من الأمور الجميلة والمدققة في تعاليم المصرى القديم والتي تبهر كل دارس بحق لهذه الحضارة الجميلة المبنية على الاخلاق والضمير الانسانى تلك المقولة الجميلة (انا اذكر محاسن الاخرين)
– (انا اذكر محاسن الاخرين)
ان ذكر محاسن الاخرين يعتبر من الادب والأخلاق والاعتراف بالاخرين اذا عملوا عملا يشكره الناس عليه وكذلك رب الناس في الدنيا والاخرة.وذكر محاسن الاخرين من الاخلاقيات الإنسانية المجتمعية والتي تبعد الناس عن النميمة والرياء وما الى ذلك.
والمفروض على المسلم الحق الا يغتاب الناس بل يذكر محاسنهم واكيد لكل انسان في هذه الدنيا مهما كانت ملته او عقيدته شيئا من المحاسن،فما بالك بالمسلمين بين بعضهم البعض.ووجب على الانسان المسلم اذا اغتاب اخاه ان يعتذر له ويدعوه بان يسامحه.وقد وضعت في الدراسات الاسلامية تحت مسمى (حسن الخلق) وهذا ما تفهمه المصرى القديم أيضا وسجل ذلك.
ولا يمكن للإنسان مهما كان ان يسنى خير الانام جميعا وهو رسولنا المصطفى صلى الله عليه وسلم والذى ذكره الله تعالى في سورة الأحزاب 21 (لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا) فليس أحد من الخلق أحق أن يقتدى به،وأن يتشرف الإنسان بسلوك مسلكه من محمدٍ صلى الله عليه وآله وسلم.
هذه الاخلاق الحميدة التي نسيها الناس الان في مختلف بقاع الأرض ويكفينى فخرا في حب رسول الله ما قاله الله تعالى نفسه في رسولنا الكريم في سورة القلم 4 (وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ) ومهما قيل من أناس عن القرأن الكريم الا انه يعتبر هذا الكتاب الكريم منهاج واضح للناس في الحياة بصفة عامة واحوال الاخرة بصفة خاصة،وما أجمل ايات القران التي تدعوا الى الادب ومكارم الاخلاق ولذلك حثنا الحق تبارك وتعالى في تدبر اياته وذلك في قوله تعالى (أفلا يتدبرون القرآن)
وذكر محاسن الناس لا تكون في حق الاحياء فقط بل أيضا في حق الأموات ولذلك قال االمصطفى صلى الله عليه ولسم (اذكروا محاسن موتاكم) فذكر محاسن الميت والشهادة له بالخير مطلوب وواجب فرض على كل مسلم.
ولذلك اتعجب من الناس الان بان تدعوا بالسؤ على الميت وخاصة لو كان سياسيا او غير سياسى.فالحكم هنا لله وهو الان بين يدى الله ولا يحق لاى مسلم مهما كان علمه بان يقول هذا في الجنة وهذا في النار حتى لو تعلمنا وعلمنا الفرق بين دخول الى الجنة او النار.
والإسلام في حقيقة الامر يحث الناس على ذكر بعضهم البعض بالخير فان احسنوا يقال لهم احسنتم ،وان اساؤا يقال لهم اسئتم ، وهذا هو مقتضى قيام الناس بالقسط والعدل.
ولذلك قال تعالى ف كتابه الكريم (كُونُواْ قَوَّامِينَ لِلّهِ شُهَدَاء بِالْقِسْطِ) ولم يقول تعالى كونوا شتامين او نمامين.واقول أيضا لا ضرر ولا ضرار ان احسنا القول بالخير على غير المسلم،فلابد من شكر العلماء في الأرض الان وسابقا لما فعلوه من اجل الإنسانية مثل اختراع الكهرباء والتليفون والأدوية والتحاليل الكثيرة لامراض العصر وكلهم بلا استثناء علماء أجانب غير مسلمين،فهل يجوز لنا سبهم وشتمهم،ام يجوز لنا ان نذكرهم بمحاسنهم التي أفادت البشرية جميعا.
فالانسانية هي اللبنة الأولى في صناعة اية حضارة على الأرض،تلك الانسانية التي عرفت منذ القديم من الزمان فضل الانسان على أخيه الانسان،وهكذا فهم المصرى القديم هذا المعنى ووضعه في قوانين ماعت،وهذا ما حثه أيضا الإسلام وايات القران الكريم،فهل نتعلم من هذا او ذاك،ام سنظل في جهل وسباب هكذا وهذا لا يرضى الله ولا رسوله الكريم،ولا يرضى حتى الإنسانية نفسها.
ولقد حثنا أيضا المصرى القديم في نصوصه بذكر محاسنه بعد وفاته،وهناك نصوص كثيرة ورجاء منه بان الذى يمر على قبره ان يذكره بالحسنى ويقدم له القرابين،ليعلم الله خيره وذكر الناس لفضائله على الأرض.
هذا الفكر العميق في وجدان المصرى القديم يدلنا على نبل الاخلاق وانها حقا حضارة فجر الضمير الانسانى بدون شك او منازع.
فلقد اهتم المصرى القيم ليس بالدعاء للمتوفى فقط بل أيضا بتقديم الرحمة والتي كانت عنده في صيغة (قرابين) والتي كانت في اغلبها اطعمة ومشروبات.
وهناك نصوص مصرية تقول بان المتوفى اذا كان من الأغنياء فتقدم القرابين على روحه يوميا،اما اذا كان فقيرا
فكانت توزع في الأعياد فقط،وهذا ما يحدث حتى الان في الكثير محافظات مصر وهو ما يسمى (قرص الرحمة) والذى يوزع على الفقراء في القبور وغير القبور كذكرى على روح المتوفى.
فذكر محاسن الميت من الأخلاق الرفيعة،فهو عرفان بالجميل،وفعل نبيل،وخلق أصيل في الأمة الإسلامية،ينفع الميت،بدليل قوله صلى الله عليه وسلم:أنتم شهداء الله في أرضه،من أثنيتم عليه خيرا وجبت له الجنة،ومن أثنيتم عليه شرا وجبت له النار.
وهذا ما تعلمناه نحن من الإسلام ومن رسول الإسلام،فمن علم المصرى القديم كل هذا،الا تتفكرون افلا تتدبرون.
والى لقاء مع مقال الغد باذن الله