حينما استجابت وزارة السياحة والآثار لتنفيذ ملف السياحة الداخلية فى أسرع وقت فى ظل إنتشار فيروس الكورونا بإعداد ضوابط وإشتراطات ومعايير صحية ووقائية وإحترازية ولجان مختصة لمعاينة المنتجعات السياحية التى تقدمت بطلبات للتصريح بتشغيلها وذلك بعد إستيفائها هذه المتطلبات الجديدة مما كان لهذه الإستجابة السريعة آثاراً طيبة ومكتسبات سواء من الناحية الإجتماعية أو الإقتصادية والتى منها على سبيل المثال الآتى :
مكتسبات تشغيل السياحة الداخلية :
1 – الترفيه عن المواطنين المصريين خاصة الشرائح ذوى الدخول العالية التى كانت تفضل السفر الخارجى وكذا المتوسطة .
2 – إعادة دوران حركة النشاط السياحى حتى لو كانت بصورة جزئية ومن ثم النشاط الإقتصادى .
3 – إتاحة فرص تشغيل العمالة المباشرة وغير المباشرة والتى تصل معدلها الى 4 فرصة عمل / غرفة سياحية بنسبة 50% من الطاقة التشغيلية للعمالة وبالتبادل مع النصف الآخر من العمالة كل شهرين مما يوفر دخل لهم بدلا من الوقوع فى براثن البطالة التى تعرضوا لها ،والحاجة الماسة للإنفاق على أسرهم وكذلك الحفاظ عليهم وعلى تدريبهم .
4 – تشغيل هذه المنشآت السياحية والحفاظ عليها من تدهور البنية الفوقية والبنية الأساسية وبالتالى توفير تكاليف بنود الصيانة دون دخل والتى تقدر بملايين الجنيهات فى ظل عدم عودة نشاط السياحة الدولية على المدى القريب او المتوسط .
5 – إنتعاش الصناعات الأخرى ذات العلاقة الوثيقة والتى تبلغ 70 صناعة مثل حرف البناء والتشييد والنقل وصناعة الأغذية والمشروبات وتجارة الأجهزة الكهربائية والصيد والصناعات الحرفية والتراثية والخدمات اللوجستية الخ وما يتبعها من تشغيل عمالة فى تلك المجالات التى أصيبت بالشلل نتيجة الفيروس اللعين.
6 – قياس مدى إستعداد ورغبة أصحاب المنتجعات السياحية فى تنفيذ الضوابط والإشتراطات والمعايير الصحية والوقائية والإحترازية عند عودة نشاط السياحة الدولية فى ظل أزمة فيروس الكورونا .
صعوبات وتحديات السياحة الداخلية :
1 – توجد صعوبات وتحديات للحفاظ على هذه المكاسب تقابل بعض أصحاب المنتجعات السياحية سواء فنادق أو قري سياحية فى تطبيق وتنفيذ المعايير والإشتراطات الصحية والوقائية والإحترازية وتختلف درجة الصعوبة بينهما إلا أنها تتساوى فى إضافة قيمة التكلفة الخاصة بتوفير هذه الإشتراطات إلى مصاريف التشغيل الأخرى بإعتبارها مصاريف وأعباء جديدة دائمة كما تتنوع درجة الصعوبة بين بعض المنتجعات وبعضها الآخر فى الآتى :
أ – درجة صعوبة كبيرة بسبب عناصر ومكونات المنتجع السياحى لما تحتوىه من غرف فندقية ووحدات إسكان سياحى ومعظمها تنتشر فى مناطق العين السخنة ورأس سدر والساحل الشمالى وكلها مناطق سياحية قريبة من القاهرة والجيزة والوجه البحرى وهى ذات كثافة سكانية عالية تسمح بانتقال ملاك الوحدات السياحية إليها بكل سهولة ويسر وتتمثل هذه الصعوبة فى صعوبة تطبيق المعايير الصحية والوقائية والإحترازية على ملاك وحدات الإسكان السياحى بإعتبار امكانية إستخدامهم لخدمات ومرافق الفندق من مطاعم وكافيتريات وحمامات سباحة بالإضافة إلى الشاطئ مما يؤدى ذلك إلى الإخلال بنسبة إشغال المنتجع المرخص له بها وهى 50% .
ب – درجة صعوبة أقل بالنسبة للمنتجعات التى بها غرف فندقية فقط ومعظمها فى مناطق شرم الشيخ ونويبع ودهب وطابا والبحر الأحمر فى كل من الغردقة وسفاجا والقصير ومرسى علم وتكمن درجة الصعوبة فى المسافة الطويلة بينها وبين التجمعات السكانية ذات الكثافة العالية فى القاهرة والجيزة فى ظل عدم وجود طيران داخلى أو كيان مركزى يتولى عملية الحجز للفنادق ووسائل النقل الجماعى أخذاً فى الإعتبار كافة المعايير والإشتراطات الصحية .
