منوعات

“المهندس محمد الفيشاوى” يكتب لـ ” المحروسة نيوز ” عن : الهجرة النبوية بمفهوم التنمية البشرية

في يوم 19 أغسطس، 2020 | بتوقيت 4:00 مساءً

تأسيا بسنة النبى صلى الله عليه وسلم؛ فعلى الإنسان أن يهاجر مما يسمى فى التنمية البشرية بـــ” منطقة الراحة comfort zone ” إلى عالم أوسع رحابة.

 إن التحدى الكبير الذي يواجهك وأنت تحاول تغيير نفسك للأفضل هو الخوف والقلق النفسى الناتج من محاولة خروجك من “منطقة الراحة أو الــ” Comfort Zone

فما هى منطقة الراحة؟

إن الناس عندما يكونون في وضع معين ولفترة طويلة فإنهم يتطبعون ويتعايشون ويتأقلمون ويتبرمجون على الإستقرار بمنطقة الراحة وهى المنطقة الذهنية التى تشدك للعيش بها.

 فأنت ترتاح لنفس الأماكن  وإن تعددت ، وتتعامل مع نفس الأشخاص وإن اختلفوا ، وتقوم بنفس العمل دون إكتشاف مكنون قدراتك الداخلية الكبيرة واللامحدودة ، وتفكر بنفس المعتقدات دون محاولة تغييرها ،  فأنت أسير هذا الكردون الذهنى وسجين لتلك المعتقدات السلبية ولا فكاك لك إلا بتحرير عقلك لتنطلق إلى عالم أوسع لإستثمار فرص أكثر والإستمتاع بحياة أفضل.

أغلب الناس يقضون أعمارهم داخل منطقة الراحة وعندما يفكر أن يتغير فإنه يشعر بالغربة والوحشة فى المكان الجديد .

قد يكون صعباً في البداية الخروج من منطقة الراحة ؛ لكن كن مصراً على الخروج منها ، والهجرة إلى منطقة أكثر براحا ودائرة أكثر اتساعا لتزداد خياراتك فى الحياة بإيجاد فرص عديدة تتناسب مع إمكانياتك الجبارة اللا محدودة.

فإن مكثت طويلاً بتلك المنطقة التى تقيد حركتك فإنك ستحرم نفسك كثيرا من التعلم والتطور والنمو وستظل قابعا في قوقعتك من غير إحداث تغيير إيجابي أكثر فاعلية لتطوير حياتك للأفضل .

سأضرب مثلا لمفهوم منطقة الراحة من خلال تلك القصة الجميلة :

أهدى لأحد الملوك من نظير له من قُطر آخر نسران فتيان قويان لهما نفس المواصفات الجسدية واللياقة البدنية والقدرات الرياضية والإستعراضية.

كلف الملك مسئول القصر أن يتولى أمرهما فجهز لهما بيتهما وطعامهما وشرابهما وأطلقهما فى سماء القصر.

لاحظ الملك فى صباح اليوم التالى أن أحد النسرين ينطلق فى السماء فى قوة ويضرب بجناحيه فى نشاط وحيوية بينما الآخر يستقر مستكينا على غصن إحدى أشجار حديقة القصر، فكلف مدربا لتنشيط ورفع قدرات النسر الخامل المستكين.

وبعد يومين جاء المدرب يشكو للملك أنه لم تفلح محاولاته مع النسر الخامل ونصح الملك أن يأتى بطبيب.

وجاء الطبيب وللأسف لم يستطع أن يقدم شيئا يحث به النسر على الطيران مثل صاحبه الذى يملأ سماء القصر بهجة ونشاطا.

فكر الملك واهتدى أن يستدعى فلاحا حكيما وعرض عليه الأمر، واستمهل الفلاح الملك فأمهله يوما.

فوجئ الملك فى صبيحة اليوم التالى بالنسر الكسول يملأ سماء القصر تحليقا وطيرانا منافسا زميله الآخر بهمة ونشاط ؛ فسأل الملك الفلاح الحكيم لقد فعلت مالم يستطع أن يفعله المدرب والطبيب ؛ فماذا فعلت للنسر؟!

رد الفلاح : أبدا يا مولاى؛ غير أننى كسرت الغصن الذى كان يستقر عليه.

نعم ؛ فقط كسروا أغصانكم واهجروا مناطق الراحة ، حطموا القيود السلبية وهاجروا إلى دوائر أكثر اتساعا تجدون الخير الكثير والرزق الوفير والفرص العديدة لتطلقوا طاقاتكم فى عالم أكثر اتساعا.

هكذا كانت هجرته صلى الله عليه وسلم – من أحب بقاع الأرض إلى نفسه – من مكة المكرمة إلى المدينة المنورة لتتسع الدولة الإسلامية فى شتى بقاع المعمورة .

عام هجرى جديد سعيد وكل عام أنتم جميعا بخير

كاتب المقال

المهندس محمد الفيشاوى

خبير التنمية البشرية 

مدرب معتمد من المجلس العربى للبرمجة الغوية العصبية

بكالوريوس هندسة 

دراسات عليا من المعهد العالى للدراسات الاسلامية

مدير عام الإدارة الفنية والجودة بمصانع الشريف

مدير مصنع الشركة المتحدة للصناعات الخفيفة