آثار ومصرياتالمنطقة الحرةسياحة وسفرشئون مصرية ومحليات

الباحث الآثارى والمرشد السياحى “أحمد السنوسى” يبدأ مع ” المحروسة نيوز ” رحلة كتابة مقالات عن :دراسة واقعية حول شخصية المؤرخ المصرى القديم “مانيتون السمنودى ” ( 1 )

في يوم 5 يوليو، 2020 | بتوقيت 12:00 مساءً

عام وفاة الملك العظيم الأشهر في التاريخ الإسكندر الأكبر كان هو نفسه عام مولد مانيتون السمنودى 323 قبل الميلاد.،وكما كتب بنفسه عن مولده،ولكنه لم يتحدث عن عائلته قط.ونشا في كنف احداث مصرية حيث بطليموس الأول (سوتر) وكان احد قواد الاسكندر الأكبر السبعة الكبار.ولقد ولد مانيتون السمنودى في مدينة سمنود وهى احد مدن محافظة الغربية الان.

وكانت أحوال مصر آنذاك في حالة ترقب سياسى والخلافات الكبرى بين قواد الاسكندر الأكبر في تقسيم امبراطوريته الكبرى والممتدة حتى بلاد الصين،ولقد احتفظ بطليموس بصعوبة بمصر حتى كان عام 308 قبل الميلاد وقد بلغ مانيتون ما يقرب من 15 عاما،وقد تعلم في المدارس الاغريقية حيث غزت هذه اللغة أيضا ارض مصر،ولكن كانت مصر في فرحة عارمة ومستمرة وتمجيدا في الاسكندر الأكبر الذى حرر مصر من براسن العصر الفارسى المستبد.وهكذا نشا متشبسا بالفكر البطلمى وخاصة للتغيرات الجذرية التي تعشيها مصر،وكان هو نفسه فرحا بذلك وممجدا للاسكندر الأكبر.

وكان في هذا الزمن احد المؤرخين العظماء وهو (هيكاته الابدرى) المؤرخ الذى عاش في كنف وبلاط الملك بطليموس الأول (سوتر)

وبامر بطليموس نفسه كان هيكاته يكتب عن مصر،حيث قال هو بنفسه بانه كتب هذا التاريخ متجولا بين ربوع مصر للتوفيق بين وجهة نظر البطالمة وحكم مصر الجديد وبين كهنة امون،ولكنه لم يوضح لنا قط ما معنى توفيق الأوضاع،فهل كانت توفيق أوضاع سياسية ام دينية،ولم يوضح التاريخ ذلك حتى يومنا هذا.ولكن من الملاحظ بان هيكاته الابدرى كان احد الممجدين بمبالغة شديدة في شخصية القائد العظيم الاسكندر الأكبر،وخاصة انه محرر مصر من الحكم والاستعباد الفارسى.

كما انه كان ينادى بتوفيق أوضاع المصريين مع الاغريق وقد سانده في هذا الامركهنة امون،والإصرار الكامل على تطوير مصر دينيا واجتماعيا وخاصة بعد تحرير مصر من الفرس والبعد المصرى الدينى لقرون عديدة تحت وطأة الفرس.وبدات مصر تمجد أيضا عن طريق هيكاته الابدرى الملك بطليموس الأول حتى اصبح وكأنه اله مصري.

فهكذا نشأ مانيتون السمنودى وتعلم على يد هيكاته الابدرى،وبدا آنذاك في التاريخ المصرى الدينى ظهور ديانة او عقيدة جديدة بنفس الالهة المصرية القديمة،ولكن بمسميات اغريقية.كما ظهرت عبادة جديدة تماما وهى عبادة العجل مثل (سرابيس وابيس) ولقد تحدثنا في موضوع عبادة العجل في بحثا خاصا وانه ناتج الفكر البطلمى وليس الفكر المصرى الأصيل.

وظهرت في الأرض المصرية لأول مرة الادعاءات الكثيرة بان البطالمة وخاصة الملك بطليموس الأول بانهم مظهرى الحضارة المصرية المندثرة والتمنى والجود على المصريين،وهاهم البطالمة يعيدون بناء المعابد واعطاء الحرية الدينية المفقودة منذ العهد الفارسى،وهاهم البطالمة يواصلون بناء وتوسيع مدينة الاسكندرية والشروع فى بناء فنارة الاسكندرية لتكون اعجوبة العالم بعد الهرم الاكبر وكذلك مكتبة الاسكندرية وما الى اخره.وبدا هيكاته الابدرى ينادى بالتاريخ المصرى العظيم والكتابة عن ملوك مصر العظام القدماء مثل الملك خوفو بانى الهرم الاكبر وكذلك تحتمس الثالث بانى اول واخر امبراطورية فى التاريخ المصرى كله.وكذلك كتب عن بعضا من الملوك (الرعامسة) ومنهم رمسيس الثانى،وان كل مواثيقه كما يقول هو جمعها من كهنة طيبة وهم كهنة الاله امون. وهكذا

 بدأ مانيتون السمنودى يهتم بالتاريخ المصرى وبتاريخ بلاده العظيم،وكذلك اجاد التحدث باللغة الاغريقية.