ج -رغبة السائح المصرى فى طموحه رؤية ما يراه عند السفر بالخارج من وسائل التسلية والترفيه والتسوق وهذه الأشياء ليست متوفرة فى كافة المناطق السياحية وإن وجدت فإن ساعات الحظر المفروضة حاليا تمنعه من الخروج مساءً مما يؤثر على مدة إقامة السائح المصرى بالسلب .
ومن خلال إستعراض عدد المنتجعات السياحية التى تقدمت للحصول على ترخيص التشغيل وفقا للمتطلبات الصحية الجديدة وحصلت عليه فهى لم تتعد نسبتها حتى الآن 15% من اجمالى المنتجعات السياحية فى مصر وهى نسبة ضعيفة لا تتناسب مع أعداد المنتجعات السياحية من فنادق وقرى سياحية وفنادق عائمة بتصنيفاتها المختلفة مما يعطى انطباعا بالأتى :
أسباب ضعف نسبة المنتجعات الحاصلة على ترخيص التشغيل :
– أن بعض أصحاب المنتجعات السياحية يعزفون عن التسويق للسياحة الداخلية نظراً لسوء تصرف بعض الشرائح الشاذة فى التعامل مع عناصر الغرفة وسلوكياتهم فى كافة الأماكن كالمطاعم وحمامات السباحة مما يتسبب فى تحقيق خسارة .
– عدم قيام أصحاب المنتجعات بتنفيذ الإشتراطات والمعايير الصحية والوقائية والإحترازية بإعتبارها تكلفة دائمة تضاف لمصاريف التشغيل إنتظاراً لعودة السياحة الدولية على الرغم من إن تنفيذها مرتبط أساساً للحصول على ترخيص التشغيل سواء كانت السياحة داخلية أو خارجية ولن يسمح لأى منتجع باستقبال سائحين أياً كانوا مصريين أو أجانب بدون ترخيص تشغيل وفقا للمتطلبات الصحية .
– عدم قدرة لجان المعاينة على القيام بكل المعاينات فى وقت واحد لأسباب مختلفة قد تكون فنية أو مالية ولهم العذر فى ذلك بدليل حصول المنتجعات السياحية على ترخيص التشغيل على فترات وليس فى وقت واحد .
الحلول :
1 – زيادة عدد لجان المعاينة مع التأكيد على فصل منطقة الفندق عن منطقة وحدات الإسكان السياحى ومنع أصحاب الوحدات السياحية من إستخدام خدمات الفندق المختلفة والشاطئ الخاص به مع تكثيف أعمال المتابعة والمراقبة.
2 – دعم أصحاب المنتجعات فى تكاليف تجهيز الإشتراطات الصحية تخفيفاً عليهم من الأزمة الحالية من إضافة أعباء مالية أخرى .
3 – البدء فى تشغيل الطيران الداخلى طبقاً لمعايير الصحة والسلامة الدولية لسهولة إنتقال السائح المصرى .
4 – التأكيد على إنشاء كيان مركزى يتولى أعمال حجز الفنادق والطيران ووسائل النقل السياحى لكل منطقة سياحية والإهتمام بالأسعار المعروضة فالفردية فى الأداء لن تنجح بنسبة كبيرة عكس مجموعة العمل المتكاملة.
5 – تشجيع الإستثمار فى إنشاء مراكز خدمات ترفيهية وتجارية وتسويقية ذات صبغة عالمية بكافة المناطق السياحية خاصة فى ذلك الوقت تمهيداً لإفتتاحها عند قرب عودة السياحة الدولية .
6 – إعادة النظر فى مواعيد الحظر خاصة فى المناطق السياحية والتى ثبت بها قلة معدل الإصابة بفيروس الكورونا .
أخيراً أرجو من الخبراء المختصين والمهتمين بالشأن السياحى تشجيع السياحة الداخلية وعدم رفضها بحجة أن السياحة الدولية أهم من السياحة الداخلية ،..نعم نتفق جميعاً على ذلك ولكن فى ظل هذه الأزمة التى لا يعلم إلا الله متى تنتهى علينا أن نحافظ على المكتسبات التى تحققت منذ بدء نشاط السياحة الداخلية والتى تعتبر البديل الإستراتيجى فى حالة حدوث أزمات للسياحة الدولية كما نحن فيه الآن .