آثار ومصرياتأخبار عاجلةالمنطقة الحرةسلايدرشئون مصرية ومحليات

الباحث الاثارى والمرشد السياحى “أحمد السنوسى “يواصل  كتاباته عن ” العقيدة والدين في مصر القديمة” ( 8)

في يوم 1 مايو، 2020 | بتوقيت 12:00 مساءً

فى هذا المقال وقبل ان نسترسل في القوانين الأخلاقية والإنسانية عند المصرى القديم،نتوقف عند نقطة هامة وهى المعابد المصرية والتي كتب عنها الكثير من الأجانب الكثير من الأخطاء بدون الرجوع الى اصل النص الصمرى القديم.

فالمعبد المصرى مثلا ولو فيه العديد من الالهة المصورة فان المصرى القديم لم يعبد أصلا هذه الالهة او حتى الحيوان،لان الفكر المصرى هكذا يتعارض تمام الاعتراض مع حقيقة قوانين ماعت.

فان المعبد المصرى في جذوره الأولى له مسمى واحد لم يتغير على مدار العصور وهو (بت حرتا) ونحن لا ننكر بان المعبد المصرى طوال تاريخه اخذ مسميات مختلفة،ولكن المسمى الذى لم يتغير في اللفظ (بت حرتا) فهل تفهمنا معنى هذا المسمى الاصلى منذ الجذور الأولى (بت حرتا = السماء على الأرض او السماء والأرض او السماء وجه الأرض).

ويعنى هذا بصريح العبارة بان المعبد يتجه بوجهه نحو السماء او الى السماء وهو يمثل السماء على الأرض او السماء والأرض وهما الشيئيين الكونيين اللذان اهتم بهما المصرى القديم دون الكون كله،ولعل هذا ما جعل الفنان المصرى القديم يجعل واجهة المعبد او البيلون (مائلا) وكما نشاهد في معبد الكرنك والاقصر وغيرهما من المعابد المصرية الأصل.

والسماء الذى خلقها الاله الواحد جعل فيها جنة الانسان الخالدة والوصول اليها يكون عن طريق الصدق في الكلام والايمان بالاله الواحد الذى لا شريك له،ويجب على الانسان ان يكون قلبه صادقا ويعمل بكل ذلك من اجل الوصول الى هذه الجنة الخالدة.

ولقد عرف المصرى القديم أيضا الجنة باسم الايارو (الايارو = الجنة او حقول الجنة) وهى في السماء وليست على الأرض لان الأرض فانية ولها اجل محدد مثل الانسان.

،ولم نجد في اية نصوص بان هذه الجنة على الأرض.والأرض هي أيضا من مخلوقات الله وجعلها سكنا للإنسان لاجل محدد أيضا،وعن طريق البعث بعد الموت سينتقل الانسان من هذه الأرض الى السماء والمحاكمة في العالم الاخر.

وان الأرض والسماء في العالم الاخر لن يكونا هما اللذان نعرفهما الان،ولذلك نجد مصطلح يوضح كل ذلك وهو (خر بت = السماء تقع على الأرض) فيتدمران وتصبح الأرض غير الأرض والسماء كذلك.وان كلمة (خر = تقع او يقع) حسب جنس الفعل في اللغة القديمة حيث تاء التانيث وكما يعلمه علماء ودارسى اللغة المصرية القديمة.

ولذلك اهتم المصرى القديم بالمعبد تماما وهو بمثابة تواصل الانسان مع السماء وكان هذا المعبد له قدسية كبيرة في قلوب المصريين مثل الجامع والكنيسة في عصرنا الحالي.

فالمعبد كان البيت المقدس للمصريين وليس كما يدعى البعض ماخوذا عن الاجنبى بانه كان ممنوع على المصريين دخول المعبد وانه يخص الطبقة الحاكمة والكهنة فقط وما الى غير ذلك من تاريخ مغلوط اخذ من العهد البطلمى فقط عن فترة معينة فقط عندما كان الفرس يحكمون مصر.

ولن أقول ايات القران ههنا لتأكيد هذا المعنى وخاصة لاصحاب الراى القائل لا اثر في الدين وعلى العموم اهتموا بتاريخكم القديم وخاصة من ناحية الديانة اوالعقيدة وستصلون الى نفس النتيجة والايمان ولكن قبل كل هذا علينا أولا بترميم التاريخ.

وهكذا كان فكر المصرى القديم الذى يؤمن بالبعث وان الخولد في العالم الاخر وليس على الأرض وانه مهما طال به العمر او قصر فناك حقيقة هامة وهى الموت والذى به ينتقل الانسان من حياة الأرض الى حياة الاخرة.

وفى الاخرة هناك طريقان لا ثالث لهما وهما الى الجنة او الى النار،وفى اعتقاى الخاص ليس هناك انسان على وجه الأرض يريد النار مطلقا،

ويكفى بان المصرى القديم بنفسه اعتقد في البعث وفى الاخرة.فالايمان باليوم الاخر مقرون بالايمان بالاله الواحد،.

ومن ينكر ذلك فهو ينكر وجود الوحدانية أصلا وهذا ما لم يفعله اعتى الملوك المصريين القدماء ولا حتى المصرى القديم نفسه.

فكل الملوك والكهنة والشعب امنوا بالبعث والعالم الاخر،ولم ينكره أحدا على الاطلاق،بل اكدوا عليها في نصوص مقابرهم ومحاكمات العالم الاخر.

وقال تعالى في سورة الناء 38 ((وَالَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ رِئَاءَ النَّاسِ وَلَا يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَلَا بِاليَوْمِ الآَخِرِ وَمَنْ يَكُنِ الشَّيْطَانُ لَهُ قَرِينًا فَسَاءَ قَرِينًا))

وكذلك قال تعالى في سورة البقرة 177 ((وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ))

فالايمان هو ان يؤمن الانسان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر،ويؤمن بالقدر كله خيره وشره.وكلها أشياء نجدها في النصوص المصرية القديمة وخاصة موضوع البعث  والحساب في العالم الاخر،وانى متاكد تماما الثقة والتأكد بان المصرى القديم لم يعبد الهة قط وانما كانت مجرد تصوير فقط لحال الدنيا،

وانه كان يؤمن باله واحد فقط مدبر هذا الكون،اما هذه الالهة فكانت مجرد الهة وسطية بين الخالق وبين المخلوق وهو الانسان.وحتى يومنا هذا نجد الكثير من المصريين يتمسحون في أولياء الله الصالحين وفى مساجدهم وهم لا يؤمنون بهم بل يؤمنون بالههم ويتخذونهم فقط كوسيط بينهم وبين الله.

وهذا فكر انسانى قديم ولكن مازال البشر يسيرون عليه حتى يومنا هذا،مع ان الإسلام حرم الوسطية او منع الوسطية تماما،ولكن ماذا نقول في الفكر البشرى الغير سوى.

والى لقاء مع المقال القادم باذن الله

كاتب المقال

الباحث الاثارى والمرشد السياحى

احمد السنوسى

مقالات ذات صلة