آثار ومصرياتأخبارشئون مصريةمنوعات

الباحث الآثارى والمرشد السياحى “أحمد السنوسى “يواصل  كتاباته عن: ” العقيدة والدين في مصر القديمة” (19 )

في يوم 12 مايو، 2020 | بتوقيت 12:00 مساءً

النصوص الدينية

بعد ان تحدثنا في المقالات السابقة في أمور عديدة ناتى هنا الى موضوع هام وخاصة في الدولة القديمة وبالأخص في عهد الملك اوناس والذى لنا معه وقفة هامة لكل مدقق في التاريخ المصرى القديم،وهو اول ملك يكتب في داخل هرمه وهذا ما نطلق عليه لفظ (نصوص الاهرامات) وان نصوص الاهرامات والبالغ عددها 582 نصا،كان فى الكثير من النصوص منها الملامح الدينية الحقيقية التى كان ينهجها المصرى فى ذلك الزمان،

وبذلك نقول بان الرؤية الحقيقية المثبتة والموثقة للديانة المصرية القديمة كانت فى الاسرة الخامسة حيث كتبت لاول مرة نصوص الاهرامات.وكان اول ملك يكتب هذه النصوص فى هرمه هو (الملك اوناس) من الاسرة الخامسة ولكن من الغريب انه فى هذه الاسرة كانت عبادة الشمس هى العبادة الرئيسية فى البلاد انذاك،

وان كل ملوكها اخذوا لقب رع مع اسمائهم الا الملك اوناس لماذا؟ هل لان الملك اوناس لم يكن مقتعنا بعقيدة الشمس؟؟ وهل تنبه أحدا لذلك!!

ولما الاستغراب فى هذا الامر،فها هو ملك الحبشة مثلا (ابرها) فى صدر الاسلام الاول وكان ملكا على الحبشة وكان محبا للاسلام و نصر المسلمين،مع انه كان نصرانيا ويقال انه اسلم مع انه كان حاميا لكنيسة الحبشة انذاك والصليب.

وكان يعيش فى حياة المصطفى صلى الله عليه وسلم وغيره الكثير من الملوك فى التاريخ كانوا على عقيدة تخالف عقيدة قومهم.

ولذلك عندما ندرس نصوص هرم الملك اوناس نجزم من الناحية الدينية والعقائدية بانه لم يكن مقتنعا بعبادة الشمس على الاطلاق و بالرغم من انه ذكر اله الشمس رع فى بعض النصوص.وهناك من ادعى بانه ربما يكون الملك المصرى الذى عاش فى كنفه يوسف عليه السلام.

ولكننى اخالف هذا الراى ايضا لان موضوع انقاذ مصر من المجاعة والتى كتبت على جدران طريقه الصاعد،اثبت بانها كتبت فى العصر المتاخر عن احداث حدثت فى مصر من قبل،وليس لها علاقة بعهد اوناس على الاطلاق.ومن الاسباب التى تدفعنا بالقول بان الملك اوناس لم يكن مقتنعا بهذه العقيدة الشمسية عدة اسباب هامة جدا وهى :-

(1) انه الملك الوحيد فى الاسرة الخامسة الذى لم ياخذ لقب رع فى اسمه الملكى،بل ان معنى كلمة اوناس تعنى الصديق او صديق الشعب.

(2) كان مقتنع بوحدانية الاله!! واحتمال انه اخذ رع كوسيط بينه وبين الاله الخالق لانه قابع خلف قرص الشمس ونثبت ذلك من نصوصه الدينية،وكما سناتى لنص خطير جدا فى هذا الامر.

(3) فى حياته كلها لم يهتم باى اله مصرى على الاطلاق بل هو الوحيد فى هذه الاسرة الذى لم يبنى معبدا للشمس،وهذا استثناء وحيد بين كل ملوك الاسرة الخامسة.

(4) انه مكث فى الحكم ثلاثون عاما تقريبا وهرمه فى سقارة واول من يكتب على جدرانه نصوص الاهرامات،ومنها نصوص تمجد الاله الواحد النص (173) يقول ( ياتى اليه ناكسا راسه وكل الالهة تخافه لانه الاكبر الواحد العظيم انه صاحب السلطان على مكانه وهو الذى يقبض على القيادة والابدية تجلب اليه).

وفى هذا النص يناشد الاله الواحد الذى لم يذكر اسمه وليس رع بطبيعة الحال او اوزوريس والا كان قد كتب اسمهما فى النصوص الخاصة بهما.الا تلاحظ عندما يقول بان كل الالهة تخافه لانه الاكبر الواحد العظيم،ومثل هذا النص لم يطلق على رع نفسه فى اى نص من النصوص.وهناك نصوص اخرى توضح الاله الواحد،وتلك النصوص هى التى جمعها العلماء ووضعوها خطأ تحت بند (الادب المصرى القديم) وما بها من سمو الاخلاق والمبادىء السامية ونصائح،كلها اشياء لا تاتى الا عن طريق مرؤة الدين فقط ولاشىء سوى الدين،ولكن قليل من العلماء يعلمون.

ودليل اخر يدل على الوحدانية وفى نفس العهد والاسرة كذلك يااصحاب العقول،وهذه المرة ليس عن طريق الملك او نصوص الاهرام بل عن طريق احد الوزراء المرموقين جدا فى عهد الملك اوناس ايضا وهو الوزير (بتاح حوتب) ولنتمعن فى نصائحه لابنه تمعنا كبيرا لو كنا حقا جادين فى ترميم التاريخ،واثبات بان الديانة المصرية القديمة ليست كما تعلمنا من العلماء من قبل ولكل شىء نهاية.ولم يكن بتاح حتب وحده من ينادى بذلك في هذا العهد،بل أيضا (كاجمنى) وهكذا اقول بان حقائق التاريخ لا تضيع ابدا ابدا

وهكذا نستخلص من الدولة القديمة ومن قبلها من جذور الحضارة المصرية فى مسألة العقيدة او الدين،بانها قامت فعلا على التوحيد وكان فيها موحدين وما من عصر من العصور الا وكان بها من الموحدين وهذه هى سنة الحياة،وهى الفطرة التى فطر الله الناس عليها ولكن قليل من الناس يصدقون.ولاننسى كذلك بانه ما من امة او قرية من القرى والا كان فيها الظالمين والعصاة والمشركين والكافرين وهذا ايضا من سنة الحياة ومن اعمال الشيطان مع الانسان.

والى لقاء مع مقال الغد باذن الله

كاتب المقال

الباحث الاثارى والمرشد السياحى

أحمد السنوسى