المنطقة الحرة

الكاتب الصحفى محمد قنديل يكتب لــ” المحروسة نيوز ” عن : يوم الضمير العالمى

في يوم 11 أبريل، 2020 | بتوقيت 2:54 مساءً

جاء فى صمت ورحل فى صمت دون احتفالات كبرى أو ضجيج أعلامى وطنطنة فضائية حنجورية وكأن العالم أثر ألا يفضح نفسه ويعلن عن “يوم الضمير العالمى ” الذى جاء على استحياء رغم انقراض الضمير لدى البشرية ،التى نالت جزاءها لانعدام ضميرها وبليت بوباء كورونا القاتل للإنسان ونشاطه الاقتصادى والاجتماعى والحياتى بصفة عامة لأن الضمير نائم فى سبات عميق .

الضمير صوت الله فى الإنسان ،قوة باطنية تميز بين الخير والشر والعدل والظلم فتأمر وتنهى وتبعث على الرضا أو الندم ، قوة فى الإنسان تجعله يميز بين مايجوز عمله ومالا يجوز ، مجموعة من المبادئ الاخلاقية التى تسيطر وتتحكم فى أعمال الإنسان وافكار واحساس داخلى بكل ماهو صحيح او خاطئ فى سلوك الشخص او دوافعه .

ويحدد الضمير درجة نزاهة وأمانة الإنسان وشعوره بالسلام الداخلى نتيجة نقاء ضميره المبنى على القيم الموجودة لديه ومعرفة الصواب والخطأ والخير والشر والعدل والظلم وهى قيم تتشكل من خلال بيئة الانسان التى يعيش فيها حيث يتأثر ضمير الإنسان بالبيئة الثقافية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية ، وكلما اقترب داخل الإنسان من الضمير أصبح لديه تصورا أعلى لهذه المفاهيم والقيم .

فالضمير أعلى سلطة معنوية لدى الإنسان فهو يقيم المعلومات التى يتلقاها ثم يحدد طبيعة التصرف ان كان خيرا أو شرا وذلك بخلاف الادراك الذى يعتبر وظيفة من وظائف العقل حيث يتلقى العقل المعلومات ويعالجها ثم يخزنها أو يرفضها ويتم ذلك بمساعدة عدة عناصر وهى الحواس الخمس وقدرة العقل على التفكير والذاكرة والخيال والعاطفة .

ويختلف الادراك عن الضمير فى آلية عمله حيث تعد آلية عمل الإدراك معقدة جدا مقارنة مع آلية عمل الضمير والتى هى أبسط بكثير لذا تم اختيار الإدراك فى جوانب عديدة مثل الفلسفة والطب النفسى والفسيولوجيا والمرونة العصبية إلا ان جانبا كبيرا من الضمير لايزال مجهولا حتى الان .

واستجابة لمبادرة الشيخ خليفة بن سلمان آل خليفة رئيس وزراء مملكة البحرين تم اطلاق الاحتفال بيوم الضمير العالمى فى العاصنة النمساوية فيينا فى ابريل عام 2019 بهدف تحفيز المجتمع الدولى على حل النزاعات بالطرق السلمية واعتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة بالإجماع فى دورتها الثالثة والسبعين مشروع القرار الذي تقدمت به مملكة البحرين وأعلنت يوم الخامس من أبريل من كل عام يوما دوليا للضمير .

ويسجل الاحتفال بمبادرة تحمل اسم مملكة البحرين فى منظمة الأمم المتحدة شهادة تقدير عالمية لمملكة البحرين كوطن للسلام والتعايش والتأخى وتأكيدا دوليا على ماتوليه مملكة البحرين بقيادة الملك حمد بن عيسى آل خليفة من اهتمام وحرص على القيام بدور فاعل واسهام واضح فى كل جهد دولى غايته تقدم وخير الإنسانية وتحقيق الأمن الدائم والسلام المستقر والتنمية المستدامة فى مختلف أنحاء العالم.

كما يؤكد الاحتفال بيوم الضمير العالمى مايحظى به الشيخ خليفة بن سلمان آل خليفة رئيس الوزراء البحرينى من مكانة وثقل دوليين ولاسيما على صعيد مبادراته وجهوده لإرساء السلام العالمى وتعزيز التكاتف والتعاون الدولى للمضى قدما فى جهود التنمية المستدامة .

ونحن نحتفل بيوم الضمير العالمى نتساءل أين الضمير ؟

أين الرقابة العليا التى تحيط بالإنسان فى حركاته وتصرفاته وأفعاله ؟

أين دليل الإنسان نحو الحق ومانعه من الشر ومؤنبه على الخطيئة ؟

هل ضاع الضمير الإنسانى وضاعت معه كل القيم والمبادئ والمثل والرموز التى تسكن أعماق الإنسان وتحدد مصيره ؟

نعم ضاع الضمير ونام فى سبات عميق مع الموتى فى قبورهم وأصبح لاصوت له فكان الشر والدمار الذى احاط بالبشرية ، وكان الباطل والظلم والفوضى والقتل سمة لهذا العصر الذى تمادى فى غيه لأنه خسر ضميره وانحرف عن جادة الصواب وجاءت نذر الله وفى مقدمتها وباء كورونا عسى ان يفيق الإنسان ويستيقظ ضميره ويسترجع قيمه ومبادئه التى انزلها الله رب العالمين فى كتابه قائلا “وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان “.

إنها رسالة ربانية واضحة للعيان تدعو العالم أجمع ليقظة الضمير ليصبح الاحتفال بالضمير ويومه العالمى عيدا للبشرية تطلق فيه الاحتفالات بدلا من أن يأتى فجأة ويرحل فى صمت كصمت القبور على استحياء لأنه فى عداد الموتى وينتظر عودة الروح من رب العالمين القادر على هداية عباده الى الطريق المستقيم بضمير وقلب سليم .

   

مقالات ذات صلة