كان الكبار قديما عندما يكلفون شخصا بمهمة ما كانوا يسألونه حال عودته من مهمته” سبع والا ضبع” ..أي انجزت المهمة كما ينبغي أم منتظر تحصل علي البقايا .
ولأن صفة الإفتراس طبيعة حيوانية ،فكان القوي يفترس الضعيف ،والكبير ياكل حق الصغير ،وحيث أن الإنسان أحد أعضاء المملكة الحيوانية ،ورغم ما وصل إليه الإنسان من رقي وتطور في علاقاته وتعاملاته الإنسانية العادية ،إلا إنه تحت ظروف الهيمنة والسيطرة تعود ظاهرة الإفتراس للظهور لقوي الشر تحت مسميات مختلفة ،مثل الدفاع عن الحريات ،أو حماية الديمقراطية ،أو حقوق الإنسان وكلها مسميات زائفة.
حيث تقوم هذه القوي بزرع طباع “الضباع ” من خلال تشجيع الطائفية ،وتجييش المليشيات العسكرية،وتكوين الجماعات الانفصالية والإرهابية، تحت رايات وهمية ،وتستغلها في غسيل عثول طامعة في سلطة ،أو مغانم تحصل عليها ،ولو علي حساب أوطانها غير مدركين إنهم مجرد دمي أو عرائس تحركها هذه القوي التي تريد وضع خريطة جديدة للمنطقة تحت مسمي الشرق الأوسط الكبير أو الجديد والتي تم رفضها آنذاك.
فلجاءوا إلي فرضها بضرب العراق وإحتلالها وتخريبها، ثم ما حدث بعد ذلك في سوريا والصراع الدائر والدائم بين القوي الكبري ،والأمر نفسه يتكرر في اليمن، والآن بدءوا اللعب علي الحدود الغربية لمصر وهي الصخرة التي تحطمت عليها جائحة الربيع العربي والفوضي الخلاقة.
وعودة إلي ظاهرة الإفتراس التي تكلمنا عنها عاليه تظهر مناورات الأسود والنمور في مطاردة الفريسة، وأسلوب القبض عليها وقتلها، ثم البدء في إلتهامها وتغذية صغارها وأشبالها حتي الشبع ثم يتركوا البقايا والحشايا للضباع لياكلوا وهي التي دائماً ما تراقب من بعيد حتي يسمح لها بالإقتراب والأكل بعد ان ياذن لها.
وحيث أن من صفات الضباع أن تعيش في جماعات ،وهي نفس صفات الضباع البشرية التي نراها الآن، حيث تقوم القوي الكبري بتنفيذ مخططاتها للهجوم علي فريستها والعمل علي نهب ثرواتها ومواردها الطبيعية ، ثم يتركوا ما تبقي لضباعهم ،ولكم في العراق وسوريا نموذجاً لما تقوم به القوي الكبري ،وضباعها من أتراك وإيرانيون، يعيثون فساداً ،وأهل البلاد يتناحرون ويتقاتلون ويفجرون بعضهم البعض ، بما بذروه بينهم من فرقه وميليشيات وطوائف عرقية غير مستشعرين ما حدث من تدمير وتخريب للعراق التي كانت واحدة من أقوي الدول العربية وذات حضارة عريقة، وما يحدث في سوريا من إنشقاق للشعب وطوائفه وتناحره وهدم لبلد من بلاد الصف الأول العربي قوة وجمالاً وثقافة.
ولكنهم فتتوها بالطائفية ودمروها بأيدي أبنائها من ضباع الطوائف والفصائل المتناحرة ،وضباع تركيا وايران ، وهذا ما يحدث في اليمن بين شعبها و تقسيمه بين شمالي وجنوبي ،وبين سني وحوثي شيعي ،ثم سمح لضباع إيران بإستكمال أعمال الفتنه والتخريب والتهديد المستمر للملكة العربية السعودية من الخطر الإيراني الشيعي ليقوم الأمريكان بأعمال الإبتزاز للأموال والبترول السعودي .
