أخبار عاجلةسلايدرسياحة وسفرشئون مصرية ومحليات

الدكتورة” عادلة رجب” تكتب ل” المحروسة نيوز” عن : السياحة بعد الكورونا

في يوم 22 أبريل، 2020 | بتوقيت 2:43 مساءً

على الرغم من الشك وعدم اليقين في موعد انجلاء هذه الغمة والتي دخلت حياتنا نجدها أصبحت جزء لا يتجزأ من حديث الناس جميعهم بدون استثناء: الكبير والصغير والشيخ والطفل والعامل والطالب، سواء تكلموا عن المشكلة أو مدتها أو حلولها أو في أكثر الأحوال تفاؤلاً التعايش معها.

ففيروس الكورونا أصبح حالة يعيشها ويفكر الكل في كيفية شكل عجلة الحياة مرة أخرى وكيف ستسير بوتيرتها المتسارعة وهذا يذكرني بعنوان فيلم شهير ظهر في 2005 وهو “Living with the Enemy” “العيش مع العدو” حيث أننا فى ظل وجود هذا الوحش الخفى الذي يهجم بشراسة على الشخص ويحاول الفتك به سنستطيع البقاء وبقوة, ولكن كيف؟

الإجابة المنطقية أنه بالعلم طبعاً بعد إيجاد اللقاح والأدوية التي تعالج هذا الوباء، ولكن الإجابة العملية هي أنها بفطرة الانسان المتشبث بالحياة والذي استطاع ويستطيع أن يتكيف مع الوضع الجديد بالوسائل المختلفة التي ستؤهلنا كبشر أن نتقابل وبحرص شديد مع الاحتفاظ وبالمسافة التي تحمين وقد تكون بتغطية الوجه واليدين في الأماكن المزدحمة.

في واقع الأمر هناك تساؤلات كثيرة تدور في ذهنى كأحد المهتمين بشئون السياحة وقد لا أجد إجابات محددة لها ولكن تدق أجراس الإنذار بأهميتها وهي على سبيل المثال:

ما هو شكل السياحة والترفيه والاستثمارات السياحية وتكلفة الإقامة في الفنادق إذا ما نجح الإنسان أن يقضى على هذا الوباء أو يتخطاه في إطار السرعة المتناهية في كل شيء التي أصبحنا نعيشها؟

ما الذي سيحدث في عالمنا السياحى إذا ما اكتشف اللقاح وتم استخدامه بنجاح هل المنشآت السياحية بشكلها وتكاليفها الحالية ستستمر؟

مما لاشك فيه أن المستثمرين سيطالبوا بأن يتواكبوا مع شكل السياحة بعد الكورونا لأننا نستمع الآن إلى أصوات في دول أخرى سياحية ومنافسة لنا تتجه نحو ضرورة دعم الحكومات لتحويل عدد من المنتجعات السياحية إلى مناطق معقمة ومعزولة تماما صحياً بل يذهب البعض إلى وضع شروط لدخول الزائرين بحيث لابد أن يكون النزيل من حاملي الشهادات الصحية التي تفيد بخلوه من الكورونا إلى جانب وجود تأمين صحى خاص بالكورونا.

هذا وقد يتبادر أيضا إلى الذهن أن وجود فنادق ومنتجعات معقمة سيتطلب بدوره توظيف عدد لا بأس به من الاطباء والممرضين في ظل وجود عجز لهذه الوظائف الحيوية مما يرفع الطلب عليهم ومن ثم ترتفع اجورهم. أهمية استخدام أدوات نظافة وتعقيم بكميات أكبر وأدوات طعام قابلة للاستخدام مرة واحدة(disposable) وفرض شراء الأقنعة والقفازات مع تغير في شرائح النزلاء واختفاء نظام الرحلة الشاملة (All Inclusive ) فماذا نحن في مصر فاعلون؟

كما أتفق مع الآراء التي تؤكد أن السفر أيضا لن يكون سهلاً لأن هناك ترتيبات وإجراءات ستتطلب من المطارات ووسائل النقل الجماعي كضرورة المرور في مناطق تعقيم خاصة ومتطلبات وجود شهادات صحية وقد تصل إلى إجراءات تحاليل قبل السفر مباشرة للتأكد من خلو المسافر من أي أمراض قبل ركوب سائل النقل مما يفقدنا المسافر صاحب القرارات في اللحظة الأخيرة ( last minute booking). وهنا نتساءل على الاستثمارات في أجهزة الكشف المطلوبة في المطارات وفي المركبات السياحية التي تنقل السائحين من وإلى المنتجع ؟ وأيضا الاستثمارات التى ستفرضها بعض الدول لدخول المواطنين حدودها إلى جانب تلك الخاصة بالكشف عن المعادن والأسلحة وما إذا تطلب الأمر أجهزة التعرف على الوجه ال” بيوماتريك” لأن هذا الوجه مغطى بالأقنعة الطبية الإلزامية.

وماذا عن المطاعم ومتطلبات استخدام الأدوات ” استخدام مرة واحدة” وتعارضها مع البيئة لأنها بلاستيكية الصنع وقد وضعت لوائح في عدد من المقاصد السياحية المصرية والفنادق بعدم استخدام المنتجات البلاستيكية تشجيعا للسياحة الخضراء، فهل سنضحى بالبيئة وندهددها لصالح البشرية؟

وماذا عن وسائل الترفيه الأخري (المسارح والسينما وغيرهم) في ظل التباعد الاجتماعي الذي يتطلب التضحية بمقاعد فارغة لضمان عدم الإلتصاق مما سيرفع من التكلفة بشدة في المدى القصير. أما في المدى المتوسط والطويل فإعادة تصميم وسائل النقل ( طائرات – مركبات- سفن ) ووسائل الترفيه سيتم أكيد آخذاً في الاعتبار تباعد المقاعد وإن كان سيرفع التكلفة على المستثمرين وعلى الشركات الناقلة وشركات السياحة وهنا أيضا لابد من تدخل الدولة لمساندة هذه القطاعات ذات الأهمية البالغة في توفير العمالة والنقد الأجنبي.

إلا أننى من حزب المتفائلين وعلى ثقة تماماً بأن قطاعنا السياحي في مصر قادر على التواكب ومجاراة كل هذه المتطلبات والتي من المهم قبل المناداة بعودة السياحة لمعدلاتها الطبيعية حتى بشكلها الجديد أنه سيتأهل لهذه التغيرات وبسرعة لقدرته الفائقة على الصمود أمام أي أزمات حتى لو كانت جائحة الكورونا وأيضا على ثقة بأن الحكومة ستسانده لتحقيق هذا التغير وقد ظهرت هذه المساندة فور حدوث الأزمة وقد أيدها البرلمان المصري في إقرار صلاحيات سلطة الطوارئ لمواجهة فيروس الكورونا مما يؤكد حرص الدولة المصرية كلها على استمرار وتخطى قطاع السياحة لهذه الأزمة.

وفي النهاية من المؤكد أن العمل بالاحتياطات الصحية المطلوبة والإجراءات الاحترازية مع الشروع في التأقلم مع السياحة بعد الكورونا هو الالسبيل الوحيد لعبور هذه الأزمة. حفظنا الله جميعا وحفظ الله مصر والإنسانية جمعاء.

كاتبة المقال 

الأستاذة الدكتورة عادلة رجب 

رئيس مجلس الإدارة لشركة مصر للسياحة

مدير مركز البحوث والدراسات الإقتصادية والمالية بكلية الإقتصاد والعلوم السياسية جامعة القاهرة

نائب وزير السياحة الإسبق، 

   

مقالات ذات صلة