(انا احترم القضاء)
ان احترام القضاء النزيه العادل هو قمة العدل في اى مجتمع وللأسف الشديد في مجتمعاتنا الإسلامية اليوم نجد الأمور على عكس ذلك تماما.فالمصرى القديم احترم القضاء وتعلمه من قوانين ماعت،لان العدل فيه استقرار للمجتمع وابعاد المجتمع عن الثأر والجريمة وما الى غير ذلك.
وان لفظة كلمة (القاضي) نفسها جاءت من كلمة القضاء،لان القاضي هو الشخص له ولاية القضاء ويحكم وفقا للقانون فى النزاعات ويرأس المحكمة.وذلك اهتم المصرى القديم وكذلك الإسلام بفضل القضاء والقاضى ووضع كلاهما شروطا صعبة ليكون الانسان قاضيا ليحكم بين الناس،ووضعوا له شروطا وصفات فى الشخص قد لا تتوافر في الشخص الاخر وفى ذلك دراسات كثيرة قديمة وحديثة.
ومن يدرس القضاء في الإسلام يجد بان الايمان بالقضاء هو ركن اساسى من اركان الايمان،هل تصدقون ذلك!! فلا يتم إيمان العبد إلا بالإيمان بما قضاه الله عليه في هذا الحياة الدنيا،وهذا هو قضاء الله لان الله تعالى عادل في السراء والضراء.وهذا ما يجب ان يكون عليه القاضي في الأرض لانه يحكم بامر بالله وبشريعة الله،لانه هو الوحيد في العالم كله من بقضى بنجاة شخص او اعدام شخص فهل عرفتم فضل الله ولماذا امن المصرى القديم بالقضاء وقال بنفسه (انا احترم القضاء)
وقال تعالى في سورة الاسراء الاية (قَضَىٰ رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ) اى حكم الله وقضى الامر
وكذلك قال تعالى في سورة يونس 47 (قُضِيَ بَيْنَهُم بِالْقِسْطِ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ)
فاحترام القضاء هو العدل كله لان القاضي نفسه هو العادل على الأرض بعد عدل الله جل في علاه.ولايجب ان يكون الحكم بالهوى بل بالعدل ولا شيء سوى العدل والحكم بالعدل.وفى ذلك قال تعالى في سورة النساء 58 (وَإِذَا حَكَمْتُم بَيْنَ النَّاسِ أَن تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ)
والحكم هنا يكون للقاضى فقط ولا شخص اخر سوى القاضي.
وحتى يومنا هذا ولفضل القضاء والعدل حتى في المجتمعات البدائية او البدوية كما في سيناء مصر مثلا،فنجد بين قبائل البدو شخصا كبيرا حكيما متفق عليه بينهم بانه هو (القاضي) وحكمه ينفذ على الفور بعد جلسات كثيرة ومشورات كثيرة فيصدر حكمه وينفذ و
لذلك لا تنتشر الجريمة بين هذه القبائل سواء في مصر او غيرها من الدول الأخرى لانهم يحترمون القضاء ويعلمون جيدا بعدل القضاء وان الانسان اذا اخطأ فيجب محاسبته حسب جرمه كبر ام صغر.
ومن هنا احترمت مصر القديمة وشعبها القضاء،وكان الكثير من الملوك حسب النصوص يهتمون بالقضاء والعدل،وكان البعض منهم مسئول عن جميع الأمور القانونية،وكانوا يصدرون المراسيم ذات الطابع القضائى.وكان كبير القضاء وهو ما نطلق عليه لقب (وزير العدل) يعمل تحت امرة الملك مباشرة،وكان هذا الوزير على رأس الإدارة القضائية فى مصر القديمة،وكان هو المسئول عن النظام القضائى في الدولة.وما اكثر البرديات الحاثة على ذلك في امر العدل والقضاء وتعطى لنا صورة كبيرة عن العدل وإقامة العدالة،فاين نحن من كل هذا اليوم في عصرنا الحديث.
وكان المصرى القديم اول من يسن قاعدة (الاعتراف سيد الأدلة) ومع ذلك كانت العقوبة مخففة او يرد ما سرقه مثلا،فتدلنا أوراق كثيرة وجدت في دير المدينة حيث انتشرت السرقات في عهد الرعامسة،وهذه البرديات توضح لنا سجلا كاملا من التحقيقات والعقوبات المفروضة.وفى الكثير منها عندما يعترف الشخص بجرمه ولماذا فعل ذلك،فكان الحكم هو ان يرد ما اخذه وبذلك تنتهى القضية بالتصالح والتوفيق بين المتقاضيين،وهذا يدل على أسلوب رفيع في الحكم والاهم هو رد الحقوق الى أصحابها.اما اذا كانت المسروقات ملكا للدولة فان العقوبة تكون اثقل بكثير بل تصل في بعض الأحيان الى الإعدام نفسه.ومثال على ذلك سرقة المقابر وخاصة لو كانت مقابر ملكية،وكان المتهم الرئيسى او اكثر ياخذون عقوبة الإعدام،اما الاخرين المشاركين حسب فعلتهم فيحكم عليهم بالضرب كعقاب جسدى،مع اعترافه بعدم فعلها مرة أخرى والا سيطبق عليه الإعدام الفوري.
ومن اهم البرديات القضائية كذلك هي ما تتعلق بجريمة الزنا او الاغتصاب،وبالرغم من قلتها وهذا يدل على سوية المجتمع المصرى القديم،الا ان ما جائنا في هذا الامر والحكم بالاعدام وخاصة لو كانت الفتاة بكرا،يدل على ان المجتمع المصرى بصفة عامة كان ينظر الى هذه الجرائم على انها جرائم غير مشروعة وسلوك غير محمود على الاطلاق وكان المجتمع يلفذ هؤلاء تماما.
وكانت الربة (ماعت) إلهة العدالة والنظام الكونى مبدأً إرشاديا داخل المجتمع المصرى القديم. وكانت (العدالة الترابطية) تقوم على العيش وفقًا لمبادئ القانون وكانت مسئولية جماعية.ومن ثم ليس من الغريب أن تم اعتبار أهمية نزاهة القضاة المصريين القدماء استثنائية.وكان القضاة المصريون القدماء مسئولين حكوميين يمثلون الملك فى المسائل القانونية والإدارية،لذا فإن أى سوء تصرف قضائى ينعكس بشكل مباشر على الملك،لذا تم اتخاذ جميع الاحتياطات لضمان نزاهة المحكمة
فما اجملك من حضارة عظيمة،والاجمل منها ديننا الاسلامى الحنيف وايات الله في العدل والحكم والذى هو أساسه العدل بين الناس
والى لقاء مع مقال الغد باذن الله