والآن أصبحت الصورة واضحة في ليبيا ،بعدما قامت دول التحالف الغربي بشق الصف بين طوائف الشعب الليبي بغرض نهب ثرواته الطبيعية من نفط وغاز وأموال ،بعدها تم السماح لضباع تركيا بالدخول للحصول علي نصيبه من هذه الثروات ولهدف آخر، مكلفين به وهو تهديد الحدود الغربية لمصر ودفع المرتزقة ،والجماعات الإرهابية، لزعزعة الإستقرار في مصر، وتعطيل وتعويق خطط التنمية المستهدفة عقاباً لمصر علي تقويض نظرية الفوضي الخلاقة ،وهدم مشروع الشرق الأوسط الكبير ،ورفضت زرع الطائفية بين أبناء شعبها ولم تسمح بتحقيق ما إستهدفه الربيع العربي.
ولقد عادوا مرة أخري لإستفزاز مصر من أحد ضباعهم الجدد أثيوبيا من خلال التهديد بتعطيش مصر وشعبها وتبوير أراضيها من خلال التلاعب بمشاريع السدود علي النيل الأزرق وتعاونها مع الضبع الإسرائيلي، صنيع إنجلترا ومخلب أمريكا بالمنطقة لدعم أعوانها الاثيوبيين فنياً وفكرياً وعسكرياً لإذكاءاً لروح العداوة ضد مصر وشعبها وقيادتها.
فهم يعلمون تمام العلم أن نهر النيل بالنسبة لمصر وشعبها هو مسالة حياة ووجود ،وهم بذلك يقومون بدورهم المرسوم من القوي الكبري بكل ما هو من شأنه تعطيل المسيرة التنموية ، ووقف القفزات العملاقة التي تقوم بها مصر لنهضة إقتصادية وصناعية وزراعية وإجتماعية وتعليمية وصحية لم تحدث منذ عصر محمد علي .
إن قوي الشر والدمار في العالم الآن لا تقوم بمواجهات مباشرة مع الدول المستهدفة -الضعيفة- التي تريد الإنقضاض عليها ،ولكنها تزرع الفتن ،وتخلق الصراعات بين طوائفها وتفتيتها ،إلى جماعات متناحرة متصارعة علي الثروات والسلطة مستغلة جهل هذه الشعوب وعدم الإنتماء وفقدانهم للهوية والشخصية الوطنية نحو بلادهم، وأصبحت قوي الشر والدمار تدير هذه الصراعات من خلال وكلائها من دول ترغب في لعب دور علي المسرح العالمي ،أو جماعات إرهابية أو ميليشيات مسلحة ومرتزقة ،تعيش علي أموال ودماء الشعوب في مناطق الصراع في العالم ،وهي الإستراتيجيات التي تتبعها قوي الشر لتحقيق أطماعها الجغرافية في المناطق الحاكمة لإقامة قواعد عسكرية برية أو بحرية أو جوية، ونهب الثروات والموارد الطبيعية للدول المستهدفة ثم تعطي الإشارة الخضراء للضباع، بإستكمال مخططاتها ونهش ما تبقي من فرائسها ، وتمديد أجل الصراعات حيث تستفيد قوي الشر والدمار من بيع السلاح القديم المكدس لديها لكلا الجانبين ثم الأدوية ،وأجهزة العلاج لهما ،وهذا ما يحقق أطماعهم وأطماع وكلائهم من الضباع .
والآن علينا كقيادة وحكومة ومؤسسات تنفيذية وشعب أن نكون علي قدر كافي من الوعي والمسئولية الذاتية، التي لاتسمح أن يدخل بيننا دخيل ،ولامتامر، ولا خائن، يحاول أن يفت من عضدنا، أو يفكك ترابطنا ،أو يضعف من عزمنا، وإلا نترك الفرصة لضباع هذا العصر أن يتواجدوا بيننا.
ولا لهذه القوي أن تحقق مطامعها في بلادنا من تأليب فئات الشعب علي بعضها وتدمير وتخريب ونهب ثرواتنا .