وهنا نتسائل لماذا اصبح مانيتون السمنودى شخصية مصرية مشهورة آنذاك،وخاصة كان يوجد أيضا الكثير من كهنة امون ويمجدون في الاسكندر الأكبر وفى بطليموس الأول أيضا؟؟ فهل كان مانيتون كاتبا حقا للتاريخ المصرى ام كان اديبا ام كاهنا ؟؟ بل اصبح مانيتون في عهد بطليموس الأول احد كهنة امون ومتحدثا باللغة الاغريقية بطلاقة لانه تعلم في معاهدهم دون كهنة امون الاخرين.

ولذلك يقول بعض المحللين في التاريخ بان مانيتون السمنودى يعتبر مؤرخ بلا تاريخ،ولكنه تميز وتفوق على كل كهنة امون في شبابه وكذلك على استاذه هيكاته الابدرى.وكانت اول شهرة تظهر له في بلدته سمنود والتي كانت تعرف انذك باسم (سبننوت) وكان اول شيء يكتبه عن الخلق والكون.ولكنه في نفس الوقت كان كارها وبشدة لليهود وتقربهم الدائم للملك بطليموس الأول،ورغبتهم في تدمير ومحو الشخصية المصرية والعقيدة المصرية،وفى نفس الوقت عندما تعلم اللغة الاغريقية كانت اللغة المصرية القديمة تشهد تعديلات جذرية وخاصة قيام البطالمة بإدخال سبعة احرف في هذه اللغة لم تكن موجودة من قبل في التاريخ المصرى القديم،ونتيجة ذلك كانت كتاباته عن الخلق باللغة الاغريقية،ولكن نظريته للخلق للأسف الشديد أحرقت كاملا مع حريق الاسكندرية الشهير.

بل وصلت شهرته او أقواله للملك بطليموس الأول وخاصة عندما كتب مانيتون شيئا غريبا عرف باسم (رسالة من رع) فيقول بنفسه

كاحد الكهنة المصريين ((بانه كتب نظرية الخلق  بامر من رع،وانه اتاه في رؤية حيث كان رع يركب حصانا باجنحة ذهبية وامره بكتابة الخليقة ولا بد من تدوين تاريخ بلاده العظيم)) ولقد عثر بعض الباحثين على بعضا من أوراق البردى تحوى هذه القصة،وهكذا بدات شهرته الحقيقة حيث كان عام 285 قبل الميلاد وتربع الملك بطليموس الثانى (فيلادلفيوس) على عرش البلاد،وكان مانيتون السمنودى يبلغ من العمر آنذاك 38 عاما.

وكان الملك بطليموس الثانى في حقيقة الامر مهتما بشدة بالناحية الثقافية وخاصة تأسيس مكتبة الإسكندرية،وكان أيضا معجبا بشدة بمانيتون السمنودى.ولكن مانيتون كان يضمر بغيرة شديدة وتحقير لليهود وخاصة ان الملك بطليموس الثانى يرغب في ترجمة كتب اليهود ويضمها الى مكتبة الإسكندرية،وقد طلب من اليهود المصريين كتابة العهد القديم باللغة اليونانية وطلب بان ياتى سبعين من ذويهم من فلسطين ليكتب كل واحدا منهم ما يعرفه وهذا ما يعرف في تاريخ الكتاب المقدس باسم (الترجمة السبعينية) الشهيرة

ولم يقتصر الامر عند هذا الحد بل ظهر احد اليهود الافاقين ويدعى (زاهير) والذى ظهر في منتصف حكم الملك بطليموس الأول

حتى أصبحت له قوة ونفود قوى في مدينة اتريب  او هاتريب في ذلك العصر،وكانت تعرف في مصر القديمة باسم (حت حرى إب =

قصر الإقليم الأوسط) وهى جزء صغير الان في داخل مدينة بنها بمحافظة القليوبية.هذا الهيودى الملعون أصبحت له شهرة كبرى آنذاك وصنع لنفسه تمثالا عجيبا وقال ((بان الملك بطليموس الأول كلفه بصنع هذا التمثال لنفسه واصبح كاهنا ومتسيدا لمدينة اتريب،وانه كلفه بانشاء معبد في اتريب إلى الجنوب من المعبد الأصلى و(روستاى) المقدستين الواقعين جنوبا. انا المخلص لاوزيريس وسيد (ات  كميات) عن أبواب (حورس خنتى ختى) وكبير اتريب والمسئول عن الطيور المقدسه وعن تسجيل كل ما يخصها انا زد هير المنقذ))

ولذلك زاد مانيتون من كراهيته لليهود،ومهما قيل عنه او نقده البعض قديما وحديثا،الا ان مانيتون السمنودى لم يتخلى عن وطنيته قط

بل حقر اليهود وبلسانه واقواله،ولولا حب بطليموس الثانى له،لكان قتل من كهنة البطالمة او كهنة اليهود،وكما سنعرف فيما بعد

والى لقاء مع المقال القادم باذن الله

كاتب المقال

الباحث الآثارى والمرشد السياحى

أحمد السنوسى

عضو مجلس النفابة العامة للمرشدين السياحيين

   

مقالات ذات صلة