاَ فالسياحة الترفيهية هى أهم عامل لجذب السياحة .. ولنا فى المقال القادم إن شاء الله عرضاَ مهما ودراسة بحث و تقرير مفصل عما فعلته بلجيكا وإقامة مهرجان موسيقى أصبح الأن من أهم الأحداث العالمية والذى ينتظره العالم سنوياً و يدر المليارات من العملة الصعبة عليها.