ونصل الان الى الدولة الحديثة والتي ظهر فيها شخصية موحدة بالاله الواحد،تلك الشخصية التي حيرت العلماء والمفكرين بل وعملوا بها المؤتمرات العدة وكان اخرهم منذ عدة سنوات في أوروبا وهذه الشخصية هي الحكيم العظيم (أمنوبى) هذه الشخصية التي تعود الى عصر الاسرة 19 او 20 وكان بدايته في عصر او أواخر عصر الملك رمسيس الثانى وظل على قيد الحياة حتى عصر الملك رمسيس الثالث.تلك الشخصية العظيمة التي سنفرد لها عدة مقالات كاملة لنعرفها جيدا ونتدبرها بأكثر جدية.
– تعاليم امنوبى: وهى تعاليم فى غاية الاهمية ونحن اهتمننا بها دون الاوراق الاخرى لنثبت بانه كان فى مصر ايضا موحدين ولو حتى كان انسان واحد فقط. ومن اهم الدراسات فى هذا الموضوع هو تعاليم امنوبى والتى لنا معها وقفة كاملة ومفصلة.وهذه التعاليم كتبت على مجموعة من اوراق البردى عثر عليها السير الانجليزى (والس بدج) عام 1888 وهى محفوظة كاملا الان فى مكتبة المتحف البريطانى.
وفى بادىء الامر وضعهما السير والس بدج فى مخزن منزله ونحمد الله انها حفظت جيدا،وبعد اربعون عاما كاملة تذكر السير والس بدج هذه الاوراق وكان ذلك فى عام 1924.وقام على الفور بالرغبة فى ترجمتها عن طريق المتخصصين الانجليز وكذلك الاثرى الدنماركى (لنجا) والالمانى (ايرمان) وكانت المفاجأة بان الاثرى الالمانى ايرمان برهن على ان هذه الوثيقة الكاملة او مجموعة اوراق البردى كانت مصدرا أخذت منه حكم سليمان فيما بعد!! وكانت هذه الشهادة مثار جدل كبير فى اوروبا انذاك، خاصة بالنسبة لليهود الذين بداوا فى الظهور العالمى وخاصة بعد الحرب العالمية الأولى،وهكذا اشتهرت هذه التعاليم بين اهل التخصص فى اوروبا انذاك والجدال الكبير حولها.
وقام الاثرى الانجليزى (جريفث) بترجمة هذه الاوراق مرة اخرى وبمساعدة اخرين وتم طبع الترجمة باللغة الانجليزية لاول مرة و نشرت فى مجلة الاثار المصرية بلندن انذاك،ومن المفاجاة كذلك بان جرفث وازن بينها وبين امثال وحكم سليمان عليه السلام.واخرين قالوا انها تشبه حكم سيدنا لقمان عليه السلام،فمن هو امنوبى؟؟
ثم دخلت هذه التعاليم مرة اخرى فى طى النسيان وظهرت لاول مرة باللغة العربية فى عام 1955 عندما كتب الاثرى الخالد الدكتور (سليم حسن) هذه التعاليم فى موسوعته الكبرى خاصة فى الجزء 17 الخاص بالادب المصرى القديم،بل اشرف بنفسه على الترجمة حيث كان رحمة الله عليه موسوعة اخرى فى اللغة المصرية القديمة واجادتها كاملة.ومن يومها وحتى الان لم يكتب عن هذه البرديات اى شىء حتى يومنا هذا وخاصة من المتخصصين المصريين.حتى فى كلية الاثار نفسها لا يتم دراسة هذه الوثيقة بالصورة الصحيحة الكاملة.
وعند دراسة هذه الورقة بتمعن شديد وخاصة للترجمة الدقيقة والتى اشرف عليها الدكتور (سليم حسن) نفسه لا يسعنى الا ان استعير منه ما قاله عن هذه الورقة مثل ((ان هذه الورقة او الاوراق تدل على تطور كبير فى الوعى الانسانى بالرغم من كل المؤثرات الاجتماعية المخالفة لهذا الوعى ومدى التفكير العميق الذى شغل بال امنوبى ويذكر بغير تحفظ بان ما كتبه كان بامر من الله الواحد.بل انه كتب هذه الاوراق للعالم وليس لاهل مصر فقط لان الله هو المرشد والمهيمن على كل حياته وحظه،بالرغم من ان ما كتبه قد لا يعجب الكثيرين من المصريين انذاك فى عهده)) الم تلاحظ قوله ((ما كتبه كان بامر من الله الواحد))
ولقد اعتقد الاثارين القدامى بان هذه الاوراق كتبت فى عهد الاسرة 21 او 22 ولكن الاثارى الكبير الدكتور سليم حسن اثبت بانها كتبت فى عهد الدولة الحديثة وخاصة فى الاسرة 19او20 وانه وجد اوستراكا خاصة بتلاميذ كانوا يدونون عليها بعضا من تلك التعاليم والامثال.
وهناك لوحة خشبية محفوظة بمتحف تورين عليها طبقة من الجص مكتوب على وجهيها فقرات من هذه التعاليم،وهذه اللوحة تعود الى عصر الاسرة 20 اى فى نهاية الدولة الحديثة.وهذه الاورق كثيرة وممتعة فى الدراسة المتانية والتأمل ولكننا ههنا ناخذ منها ما يخدم مقالنا وهو مسألة التوحيد،تلك النقطة الى نتناولها بالتفصيل ههنا
من هو امنوبى وماذا قال عن نفسه:لقد بدا امنوبى هذه الاوراق بالحديث عن نفسه ومما قاله بالنص الحرفى ((انا امنوبى بن الكاتب نخت واكتب المقدمة كبداية درس الحياة والارشاد الى الخير.والكل يعمل بهذه التعاليم من اجل السعادة ويكون الانسان ممدوحا فى افواه القوم. ولا تنسى زيارة قبرى المشيد فى غرب سنوت ( قبره فى العرابة المدفونة وهى ابيدوس) وأوجه تعاليمى لكل اولادى الصغير منهم والكبير بل لكل الناس فى الارض سواء فى مصر او خارجها،والكل يجب ان يسلم اذنيه ويستمع الى الكلمات التى تقال. واشحذ فكرك لتفهمها وانه لمن الخير ان تضعها فى لبك ولكن الويل لمن يهملها.دع التعاليم لتكون فى صندوق بطنك حتى تكون قفلا لقلبك واذا مضيت مدة حياتك وهذه الامور فى قلبك فانك ستلقى بها نجاحا وستجد فى كلماتى ذخيرة الحياة وسيفلح جسمك على الارض))
ونواصل الحديث في هذا الامر مع مقال الغد باذن الله.