من الفضائل الحسنة في الحضارة المصرية القديمة هو المساواة بين الناس وهذا لم نجده في اية حضارة قديمة على الاطلاق.
– (انا اساوى بين الناس ولا اميز بينهم) ان المساواة بين الناس وعدم تميز شخصا عن اخر تعتبر من التعاليم الانسانية الجميلة والرفيعة وقد حثنا المصرى القديم عليها وكذلك ديننا الحنيف الإسلام.
ولابد للبشرية كلها ان تتعارف وان يكون الكرم هو الامر السائد بينهم جيمعا،وفى ذلك قال تعالى في سورة الحجرات 3 (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ) فلا فضل لاحد على احد الا بالتقوى فقط.وكان اول الخلق في تاريخ البشرية كلها يلغى التميز العرقى كان هو نبينا المصطفى صلى الله عليه وسلم،وخاصة مع العبيد والزنوج وهاهو التاريخ شاهدا على هذا كله.
فالاصل في الناس جميعا انهم متساون امام الله باشكالهم وأموالهم فلا يميز الإنسان الجميل عن القبيح لأنه هو الذي خلقهم جميعاً بصورهم المختلفة ولا يميز الغني عن الفقير،لأن الله تعالى بيده كل شىء،يهب منه لمن يشاء وهو مالك الملك.وان الله تعالى ينظر إلى القلوب البشرية وما تحتوي من حب وخير أو كره وشر،لأن لكل إنسان نفس تعرف الفجور والتقوى وبيده تزكيتها أو الوضع من شأنها وكذلك ينظر الله إلى عمل كل إنسان حيث ترك له حرية اختيار ما يحب من أعمال لإعمار الكون وعبادة الله سبحانه وتعالى.
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ان الله لا ينظر الى صوركم ولا الى اموالكم ولكن ينظر الى قلوبكم واعمالكم.فهذه الصورة الجميلة البليغة كانت القاعدة عند رسول الله وان التفاضل بين الناس وعن بعضهم البعض في العلم والايمان فقط.
وتعد المساواة بين الناس على اختلاف الأجناس والألوان واللغات،مبدأ أصيلاً في الشرع الإسلامي،ولم يكن هذا المبدأ على أهميته و ظهوره قائماً في الحضارات القديمة،كالحضارة الفارسية أو الرومانية،إذ كان سائدا تقسيم الناس إلى طبقات اجتماعية،لكل منها ميزاتها وأفضليتها،أو على العكس من ذلك،تبعاً لوضعها الاجتماعي المتدني.
ولكن في الحضارة المصرية القديمة كان العكس من ذلك، وارجعوا الى النصوص الاجتماعية مثلا لان ما درستوه كان فقط الكهنة والملك وتميز الكهنة وان كان صحيحا،ولكن في قوانين ماعت لم ينص على ذلك مطلقا بدليل المقولة رقم 21 (انا اساوى بين الناس ولا اميز بينهم) .
ولقد كانت التفرقة بين البشر في المجتمعات القديمة تستند إلى الجنس واللون،والغنى والفقر،والقوة والضعف،والحرية والعبودية،و كانت طبقة الحكام ورجال الدين من الطبقات المميزة،بل إن بعض المجتمعات كالمجتمع الهندي مثلاً،كان يعرف طائفة المنبوذين،وكان محرماً على أفراد الطبقة أن ينتقلوا منها إلى طبقة أعلى،حتى ولو كانت ملكاتهم تتيح لهم ذلك
وفي العصر الحديث رفعت الثورة الفرنسية سنة 1789 شعار المساواة غير أن التجارب العملية تعلم الإنسان أن المبادئ والشعارات وحدها لا تكفي،دون أن يكون هناك ما يحدد المضامين،ويفتح طريق التطبيق ويفرض الجزاء عند المخالفة.
وهذا ما وجدناه في التشريع الإسلامي في مبدأ المساواة بين الناس،فهي تسوية أصلية بحكم الشرع،ومضمونها محدد،وأساليب تطبيقها واضحة،والجزاء عند مخالفتها قائم،وهو جزاء دنيوي وأخروى،وان التسوية بين البشر في المفهوم الإسلامي تعني التسوية بينهم في حقوق الكيان الإنساني الذي يتساوى فيه كل الناس بلا استثناء
وفى تاريخنا القديم مثال عظيم على ذلك وفى عهد الملك رمسيس الثالث نفسه والذى يعتبر من اعتى واقوى ملوك مصر في تاريخها،
وصداقته الحميمة جدا مع ذلك الكاهن المحنط.وقام هذا الكاهن وراود احدى السيدات عن نفسها من اجل تحنيط زوجها المتوفى. فلما بلغت فيه الشرطة ووصل الامر الى الملك نفسه والذى لم يصدق فعل صديقه الحميم امر بمحاكمته.واصدرت المحكمة حكمها بالاعدام عليه ونفذه الملك رمسيس الثالث لان الزنا كان شيئا محرما في مصر القديمة،فما بالك بهذا الكاهن وكيف يفكر في هذا الفعل،مع انه لم يفعله ولكن حكم عليه بالاعدام ليكون عبرة لكل كاهن وكل فرد في المجتمع المصرى.
فما اجمل اسلامنا وما اجمل حضارتنا القديمة والتي لا ناخذ منها شيئا،وللأسف الشديد تباعد الكثير من الناس عن اسلامنا واخلاقنا الحميدة،وندعوا الله بان يكون في عوننا وان يرجع المجتمع الى فضائله الكريمة الحسنة من اجل مصر،ومن اجل اجيالنا القادمة باذن الله،انه نعم المولى ونعم النصير
والى لقاء مع مقال الغد باذن الله